حصاد 2019: «اللاعبون بالنار لعب بأعصاب البحرين... فيلم «الجزيرة» كان بمثابة زلزال للحكومة أخفقت في تفنيده

من تريلر لبرنامج اللاعبون بالنار الذي عرضته قناة الجزيرة 14 يوليو 2019
من تريلر لبرنامج اللاعبون بالنار الذي عرضته قناة الجزيرة 14 يوليو 2019

2019-12-29 - 12:40 م

مرآة البحرين (حصاد 2019): كان لبث قناة الجزيرة فيلم "اللاعبون بالنار" (14 يوليو/ تموز 2019) الذي يقدمه الصحافي الفلسطيني تامر المسحال ضمن سلسلة حلقات برنامجه "ما خفي أعظم" محطّة مهمّة في الاستقطاب السياسي بين البحرين وقطر. فقد حوى شهادة حصرية لضابط بحريني قاد الفرقة العسكرية التي اقتحمت دوار اللؤلؤة العام 2011. كما حوى شهادة سرية مصورة لمتشددين سلفيين اعترفا بأن الحكومة البحرينيّة طلبت منهما ورفاقهما اغتيال معارضين. وهو الأمر الذي كانت له ترددات هائلة. 

وبدأت قناة الجزيرة نشر إعلانات ترويجية مطلع شهر يوليو/ تموز عن فيلمها التي حرصت فيها على تسريب بعض المقاطع المصوّرة لضيوفها كنوع من الحرب النفسيّة على البحرين. وحوى الفيلم شهادة المقدم العسكري البحريني ياسر الجلاهمة قائد الكتيبة التي أوكلت لها مسؤولية إخلاء دوار اللؤلؤة في 16 مارس/ آذار 2011. وأكد خلالها بأن المعتصمين في دوار اللؤلؤة 2011 لم يكونوا يحملون السلاح كما حاولت حكومة البحرين الترويج له وأنها اختلقت العديد من القضايا الأمنية. وذكر بأنه كان شاهداً بنفسه على قيام عناصر من الأمن بفبركة إحضار بعض الأسلحة وتصويرها لإظهار أن المحتجين كانوا مسلحين. 

كما حوى الفيلم أيضاً شهادة أخرى للمتشدد السلفي محمد صالح الذي سبق أن اعتقلته البحرين بتهمة الانضمام إلى تنظيم "القاعدة" الإرهابي. وقال في شهادته إن الجهاز الأمني البحريني تواصل معه العام 2003 لتجنيدهم من أجل تنفيد مخططات لاغتيال معارضين على رأسهم زعيم تيار "الوفاء" عبدالوهاب حسين. كما ذكر أنه باشر فعلاً بإجراء اتصالات بزعماء في التنظيم في السعودية لتأمين أسلحة لتنفيذ المخطط قبل أن تعتقله السعودية فور دخوله أراضيها للاشتباه به. وبعد 7 أشهر أفرج عنه بعد تدخل الملك حمد بن عيسى آل خليفة بنفسه حيث التقى به في قصره بعد عودته وأقر له بأنه ظلم وأنه سيقوم بتعويضه. 

شهادة مصورة أخرى تضمنها الفيلم أيضاً وهي لزعيم جماعة أنصار الفرقان الإرهابية هشام البلوشي والتي اعترف فيها بأن المخابرات البحرينية طلبت منه جمع معلومات وتصوير مواقع عسكرية في إيران بينها مطار كونارك العسكري في تشابهار الساحلية ومواقع عسكرية للحرس الثوري في خاش جنوب شرقي البلاد. 

وكان لبث الفيلم وقع كالصاعقة على الحكومة البحرينيّة. فقد دان مصدر مسؤول في وزارة الإعلام عبر بيان رسمي بث الفيلم قائلاً إن "قطر دولة مارقة وإرهابية بالقول والفعل وأن هذا سيؤدي حتما إلى تصعيد ما هو قائم إلى مستويات أشد وأسوأ". كما صرح وزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة  بأن الفيلم "حمل أكاذيب واضحة ومغالطات فج وأن هذه الدولة (قطر) باتت الخطر الأشد على مجلس التعاون الخليجي". 

وسارعت البحرين إلى اعتقال أحد الذين ظهروا في الفيلم وهو المتشدد محمد صالح الذي كان يتواجد في البحرين لحظة بثه. كما اعتقلت أيضاً جمال البلوشي الأخ الشقيق للشخص الآخر الذي ظهر في الفيلم وهو هشام البلوشي (قتل في إيران في 2015). 

وقام تلفزيون البحرين ببث اعترافات جديدة لهما أعدت على عجل تحت الضغط في غرف الأمن قالا فيها إن الشهادات المصورة صحيحة فعلاً؛ لكنها سجلت في 2011 بمنطقة مدينة حمد بغرض ابتزاز الأجهزة الأمنية البحرينية في حال تعرّضوا إلى الاعتقال. إلا أنّ الاعترافات شابتها هنات كثيرة فقد أكد الأخ الشقيق لهشام البلوشي علاقة أخيه الوطيدة مع جهاز الأمن البحريني. "علاقة أخوي بالأجهزة الأمنية علاقة جيدة. الأجهزة الأمنية ما قصروا مع أخوي ودايما كانوا يساعدونه". 

بدورها فقد أصدرت وزارة دفاع البحرين بياناً قالت فيه إن الفيلم يمثل "حلقة جديدة في المؤامرة ضد مملكة البحرين ورغبة قطرية في تقويض مجلس التعاون الخليجي". كما كشفت لأول مرة بأن المقدم ياسر الجلاهمة محكوم بالإعدام بسبب قيامه بتجنيد خلايا استخبارية للتجسس [على قوة دفاع البحرين] تعمل لصالح قطر. كما زعمت بأن شهادته انطوت على أكاذيب "إذ تم تكليفه بالعمل في مجمع السلمانية الطبي في العام 2011 ولم يكن حاضرًا في دوار اللؤلؤة".

كما قامت البحرين أيضاً بالتقدم بشكوى على "قناة الجزيرة" لدى جامعة الدول العربية بذريعة أن "الحلقة أساءت لها واستندت إلى المعارضة". 

وفي سياق ردود الأفعال فقد روى الصحافي عقيل سوار شهادته على ملابسات قضية الأسلحة التي عرضها تلفزيون البحرين. وقال "كنت بين أول من دخل تلفزيون البحرين للحديث بعد فض الدوار فعرض علينا فيلم توثيقي قصير ظهر فيه مسدس على طرف من الخيمة وسيف مرمي على الأرض". وأضاف "قلت لوزير الإعلام في حينه فواز آل خليفة: أتمنى أن لا يعرض التلفزيون هذه المشاهد لأني سوف أقول ما لا يسر". وختم بالقول إن قناعة تشكلت لديه لاحقاً وقد أبلغها وزيري الداخلية والخارجية مفادها "إذا أردتم إخراج أفلام وهذا مشروع لكم، استعينوا بمُخرج مسرح أو سينما محترف وليس رجل أمن" على حد تعبيره.

وأصدرت عائلة البلوشي بيانًا أعلنت فيه التبرؤ من ابنها هشام هلال البلوشي رغم وفاته في 2015. وقالت إنه "خائن لبلاده وعائلته" مؤكدة ولاء العائلة لقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة والتزامها بالقيم الوطنية. وتبع ذلك إصدار العديد من العوائل الموالية للحكومة العديد من البيانات لتأكيد استنكارها فيلم "قناة الجزيرة" و تجديد البيعة للملك. 

من جانبها فقد دعت جمعية "الوفاق" الوطني المعارضية المراقبين في الداخل والخارج الى النظر بجدية ومسؤولية لما ورد في الفيلم وما حواه من "معلومات وشهادات تشكل خيانة للوطن وتعبر عن تنسيق وترتيبات مع قوى إرهابية خطرة جداً" وفق بيان أصدرته.