إبراهيم الدوسري… ضحية صراع أجنحة أم مشكلة دولة ما عادت دولة؟

إبراهيم الدوسري... ذراع لخليفة بن سلمان لم تعد تكفي!
إبراهيم الدوسري... ذراع لخليفة بن سلمان لم تعد تكفي!

2020-06-29 - 4:18 ص

مرآة البحرين (خاص): لعلها تجربة مريرة يمر بها هذه الأيام الوكيل السابق في مجلس الوزراء، إبراهيم خليفة الدوسري، رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي لمنظمات التدريب وتنمية الموارد البشرية IFTDO. ولكنها ستكون ثرية من دون شك، ولعلها مفيدة رغم حجم الضرر النفسي والبدني. هذه ليست مقالة في الشماتة. فالأنذال وحدهم من يشمتون في ساعة ضعف البشر. ولكنها تذكير بحقائق مغيبة ظلّ قسم من البحرينيين يغض البصر عنها أو ينظر لها على أنها محض خرافات أو من تأليف متآمرين على الدولة. 

في هذه التجربة سيتعرف الدوسري عن قرب على كيفية عمل المؤسسة العقابية في بلادنا بكافة هيئاتها، شرطة ومحققين ونيابة عامة وقضاء. وكيف يتمّ تركيب القضايا وتلفيق التهم وإهدار إنسانية السجين والتنكيل بكرامته عبر شتى أنواع الإكراهات النفسية والضغط والتعذيب الجسَدي. 

بالنسبة إلى الدوسري فهو لم يرتكب أية جريمة. فمأساته بدأت فقط من ساعة اختراق حسابه على "تويتر"، وما استتبع ذلك من انكشاف جانب من تحيّزاته تجاه جناح نافذ في الدولة، لتتحوّل بعدها أيامه ولياليه إلى أرق فوق أرق فوق أرق. 

خلال هذه الرّحلة المرّة سيرى الدوسري كيف أن دولتنا ليست دولة إنما عصابة. وكيف أنّ كل العبارات التافهة التي ترددها أجهزة الدعاية الحكومية عن دولة القانون وحرية التعبير واستقلالية القضاء ليست سوى ديكور. على أنه ديكور لم يعد ديكوراً بعد أن نخره السوس فبانت كلاكله. 

سيرى كيف أنّ مصيره الإنسانيّ وأداة إنصافه معلّقان بتدخّل أحد ما؛ رأسٌ كبيرة أو "هامور" نافذ. فإذا لم تتدخل هذه الرأس  ولا هذا "الهامور" فليس له إلا الله. والله وحده العالم بأحواله.

في الواقع إنّ هذا هو حال الجانب الآخر من بلادنا. القسم الذي لم تُتح للدوسري فرصة تعرف حقيقية على تراجيدياه وعذابه أو لعله لم يرد التعرف عليها لأسباب تتعلق به. لقد أخطأ الدوسري حين كان يكتب متلذذاً بإغلاق صحيفة "الوسط" يوم إغلاقها. وأخطأ حين كان يشمت بإعدام المعارضين "Mission accomplished" يوم إعدامهم. وحين كان يرد بالشتائم المتكررة على حقوقي عالمي كبير مثل براين دولي، مدير المدافعين عن حقوق الإنسان في "هيومن رايتس فيرست". 

لكنه سيكتشف الآن أن شارع هؤلاء هم من سيقف معه. هم من سيقف مع قضيته حيث قاده سوء حظه أن ينتقل من وكيل وزاري وقيادي تنموي إلى سجين رأي. ويحمل ملف معاناته إلى الإعلام والمحافل. نعم، هم أنفسهم... "الخونة"! أما "الشرفاء" ففي وادٍ آخر.

ما يمكن أن يأمله المرأ للدوسري زيادة على إطلاق سراحه، هو فقط أن لا يخطيء الخطأ الساذج إياه وهو يتدبّر معاني كل ما يحصل له في الغرفة السوداء المظلمة. كأن يتوهم بأن ما يجري له هو محض لعبة جناح متطرف في الدولة أصبح نافذاً ويتفوق على الجناح الذي ينتمي له. بل تلك هي مشكلة الدولة. الدولة بأكملها بأجنحتها وبطونها وأفخاذها وصقورها وحمائمها. لم يعد ثمّة استثناء. 

لقد دمرت مستقبلات آلاف الشبّان البحرينيين بتهم ملفّقة مثل تلك التي يجري تلفيقها له الآن. واستبيحت بيوت وانتهكت حرمات كما استبيح بيته وانتهكت حرماته. بقي أن نفهم الدرس: لا أحد في مأمن، لم يعد أحد في مأمن في بلادنا أكان معارضاً أم موالياً للنظام. أما الدرس الأبلغ فيبدأ بعد أن نسلم بكل ذلك ونسأل أنفسنا جميعاً كبحرينيين. ما العمل إذن؟