السعودية والكويت قررتا السماح بإقامة عاشوراء مع الاحترازات... أما البحرين فقررت الصدام

أجلت الأوقاف الجعفرية اجتماعا مع ممثلي المآتم وأجرت اجتماعا شكليا مع الفريق الطبي وخرجت بقرار انفرادي
أجلت الأوقاف الجعفرية اجتماعا مع ممثلي المآتم وأجرت اجتماعا شكليا مع الفريق الطبي وخرجت بقرار انفرادي

2020-08-14 - 10:03 م

مرآة البحرين (خاص): يتوقع مصدر طبي أن تقفز أعداد المصابين بفيروس كورونا في البحرين إلى 600 حالة يوميا خلال عاشوراء، حتى مع غلق المآتم، إذ من المتوقّع أن يتم تنظيم المجالس الدينية داخل البيوت سرّا، ما سيحول دون التعقّب المباشر. 

مثل هذا الرأي رُبّما يعضّد فكرة إحياء المراسم الدينية علنا بأعداد محدودة، لتكون تحت السيطرة، بدلا من فقدان السيطرة تماما على هذه التجمّعات إذا ما نظّمت سرّا، خصوصا إذا تمنّع المشاركون عن اللجوء للمستشفى خشية التبعات الأمنية. 

السلطة الحقيقية التي تريد احتواء العواطف الدينية للناس، والحيلولة دون أن تُهدد مشاعرهم الإيمانية حياتهم، تتصل بهم، تخاطبهم، تتحدّث معهم، لا تهدّد مؤسّساتهم بالغلق والتشميع والغرامات والاعتقال والسجن والتنكيل. هي لم تجتمع (عبر ممثليها الذين يعيّنهم الملك في الأوقاف الجعفرية) بإدارات المآتم (اجتماعها السنوي) حتى هذه اللّحظة، رغم أنه لم يتبّق سوى 5 أيّام على بداية الموسم.

المشهد يشكّك فعلا في نوايا السلطة حتى لو كان الظرف مانعا بالفعل، إنّها كمن يبحث عن "الحجّة" لإسكات هذه الشعائر كلّيا. 

في العراق الذي يواجه مؤخّرا حظر تجول وقيود مشدّدة بسبب الجائحة، قالت السلطات إنّها لم تتّخذ قرارا نهائيا بعد بخصوص إحياء ذكرى عاشوراء، لكنّها بدت بعيدة عن السماح برفع القيود. مع ذلك قال مسئول إن قرار السلطات سيأخذ رسالة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني فيما يخص التعامل مع مراسم عاشوراء بنظر الاعتبار.

في البحرين السلطة لا تعترف مع الأسف بعلماء الدين الشيعة، ولا بالمؤسّسات الأهلية. هي لا تريد صوت عاشوراء لا هذا العام ولا بعده. على مدى السنوات العشر الماضية حاربته بقوّة، لكونه المنبر السياسي الوحيد الذي  تبقّى لمواجهتها ونقدها. وحتى هذه اللحظة لا يزال عدد من خطباء المنبر الحسيني المعروفين يقبعون في السجن بسبب خطبهم مثل الشيخ عبد المحسن الجمري. 

حتى في السعودية والكويت، تم السماح بتنظيم الشعائر الدينية (الشيعية) وفق الاحترازات، وبموافقة السلطات.

الجدل والانقسام وتعارض الآراء إزاء ذلك أمر طبيعي، لو بقي خارج دائرة الاستهداف السياسي والديني. هناك جدل حول سلامة السماح بإحياء الذكرى جماهيريا حتى في إيران، وهناك جدل في لبنان انتهى بإعلان المؤسّسات الشيعية إحياء عاشوراء في المنازل فقط (رغم أن أعداد الإصابات اليومية هناك لا يزال أقل من البحرين، في مقابل مجموع سكّاني أكبر). 

على مدى اليومين الماضيين، سجّلت البحرين 460 حالة في كل يوم، وارتفع عدد الحالات القائمة مجددا لأكثر من 3300، وهو نذير شؤم لا مناص من الاعتراف به، خصوصا مع كون غالبية الحالات بين البحرينيين. 

لكن السؤال ليس فقط كيف يجب أن تتعامل السلطات مع مراسم عاشوراء الروحانية المقدّسة لدى المواطنين الشيعة (وهي الجهة التي تقمع حرّياتهم الدينية والسياسية بشهادة الخارجية الأمريكية)، السؤال هو إذا ما كانت الحكومة ستراجع فعلا كل جدول رفع القيود الذي يبدأ مطلع الشهر القادم؟  

اتّخذت الحكومة قرارا خطيرا باتّباع سياسة "كل من إيده إله"، في المدارس فقط، وليس في المآتم والمساجد بالطبع. إنّها على ثقة بأن أولياء الأمور (البسطاء وغير المنظّمين) قادرين جدّا على اتّخاذ القرار المناسب فيما يخص إرسال أبنائهم للمدارس أو لا (الشهر القادم)، مع إجبار المدارس على تنظيم استقبالهم في الصفوف تحت شرط التباعد الاجتماعي وتقليل الأعداد ولبس الكمامة والتعقيم ووو

كل ذلك مقبول في المدارس، ممكن لإدارات المدارس، ممكن للطلاب، وممكن للآباء والأمّهات، لكنّه… غير مقبول (وممنوع بشدّة) في المآتم، غير ممكن لإداراتها، وغير ممكن للمواطنين الشيعة. 

من حق ولي الأمر أن يُقرّر أن يرسل أبناءه للمدرسة أو لا، ولكن ليس من حق المواطن الشيعي أن يُقرّر أن يذهب للمأتم أو لا! 

هل تخاف الحكومة كورونا، أم سمّاعة المأتم؟ أفيدونا يرحمكم الله!