البحرين والتطبيع مع إسرائيل: أوهمهم بأن ذلك لن يحصل الآن ثم عالجهم بالصدمة (سيناريو مؤتمر ريادة الأعمال)
2020-09-07 - 10:16 ص
مرآة البحرين (خاص): أعطت البحرين انطباعاً عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو إلى المنامة (25 أغسطس/ آب 2020) بأنها لن تسارع في توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل وأنها ملتزمة بالمبادرة العربية وحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية. وبدا في ذلك أنها تحذو، بهذا، حذو المملكة العربية السعودية المهيمن الفعلي على قرارها، والتي أكدت على لسان وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان أنها لن تحذو حذو الإمارات في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما دام الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يُحل.
لكن ذلك ليس سوى انطباع كاذب أرادت تمريره لامتصاص الرفض الشعبي واحتواء تأثيره ما أمكنها ذلك. وهو يعيد إلى الأذهان سياستها الماكرة في التعامل مع مؤتمر "ريادة الأعمال" الذي عقد في المنامة 16 أبريل/ نيسان 2019. الحقيقة أن البحرين ذاهبة على خطى الإمارات وليس السعودية.
لنعد بالذاكرة قليلاً إلى الوراء وما حصل في هذا المؤتمر على وجه التحديد منذ إعلان الجهة المنظمة "صندوق تمكين" عن مشاركة ثلاثة إسرائيليين على الأقل في المؤتمر كمتحدثين رئيسيين وحوالي 45 آخر كمشاركين عاديين.
لقد سارعت الفعاليات الشعبيّة والمدنية إلى إطلاق حزمة من أنشطة الضغط واسعة النطاق ضد هذه المشاركة حال معرفة ذلك أدت في النهاية إلى انسحاب كثيرين من المؤتمر؛ خاصة المشاركين البحرينيين والخليجيين، واضطرار منظميه إلى إلغاء العديد من الندوات المجدولة على أجندته. كما قام محامون برفع دعوى إلى المحكمة المستعجلة لمنع إصدار تأشيرات دخول للوفد، وهي الدعوى التي رفضتها المحكمة؛ لكن تأثيرات كل ذلك قادت في المحصلة إلى إعلان إلغاء الوفد الإسرائيلي زيارته. وهو الأمر الذي قوبل بارتياح عام لنجاح حركة الرفض الشعبية؛ لكنه أدى بين ما أدى أيضاً إلى فتور هذه الحركة واسترخائها.
ثم فجأة كانت المفاجأة!
جميع أعضاء الوفد الإسرائيلي تواجد في المنامة. العديد من الشخصيات الإسرائيلية يفوق الأعداد المعلنة وعلى رأسهم وزير الاقتصاد إيلي كوهين ووزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبي ليفني؛ كانوا جميعا يتجولون ليس في غرف المؤتمر فقط بل كل نواحي المنامة وحواريها. بل راح الإسرائيليون المشاركون يلتقطون العديد من الصور المستفزة مثل تلك التي التقطها صحافي إسرائيلي أمام الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مستعرضاً جوازه الإسرائيلي ما أثار ردود أفعال كثيرة.
تلعب البحرين، الآن، على الصعيد الإعلامي، اللعبة إياها في التغطية على كواليس الطبخة الجاري التحضير لها بشأن اتفاقية السلام بين البحرين وإسرائيل. فبعد التأكيد القوي في وسائل الإعلام الإسرائيلية ومن جانب المسؤولين الإسرائيليين بأنها ستكون الدولة العربية رقم "2" التي توقع سلاماً مع إسرائيل بعد الإمارات؛ سارعت لتفعيل الحركة المراوغة إياها. فقد أصدرت بياناً عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو إلى المنامة الأسبوع قبل الماضي جددت فيه موقفها من المبادرة العربية للسلام وحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية. وهو ما فهم منه بأن البحرين ليست في وارد المسارعة في التطبيع الرسمي والعلني مع إسرائيل؛ على الأقل في الوقت الحاضر. وراح بعض حارقي البخور يصفق لها لهذا الموقف المبدئي. لكن ذلك ليس سوى ممارسة للحيلة السابقة إياها: دع إعلامك يكذب عليهم؛ ويخدرهم ثم نفّذ ما في رأسك عن طريق "الصدمة" السريعة والمباغتة. لا تدع لهم ــ أي شعبك ــ أي وقت حتى لإبداء النقد والبرم.
ثلاثة قرارات اتخذتها البحرين بشكل متسارع في بحر الأسبوع الماضي تظهر نواياها الحقيقية لما هي مقدمة عليه: فتح أجوائها أمام الطيران الإسرائيلي من وإلى الإمارات، عرقلة الطلب الفلسطيني لمناقشة اتفاقية السلام الإماراتية - الإسرائيلية في الجامعة العربية، وأخيراً المرسوم الغريب الصادر من ملك البحرين الذي يحظر توجيه النقد أو اللوم أو الاتهام للحكومة في مجلس النواب.
الحقيقة أن الحفلة أصبحت جاهزة وصاخبة أكثر من التصور ولم يتبق سوى دخول العرسان. نقل تلفزيون "كان" الإسرائيلي عن مسؤول قوله إن التطبيع الرسمي مع البحرين، سيكون مباشرة بعد توقيع الاتفاقية بين إسرائيل والإمارات في العاصمة (واشنطن) في 13 سبتمبر/ أيلول الجاري. حتى ذلك الموعد سنسمع الكثير من الدعايات المضللة لتشتيت الانتباه والإيحاء بأن ذلك لن يحصل.