كلب نبيل رجب
2020-06-21 - 2:11 ص
مرآة البحرين (خاص): شيئاً فشيئاً يعيد نبيل رجب النكتة السياسية إلى أيام مجدها. بوستاته تعليقاته مشاكساته مع قرائه، جميعها، تذكر بجرعة الكوميديا الساخرة التي أدخلها منذ 2011 على مشهدنا السياسي العنيد. من مستلقي والحبل النطّاط إلى صينية الزلابيا!
بالطبع ليس منتظراً منه أن يدلي بتعليقات أو آراء سياسية في ضوء الشروط والكيفية التي أفرج بها عنه. لكن من يمنعه من أن يسعد الناس؟ من يمنعه من أن يستشيرهم في نوعية الكلب الذي ينوي اقتناءه والذي ينبغي أن يكون بحسب شرط زوجته "في حجم علبة الكلينكس". أو من يمنعه من أن يتصرف بإيجابية ويأمل خيراً حتى في أشدّ الأوقات يأساً وسواداً.
هذا هو نبيل رجب. بكوميدياه ونهفاته وزلابياه. لم يتغيّر ولا حطمته سنين السجن الأربع؛ ولكنه يتأقلم. يتأقلم مع واقع جديد لم تتغير موضوعاته؛ ولا شجونه أو قضاياه. ولكن تغيرت ظروفها. وللظروف كما يقال دائماً أحكام. سيختلف كثيرون مع نبيل رجب؟ هذا وارد. لنرجع إلى البداية. لم يقدم نبيل رجب نفسه أصلاً كشخص منسجم. كجزء من فريق سياسي أو توجه حزبي أو حتى طرح أيديولوجي. هو ليس كل ذلك. ولا هو قائد كي يتمكن من فرض اتفاقات وتسويات. لقد خلق علاقة ديناميكية خاصة مع كل مكونات المشهد السياسي انطلاقاً من نقطتيّ اتفاقه واختلافه معها في آن، لا اتفاقه فقط.
هو هكذا: الحقوقي الحر الصلب "غير المكبّل بالتزامات"؛ لكن أيضاً القريب من الناس والمحبب إلى قلوبهم. وها هو قد عاد لهم. وأعاد معه روح المرح والدعابة والطاقة الإيجابية التي مصدرها فكرة الدعابة نفسها وليس الواقع. الواقع مظلم شائك ومليء بالرزايا والآلام. لكن نبيل ينحت في الأمل. حتى لو بدا أنه نحتٌ في صخر.
يبدو الحقل السياسي مجالاً مكفهراً متجهماً لا مجال فيه إلا للإدانات والمواقف الطنّانة والكلمات الرنّانة ذات الوقع. بصمة نبيل عليه هو أنه أضاف نكهة أخرى له: الكوميديا! فكوميديا نبيل دائما تتحول إلى سياسة. حتى النكات تشعر أنها مجازات إلى مواقف سياسية. سواء أقصد ذلك أم لم يقصد. ومن قال أن ذلك ليس بلا فائدة؟
كان الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر يستقبل على مكتبه تقريراً أسبوعياً من وزارة الإرشاد عن أهم اتجاهات الرأي العام، ويضم بين دفتيه أهم النكت السياسية الأسبوعية وتحليلها. وينقل عادل حمودة على لسان وزير الداخلية المصري السابق حسن أبو باشا (1982 - 1984) "أن مباحث أمن الدولة تقوم بجمع النكت من خلال أجهزة تحليل وقياس الرأي العام، لا سيما النكت السياسية والتي تُعرض في تقرير أسبوعي على وزير الداخلية".
ليس بوسع نبيل رجب حالياً إنشاء نكتة سياسية على غرار تلك التي تُعرض في تقرير أسبوعي على طاولة وزير الداخلية المصري. فالوقت غير والمكان غير. ولكن نكاته وتشغيباته هي من النوع الذي يُعرض على طاولات الأرواح. الأرواح الفاقدة المكلومة المتعطشة إلى الفرح وإلى نقطة ضوء من آخر النفق.
لقد رفض نبيل رجب حتى الآن مختلف عروض قرائه له بخصوص نوعية الكلب الذي ينبغي أن يقتنيه. فالهاسكي "خلق ليعيش في دول باردة" والجرمن الأبيض "ما تباه مرتي وتقول فيه ريري" والشيتزو "يقولون غبي". والأيام كفيلة بإخبارنا عن قراره النهائي.