وسائل التواصل تغصّ بمآسي قطع أرزاق المواطنين في البر والبحر، والسلطة أذن من طين وبحر من عجين
2019-11-05 - 6:16 م
مرآة البحرين (خاص): لا أكثر من شكاوي المواطنين الذين ضاقت بهم يد الحيلة، يتم تداولها في وسائل التواصل المجتمعي البحرينية هذه الأيام، لم يعد أمام البحرينيين غير نشر معاناتهم وتقديم مناشداتهم على رأس الملأ، علّ أذن صاغية تنصت إليهم أو تحرّك ساكناً لحل أزمتهم المعيشية، تلك التي وضعتهم فيها السلطة الغارقة في الفساد والضاربة في الاستبداد.
لا فرص عمل للمواطنين، مقابل أبواب مفتوحة على مصراعيها للأجانب. البحرينيون سنة وشيعة، موالين ومعارضين، باتوا متفقين أن هذه البلاد تضيق على أهلها، وتتسع للأجنبي الذي يُمنح الجنسية والوظيفة والسكن وكل الامتيازات دونهم.
كل يوم تردنا صرخة جديدة من ربّ أسرة بحريني قُطع مصدر رزقه، أو ضيق عليه حتى لم يعد يستطيع توفير ما يلقم به عياله، ويسدّ أجار مسكنه، أو ديونه المتراكمة مثل جبل.
الناشط نادر عبدالإمام أحد هذه الأصوات، لا يفتأ يطالب بإرجاعه إلى عمله في وزارة التربية والتعليم، تلك التي عمل فيها طوال 14 عاماً قبل أن يتم فصله عام 2015 على خلفية الحكم عليه بسبب "تغريدة"!، سجن لمدة 4 أشهر ليخرج بعدها مفصولاً من عمله ومضيق على اسمه من فرص الحصول على عمل في مكان آخر. بكل الطرق الشريفة حاول نادر العودة إلى عمله أو تحصيل مصدر رزق آخر يعتاش منه هو وعائلته دون جدوى، بعد 4 سنوات من المعاناة يقرر نادر الاعتصام أمام مجلس النواب، وينشر مقطع فيديو مصور يظهر فيه ما آل إليه من تراكم الديون وعجزه عن تسديد إيجار شقته وانتقاله إلى العيش في غرفة جلوس بيت والده، يقول في الفيديو المصور وهو يظهر اكتظاظ الغرفة بحاجيات بيته التي كدّسها في بيت والده: "أنام في مجلس بيت والدي، أولادي في ناحية، وزوجتي في ناحية، لا أستطيع دفع إيجار الشقة، تراكمت الديون، لا أريد تعاطف، لا أريد شفقة من أحد، ولا أريد من أحد أن يمد يده لي، 4 سنوات من فصلي وأنا أعاني في صمت، أنا مسؤول عن أسرة".
يكتب موضحاً سبب قرار اعتصامه: "أن يقرر الإنسان أن يعتصم في الشارع ويرفع صوت معاناته فهو لا يبحث عن بطولات ولا يقصد إحراج أحد، ولكنه وصل إلى مرحلة غير قادر على كتم الآه .. غير قادر أن يضع وجهه في وجه أطفاله وهو غير قادر على تلبية أبسط متطلبات المعيشة.. لا أطلب التعاطف ولا استجدي الشفقة، فأنا عزيز نفس"
على جانب آخر تتناقل وسائل التواصل المجتمعي رسالة صوتية أخرى، لربّ أسرة آخر، تم فصله من عمله في وزارة التربية والتعليم أيضاً منذ العام 2011، يشرح فيها تفاصيل معاناته الطويلة والمؤلمة بعد فصله من عمله والديون التي تراكمت عليه من البنك ووزارة الكهرباء وعجزه عن توفير لقمة العيش لعائلته، ناشد المواطن بقلب محروق إرجاعه إلى عمله بعد أن عدم الحيلة والوسيلة، لا يريد صدقة من أحد، لا يريد إلا حقه في عمل شريف يستره عن الفاقة.
رسالة صوتية أخرى، لمواطن متقاعد يشكو فيه تدمير البيئة البحرية والثروة السمكية في البلاد وعجزه عن تحصيل رزقه من البحر، يقول: "احنا شعب قاعد يترزق من البحر، راتبنا التقاعدي ضعيف، البحر (اندمر) علينا، راح كله من سيفه إلى غزيره كله طين في طين، حفارات في كل مكان، دمّرتوا البحر. وين نروح؟ ما نقدر نترزق من البحر شي، ما عندنا شغل في البر ولا مخلينا في البحر. البحر خراب، كله طين، من وين جاء الطين.. خفوا علينا شوي، الشعب السواحلي قرويين إحنا نبي ناكل ونشرب من البحر، ما عندنا ناكل، نروح البحر وما نحصل غير الطين، مراكب تحفر، أخذتوا الأرض اتركوا لنا البحر، إذا ما عطيتونا الأرض خلونا نترزق من البحر شوي. تأذينا. ما يصير هالشكل سووا لنا حل، إما تعطونا زيادة في البلاد أو تعطونا مجال في البحر، تأذينا تأذينا تأذينا.."
وقبل هؤلاء كان محمد خاتم، الأب لـ 4 أطفال، والمفصول عن العمل بوزارة البلديات منذ 6 سنوات، قد خرج لأكثر من مرة معتصماً عند مقر الحكومة تحت هجير الشمس، وهو يلبس ثوبا باليا كتب عليه "أنا مواطن بحريني لا أملك قوت يومي ولا قوت زوجتي ولا عيالي، أين أذهب يا ملك البلاد؟"، ويكون رد السلطات عليه في كل مرة، الاعتقال سريعا، تكرار الاعتصام وتكرار الاعتقال.
تويتر هو ملاذ خاتم الوحيد للكلام، يخبرنا بأنه قصد كل مكان للبحث عن عمل فلم يجد وظيفة، ويؤكد تردي وضعه المعيشي إلى مستوى سيء جدا، وإنه لم يعد يستطيع توفير مأكل ولا ملبس لأولاده، وأنه لم يعد لديه شيء يصرف منه، ولم يبق له سوى الخروج بهذه اللافتة في الشوارع، قائلا بأنه لن يرجع إلا بعد أن يجد له المسئولون حلا.
هذا غيض من فيض ما ينشر كل يوم على مواقع التواصل المجتمعي، لا أحد يجيب هؤلاء ولا ينظر إليهم وكأنهم لا أحد، مقابل ذلك تتسابق وزارة التربية والتعليم وشركات بحرينية رسمية مثل بابكو بنشر إعلاناتها عن توفّر فرص عمل في قطاعاتها، لكن ليس للبحرينيين، بل تنشر في وسائل الإعلام الأردنية والفلبينية والسريلانكية وغيرها، لا فرص لعمل أبناء البلد، لكنها مفتوحة على مصراعيها لغير البحرينيين والأجانب، يعلّق عبدالإمام: "مو أنا وغيري من المواطنين أولى بهذه الوظائف من الفلبينيين والسريلانكيين يا شركة بابكو؟ هل نبدل جنسيتنا يعني علشان (كي) تحبونا؟ صار اللعب على المكشوف! والبحريني العاطل ياكل تبن في ديرته".