تردي أوضاع العالقين في إيران دليل آخر على الإهمال الحكومي المتعمد لفئة من المواطنين

بحرينيون يرتدون الكمامات في العاصمة المنامة للوقاية من فيروس كورونا (رويترز)
بحرينيون يرتدون الكمامات في العاصمة المنامة للوقاية من فيروس كورونا (رويترز)

2020-03-06 - 9:12 م

مرآة البحرين (خاص): منذ تفشي فيروس كورونا قبل أكثر من شهرين في مدينة ووهان الصينية، ومع انتقاله لبلدان أخرى أبرزها إيران، حرص المعنيون (العالقين وعائلاتهم) في تشجيع الحكومة للقيام بواجباتها تجاه المواطنين وعدم تسييس القضية، بإلقاء اللوم على الحكومة. أرواح المواطنين ليست رخيصة ولا يمكن ولو للحظة واحدة أن يفكر أحد في أن يكون سبباً في أي تأخير أو مماطلة حكومية لمعالجة هذا الملف الحساس.

إلا أن الأمور وصلت إلى مستوى لم يعد معه السكوت مجدياً، الأمر بدأ منذ تفشي فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية، حيث لم تقم الحكومة بفعل شيء يذكر تجاه المواطنين (معظمهم طلاب) الذين كانوا يتواجدون في جمهورية الصين الشعبية، والذين غادروا بعد تفشي فيروس كورونا القاتل، بل الأمر كان مخجلاً بعض الشيء حين أعلن الأشقاء في المملكة الأردنية بإجلاء بحريني كان متواجداً في الصين مع الأردنيين الذين تم إجلاءهم، وفق ما ذكر وزير الصحة الأردني صالح الخرابشة في تصريح صحفي.

ولم يظهر مستوى الإهمال الحكومي (المتعمّد)، مع تفشي الفيروس القاتل في الصين، بسبب قلة المواطنين هناك، لكن مع انتقال الفيروس لجمهورية إيران الإسلامية، بات الأمر واضحاً لا لبس فيه.

لقد قال ولي العهد سلمان بن حمد (الذي يقود الحكومة منذ أشهر نظراً لتردي الوضع الصحي لخليفة بن سلمان المتواجد في ألمانيا للعلاج) في مناسبتين متتاليتين إن عدو البحرين هو فيروس كورونا لا المصابين به، وإن الحكومة تعمل ما بوسعها لمكافحة هذا الفيروس القاتل، وكان الدكتور مناف القحطاني أكثر وضوحاً وصراحة حين رفض إلصاق الفيروس بطائفة أو مذهب معين، لكن المهازل استمرت في وسائل التواصل الاجتماعي على ألسنة النشطاء الموالين، ولا ننسى أن إحداهن وصفت المواطنين العالقين في إيران بـ "النفايات"، فيما أساء آخر لهؤلاء الذين قصدوا إيران لأسباب دينية، حين تساءل عن انتقال العدوى إليهم عن طريق "زواج المتعة" في ازدراء متعمد للطائفة الشيعية.

وعلى الرغم من كل ما حدث من مهازل، بقي عند المتضررين قليل من الأمل أن تقوم الحكومة بواجبها تجاههم. خصوصاً مع قيامها بإنشاء خيم للعزل (رديئة)، بهدف استقبال المواطنين العالقين هناك، والذي رافقته تصريحات الخارجية التي طالبت العالقين في إيران بالاتصال بها لتسجيل أسماءهم، كل هذه المماطلة حدثت أمام أعين المواطنين وهم يشاهدون الأشقاء في الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر، يقومون بمهمة إجلاء مواطنينهم دون تعقيدات تذكر، بل وصل الأمر إلى إجلاء الصين لرعاياها المتواجدين في إيران.

تصاعدت مناشدات العالقين هناك (تقدر أعدادهم بـ 2130)، بعد نفاد أموالهم، إذ لا يستطيع الأهالي إرسال الأموال إلى إيران بسبب العقوبات الاقتصادية، ونفاذ الأدوية التي مع بعضهم من المصابين بأمراض مزمنة، ما أدى إلى تردي الأوضاع الصحية لبعضهم، لقد تردت أوضاع البحرينيين العالقين هناك إلى درجة اضطرت بعض الجهات الكويتية لفتح باب التبرع لهم.

ولأن حركة الطيران مع إيران متوقفة بسبب تفشي الكورونا، فإن البحرينيين هناك أصبحوا أشبه برهائن، تحتجزهم الحكومة البحرينية بإرادتها، ولا تريد إعادتهم الآن، على الرغم من إبداء الحكومة الإيرانية استعدادها للتعاون مع الجانب البحريني لحل هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن.

بعد كل ما حدث، لا يمكننا إلا القول إن حكومة البحرين تعامل مواطنيها الشيعة بمنتهى الإهمال، هي تريد تسييس هذه الأزمة، حيث ترفض إخراس الأصوات الطائفية النتنة، وتتعامل بمنتهى اللامبالاة معهم. ومنذ العام 2011 لم تعد الحكومة تشعر بأي خجل من ممارستها التمييز الفاقع ضد هذه الفئة، وما التعامل السيء مع العالقين في إيران إلا دليل آخر على هذه المزاعم.

لقد توفي الحاج حسن منصور حسن (62 عاماً) في إيران (الثلاثاء 5 مارس 2020) بعد ارتفاع في السكر حدث بسبب القلق الذي يعيشه هو وزهاء 1300 من المواطنين العالقين هناك، لقد توفي الحاج حسن منصور وهو يريد العودة إلى وطنه ورؤية أهله وأحبابه، لقد توفي الحاج حسن بسبب التقصير والإهمال الحكومي الذي يتحمله ولي العهد سلمان بن حمد الذي يدير هذا الملف بكل تفاصيله.