هؤلاء هم خلية توزيع «اللاريكا»: رفعت الأقلام وجفّت الصحف (1 - 2)
2020-07-30 - 11:21 م
مرآة البحرين (خاص): حان الوقت كي يتعرف البحرينيون على أحجية قضية حبوب "اللاريكا" كاملة من "طأطأ للسلام عليكم". فالتعويل على أجهزة إنفاذ القانون كوزارة الداخلية أو النيابة العامة أو القضاء ليس إلا عملية حرث في السراب. لقد سبق للشاعر أحمد مطر أن أخبرنا في واحدة من لافتاته الساخرة لكن ذات الدلالة بأن "من يملك القانون في أوطاننا هو الذي يملك حق عزفه". وهذا هو الحال.
الواقع أنه بعد خمسة أشهر منذ بدء الكشف عن رأس جبل هذه القضية المثيرة في مارس/ آذار 2020 وبعد تشكيل لجان التحقيق ولجان الانضباط والاستجوابات انتهى بنا الحال ــ في الخلاصة ــ إلى إدانة الأخصائية التي تبرعت بالكشف عن الواقعة وقرع أجراسها د. شريفة سوار واتهامها بالكذب. إضافة إلى تكييف التحقيقات لتصبّ جميعها في إدانة الطالبة الشاكية. ومؤخراً من أجل ذرّ الرماد في العيون أخبرتنا وزارة الداخلية في بيان عن إلقاء القبض على 3 أشخاص قاموا بسرقة كمية من المهدئات والحبوب المخدرة من مجمع السلمانية الطبي قوامها 60 ألف حبة. وقد أخبرتنا الداخلية كل شيء تريد منا معرفته عن جريمة عامليّ مجمع السلمانية. لكن لا شيء عن "الشخص الثالث" مشتري الأدوية المخدرة أو من هو ظهره ومن الذي يقف وراءه. وكيف له أن يتجرأ بعد كل ما أثارته هذه القضية من تفاعلات وضجّة منذ مطلع العام على مواصلة فعل ذلك.
ابتسم، فأنت في البحرين!
أنت في بلد يتولى فيه ابن الملك إدارة ودعم "خلية اللاريكا"؛ ليس من المقعد الخلفي بل من الطليعة. نعم أنت لم تقرأ الجملة بشكل خاطيء، "ابن الملك" أو النجل الخامس الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، هو الرأس الأول المدبّر وأكبر مسئول متورط في خلية ترويج حبوب "اللاريكا" في مدارس البنات والذي هو نفسه مدمن هيروين وحبوب "الكبتاجون".
عندما تحدق في صورته بعد اليوم وبعد أن تقرأ هذه المعلومات؛ وترى كيف ذوَت شفتاه واسودّتا حتى تكاد تشم من البعيد توقيع البودرة والبيسة المحروقة عليهما فعليك أن تعرف أي فعل فعله الإدمان به. وكيف حوّله من "شيخ" يتم الشق الطريق له كي يصبح قيادياً كبيراً في الدولة إلى مجرّد "شمّام" صغير.
"مرآة البحرين" تابعت هذه القضية منذ بواكير بروزها في مطلع العام. وتمكنت من عقد لقاءات على فترات مختلفة مع عدد من الطالبات والمعلمات والمشرفات إضافة إلى عاملين في "التربية" والذين باحوا لها بالعديد من التفاصيل المثيرة كما تحفّظ البعض منهم في التحدث خشية من الانتقام. وقد توصلت معهم إلى رسم هيكل تفصيلي لكل خلية توزيع "اللاريكا" بكامل أسمائهم ومناصبهم. إضافة إلى ذلك فقد اطلعت أيضاً على كامل ملفات القضية منذ بدء استجوابات وزارة الداخلية "الشكلية" للشخصيات المعنية إلى مرافعة النيابة إلى مداولات المحاكم.
ونحن نعرض حصيلة جولة المتابعة هذه إلى الرأي العام وإلى نخب المجتمع البحريني والمجلسين النيابي والشورى ومن ما يزال لديه ضمير بعد من مسؤولي الدولة.
يعرف الرأي العام البحريني أو لعله اطلع بشكل واف على تفاصيل عامّة تتعلق بقضية "اللاريكا" وما آلت له. لكن ما يحتاج إلى معرفته هو وضع النقاط على الأحرف لكيلا تظل القضية مبهمة أو ملتبسة مزيداً من الوقت. ليتأمّل معنا القاريء في السطور القليلة التالية:
"لا أعلم كيف أبدأ مرافعتي. هل أبدأها بسلام؟ فالمتهمة لم تجعل مجالاً للسلام. هل أبدأها باسم الله؟ هي تخلت عن أبسط مبادئ الإسلام. غرّبت شمس يوم الثلاثاء الموافق 23 مارس من عام 2019، عمت السكينة أرجاء الوطن، وفي تمام الساعة الحادية عشر مساء فجرت المتهمة قنبلة نووية، أثارت السماء، ليست بشمس مشرقة بل نار محرقة، حرقت آمال الشعب البحريني، نزعت الأمان من قلوبهم، وكانت بمثابة بركان تدرج بسرعة قصوى، التهمت نيرانه أرض الوطن الخصبة بالأمان، احترقت روعاتها، ذبلت أزهارها، شوهت أجمل معالمها، ماضيها وسماتها، ولكن لن نسمح بأن تمس بحاضرها. نعم سيدي الرئيس جئنا اليوم لنعرض على مسامعكم قضية من أبشع القضايا التي مرت على الشعب البحريني، فهي ليست واقعة قتل واغتصاب، بل هي أبشع من ذلك" (الصورة).
* من مرافعة النيابة العامة ضد الأخصائية النفسية د. شريفة سوار
عندما تقرأ هذه الديباجة الأدبية التافهة تخال أنك أمام أحد الكتبة العموميين الفشلة يحاول يائساً تقليد واحدة من مقامات بديع الزمان الهمداني. لكن مهلاً؛ فما قرأته للتوّ هو مرافعة النيابة العامة ضدّ الأخصائية النفسية د. شريفة سوار بعد كشفها قضية انتشار حبوب اللاريكا وسط طالبات مدرسة مدينة حمد في الفيديو المعروف والتي بموجبها حكمت المحكمة الصغرى الجنائية بحبسها سنة وتغريمها 200 دينار وكفالة 500 دينار لوقف تنفيذ الحكم. نعم مرافعة النيابة الدامغة!
إنّ نيابة مثل هذه؛ وقضاء مثل هذا؛ ليس خليقاً بهما على الإطلاق إماطة اللثام عن هذه القضية الخطيرة التي تهز المجتمع البحريني وما تزال تتفاعل حيثياتها حتى الساعة. بل هما متورّطان طولاً وعرضاً، ومسئولان عن التستر على الجناة الحقيقيين. وتكفي قراءة مثل هذه الديباجة وحجم التواطؤ فيها كي تعرف أنّ وراء الأكمّة وراءها.
تتفق معظم روايات من التقتهم "مرآة البحرين" على ذكر أربع شخصيات من العائلة الحاكمة تحتمي بهم جميع الطالبات اللاتي يقمن بتوزيع وبيع الحبوب المخدرة كما يقمن بتكرار أسمائهم باستمرار أمام من تستجبن لضغوطهن ويقبلن التعاون معهن: الشيخ خالد بن حمد آل خليفة؛ نجل ملك البلاد النائب الأول لرئيس المجلس الاعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الاولمبية البحرينية. الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة؛ نجل ملك البلاد ممثل الملك رئيس المجلس الأعلى للبيئة. الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة؛ رئيس مجلس أمناء وقف عيسى بن سلمان التعليمي. الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة؛ المفتش العام بوزارة الداخلية وهو الشخص الذي لعل كثيرا من البحرينيين الذين تابعوا هذه القضية من البداية يتوقون إلى معرفة من يكون "فلان بن فلان".
نعم "فلان بن فلان" هو الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة؛ المفتش العام بوزارة الداخلية. وهو الشخص الذي يقوم كل من موظفيّ الداخلية إبراهيم بوعلاي ومحمد هزيم بتهديد الطالبات به عند رفضهن التعاون معهما في توزيع الحبوب المخدرة على زميلاتهن في المدرسة أو وعدهن بحوافز.
حين تعرف كل ذلك تفهم الآن كيف آلت خواتيم هذه القضية إلى ما آلت إليه. كيف تمت لملمة أحداثها الخطيرة ودسها في غبار الأدراج وتغطية "القطط السمان" فبتنا بين ليلة وضحاها أمام واقعة "نشر أخبار كاذبة" ليس أكثر. وحتى مع إعادة فتحها مؤخراً بعد أن هزلت وبانت كلاكلها ألقي لنا بطعم عامليّ السلمانية. أصغر قفازين في مسرح الجريمة. أما "الكبار" فأسماؤهم ومقاعدهم محميّة وأبعد من أن تُمس. لكن ليس بعد اليوم.
في الحلقة الثانية تعرض "مرآة البحرين" الأدوار التي قامت بها الشخصيات المذكورة. من يقوم باستدراج الفتيات وإيقاعهن في فخ المخدرات. ومن هم القفازات القذرة الذين ينوبون مناب الشيوخ ويشكلون حلقة الوصل بينهم وبين طالبات المدارس. ليس فقط في توزيع "اللاريكا" التي اعترفت وزارة الصحة لاحقا بأنها حبوب مخدرة وحظرت صرفها ما لم تكن بوصفة. بل حتى في قضايا الإتجار بالقاصرات المتورط فيها ابن آخر من أبناء الملك.
* كيفت وزارة التربية ووزارة الداخلية والنيابة العامة جميع التحقيقات لتصب في إدانة الطالبة التي كشفت تداول حبوب "اللاريكا" في مدارس البنات