انتهازية الأقلام المأمورة
2020-04-20 - 8:49 م
مرآة البحرين (خاص): هبّة محمومة منذ أيام من كتاب الصحف الصفراء ضد الحملة التي أطلقها البحرينيون تحت وسم #اطلقوا_سجناء_البحرين. وكما هي عادة صحف «الأمر» التي (لا تهشّ ولا تنشّ) إلا بأمر مباشر يُملى إليها من (فوق)، تجدها بين عشية وضحاها وقد اشتعلت بالموضوع نفسه، وغمّس كتبتها أقلامهم في المحبرة السوداء ذاتها، وقاموا بنسخ (المُراد) نفسه معاداً ومكروراً ومستهلكاً، بتغيير الإسم وتبديل العنوان فقط.
سيأتي أحدهم ليضع عنوانه "الحديث المرفوض عن العفو العام"، وآخر سيضعه تحت عنوان "البحرين أكبر من مزايداتكم"، وثالثة تحت عنوان "انتهازية العفو العام"،... الخ. وسوف تستعين الصحف كالعادة بأصوات نواب «الأمر» أيضاً الذين صدرت إليهم الأوامر ذاتها، ليقولوا الكلام ذاته دون زيادة أو نقصان، وستنشر ذلك تحت عنوان "نواب: الدعوات الخارجة عن القانون بإطلاق سراح النزلاء خيانة"، وستوظّف كامل طاقمها لملء صفحاتها بما يوجه الرأي العام لذلك.
إنها ذات الحكاية الهزلية المحفوظة منذ ما قبل 2011، لم تعد تستثير في الناس غير السخرية على الانحدار الذي وصلت إليه الأقلام الهابطة. تلك التي لا صوت لها إلا على المواطن، ولا هبّة لها إلا في مواضع الفتن والتحريض والتشطير والتخوين والتجريم وإسقاط الجنسيات والنفي وتشجيع التعذيب وأحكام الإعدام المغلطة. يعرف الانتهازيون أنفسهم جيداً، هم ليسوا من يريدون حلحلة الوضع البائس الذي آلت إليه البلاد، بل من ينتهزون الأزمات من أجل الرقص عليها وتحصيل المكاسب والغنائم، هم وحدهم المنتفعون من استمرارها وبقائها، والخاسر الأكبر هو الوطن.
الأقلام الوطنية الصادقة، لن يكون دأبها غير كل ما يرأب صدع هذا الوطن المهشّم جسدة والمتصدّع قلبه، فهو أحوج ما يكون إلى ما يلثم جراحه المتراكمة، ويلمّ جميع أبنائه تحت سقف واحد آمن يدثّر الجميع. الأقلام الوطنية لن يسكب حبرها إلاّ فيما يُعافي هذا الوطن، ويتجاوز به الأزمات التي صيّرته كياناً هشّاً عاجزاً مشلولاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتدفع به نحو مصالحة شاملة ونهضة تقوم به من الموت.
لكن الانتهازيين لا يريدون ذلك، فذلك يعني انحسار مصدر رزقهم المسموم.