ما الذي أخفقت فيه الحكومة في ملف «كورونا»؟
2020-04-03 - 11:25 ص
مرآة البحرين (خاص): 12 ديسمبر 2019 كان هو التاريخ المعتمد عالمياً لاكتشاف فيروس كورونا الذي أنهك العالم ودوله بانتشاره وتأثيراته الإنسانية المؤلمة والاقتصادية.
وبالاطلاع على القرارات والخطوات المتخذة، يمكن القول إن حكومة البحرين اتخذت خطوات هامة، عبر تخصيص أربعة معازل في دار العجزة بالمحرق، ومستشفى خليل كانو، ومستشفى جدحفص للولادة، وقسم علاج مرضى السكلر، وأيضا القسم السادس بمستشفى السلمانية.
كذلك تم بناء محجر طبي كبير في منطقة سترة، وكذلك تخصيص ثلاث بنايات سكنية للنساء والأطفال كمحجر طبي آخر.
تم تجهيز جهاز كشف في المطار، وأجهزة كشف أخرى في عدد من الأماكن ليكون بالإمكان إجراء كشوفات سريعة في مختلف المناطق، وعلى المستوى الاقتصادي تم اتخاذ عدد من الإجراءات الهامة بينها حزمة مالية بقيمة 4.3 مليار دينار (11.4 مليار دولار) لدعم الاقتصاد.
لم يكن من بين الحزمة كما تشيعه بعض التصريحات والمقالات بأن الحكومة ستدفع رواتب 11 ألف بحريني يعملون في القطاع الخاص من جيبها، بل سيتم دفع هذه الرواتب من صندوق التأمين ضد التعطل.
تمت متابعة السوق وأسعاره ومحاولة كبح عدد من المتلاعبين بأسعار الأغذية، كذلك تم توفير الفحوصات لكل من يشتبه بإصابته بالفيروس.
كل هذه الخطوات حازت الرضا الشعبي، رغم بعض الأخطاء غير المقصودة أو التأخير هنا أو هناك. لكن هل يمكن منح علامة النجاح للحكومة والسلطات بشكل عام في هذا الملف؟، هل تم ارتكاب أخطاء فادحة تضررت بسببها المواطنون أم لا؟
إن ملف العالقين في إيران، ووفاة سبعة مواطنين هناك وهم ينتظرون العودة، شكّل ضرراً فادحاً على الجهود الحكومية، وعلى مصداقية الكثير من النوايا التي يشاع أنها تتبدل نحو الأفضل. لقد مات سبعة مواطنين ولم يصدر بيان أو تصريح تعزية لا من الحكومة ولا من أي مسؤول صغير أو كبير.
وبعد تحركات وانتقادات شعبية واسعة، وافقت الحكومة على خطة إجلاء لمدة شهرين، خطة يمكن وصفها بخطة لشراء الوقت، خطة باردة لا تراعي حساسية الملف ولا معاناة أكثر من ألف مواطن موجودين في إيران لزيارة العتبات المقدسة لدى أبناء الطائفة الشيعية.
جانب آخر أخفقت فيه السلطات بوضوح هو ملف السجناء السياسيين، فهؤلاء السجناء سيكون وضعهم كارثياً إن حدثت إصابة واحدة فقط بالفيروس داخل السجن فهو ملاذ للأمراض. هناك أكثر من ثلاثة آلاف سجين سياسي، وآخرون على ذمة قضايا جنائية في خطر شديد، وقد بحت أصوات أهالي السجناء بالمطالبة بالإفراج عن أبنائهم في ظل هذا الوباء الخطير الذي يجتاح العالم.
لقد شكل التعاطي المتشدد للحكومة في ملف السجناء بادرة سيئة في ملف محاربة الوباء، فماذا يعني عدم الاكتراث لأرواح آلاف السجناء ، خصوصا السجناء السياسيين الذين كانت جريمتهم الوحيدة هي المطالبة بمطالب سياسية مشروعة في كل بلدان العالم.
لقد أصدر آية الله الشيخ عيسى قاسم في 2 أبريل 2020، بياناً تحذيرياً من حلول كارثة تودي بأرواح أعداد من السجناء، إذ قال في بيانه «إن لم يكن إطلاق سجناء الرأي السياسيين في البحرين وهم ألوف حقّاً دينيّاً ودستورياً ووطنياً وإنسانياً ولم يكن محل اكتراث عند السياسة القائمة على حكم البلاد، فإنّ الواقع الذي لا مفرّ منه على تقدير أن يدخل فيروس كوفيد 19 السجون أن كارثة كورونا المدمِّرة لن تبقى عند آثارها المرعبة التي يعرفها العالم».
إن تباطؤ حكومة البحرين في حل ملف السجناء وإطلاق سراحهم، يعني شيئًا واحدًا وهو المخاطرة بأرواح الآلاف من السجناء، وعدم الاهتمام بالدوافع الانسانية الملحّة بتاتًا.
في الحقيقة، لا تشكل بادرة الإفراج عن أعداد من السجناء في شهر مارس الماضي، بموجب نظام العقوبات البديلة، أو العفو عن عدد من المحكومين لدواع إنسانية، خاتمة لهذا الملف، كانت خطوة موفقة، لكنها غير كافية بل ناقصة كثيراً في ظل الخطر الكبير الداهم على أرواح من هم في السجون.
ليس ذلك فحسب، فقد أخفقت السلطات وخصوصًا وزارة الداخلية، عندما تركت التحريض الطائفي لدى الموالين يصل حده الأقصى. لقد تم توجيه شتى أنواع الإهانة والتحقير والازدراء الطائفي ضد المواطنين العالقين في إيران دون أن تتدخل إدارة الجرائم الإلكترونية.
كان ذلك بمثابة الضوء الأخضر لانطلاق حملات التخوين وحفلات الزار المعروفة، وحملات التشكيك المعتادة.
بنظرة أشمل، يمكن القول إن الحكومة نجحت في عدد من التدابير، لكنها أيضاً أخفقت بوضوح في جوانب أخرى.