20 يونيو: إسقاط جنسية أحد الآباء المؤسسين لدستور البحرين

آية الله الشيخ عيسى قاسم عضواً في المجلس التأسيسي وفي أول برلمان منتخب في العام 1973
آية الله الشيخ عيسى قاسم عضواً في المجلس التأسيسي وفي أول برلمان منتخب في العام 1973

2020-06-21 - 11:58 ص

مرآة البحرين (خاص) نعم، لقد كان يوم 20 يونيو في العام 2016، لحظة فاصلة، كان النظام حينها يحاول تتويج سنوات حفلات القمع الوحشي المستمرة منذ 16 مارس 2011 بقطف رأس القيادة الكبرى للطائفة الشيعية في البلاد: آية الله الشيخ عيسى قاسم هو الهدف.
إسقاط جنسية أحد الآباء المؤسسين المنتخبين لوضع أول دستور للبلاد بعد الاستقلال، واتهامه بغسل الأموال، وتجريم الخمس ومصادرة أمواله، وبعد 11 شهراً تحكم المحكمة بالسجن عليه لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ، لكنها تعود بعد عام في مايو 2017، لتقيم مذبحة بحق المواطنين المعتصمين أمام بين الشيخ، قتلت خمسة، وأسرت المئات، أطلق الرصاص، واعتدت بالضرب على النساء وكبار السن، فعلت كل شيء لتحوّل أبناء البلاد إلى أرانب مذعورة لكن لم تستطع أن تقطف رأس القيادة.
إن يوم 20 مايو وما تلاه من حوادث جِسام، هي أيام تمسّك أهل البحرين بإنسانيتهم، لم تجرّهم الجراح ليخطئوا الطريق والهدف، بل تمسكوا بالمطالب الأساسية الحقّة، التي تُبقي الكرامة لإنسان هذه الأرض، بقيت هذه المطالب في أيدٍ تؤمن بأن البحرين لجميع أبنائها، وأن الخصم هو الاستبداد، وليس أحداً آخر.
لقد بقي الشيخ عيسى قاسم بفضل تلك التضحيات سالماً، بدم خمسة من خِيرة الخِيَرة من أبناء الشعب، بقي محاصراً، وشاء القدر أن يخرج للعالم الأوسع، حاملاً في يده مطالب الشعب محافظاً على الأمانة، ولتبقى ببقائه القضية والهدف، وليعلن في 14 فبراير 2019 بمناسبة مرور ثمانية أعوام على الحراك الشعبي الكبير، إلى أنّ «متاعب البحرين الجمّة بسبب المواجهة القائمة لا تنتهي إلا بانتهاء هذه المواجهة التي لا سبيل لانتهائها إلا بأن يصار إلى قيام علاقة من نوعٍ جديدٍ بين طرفي الشعب والحكومة، تعترف بموقعية الشعب ومرجعيته في أمر توجيه حياته واختيار مصيره».
وهكذا تستمر المواجهة بين المطالبين بالحق الذين رفضوا التحول إلى أرانب خائفة أمام التوحش الضاري، أمام القمع الوحشي المستمر، أمام التمييز والعنصرية الوقحة التي يمارسها النظام على مرأى من كل العالم.
يلفتنا الكاتب الراحل ممدوح عدوان في كتابه المدهش حيونة الإنسان، إلى أنّ الحاكم القاتل لا يهمه، بالطبع، أن يتطور البشر، ولا حتى أن يظلوا بشراً، بل يريد كما يقول (عدوان) أن يحول شعبه إلى نمطين من الحيوانات: الأرانب أو الفئران المذعورة التي يتم تصنيعها على أيدي حيوانات أخرى، هي الذئاب الشرهة للدم، فيصبح الناس في ظل الحاكم القاتل نوعين: «أناس عبارة عن جلود وآخرون عبارة عن سياط، ويعيش الطرفان من دون إرادة أو حرية أو كرامة»، ويصبح بقاء الحاكم القاتل على الكرسي فترة طويلة، متوقفاً على مهارته في إدارة الصراع بين الطرفين، وفي إلقاء الكم اللازم من الفُتات للأطراف التي يحتاج إلى دعمها، حتى لا تنفجر غاضبة، فتطيحه من على كرسي الحكم.