الصحف البحرينية " Game Over"... حرب الحسابات الإخبارية ستفشل فاحملوا أسماءكم وانصرفوا

تجريم متابعة تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي
تجريم متابعة تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي

2019-10-05 - 11:04 م

مرآة البحرين (خاص): منذ بيان عهدية أحمد، رئيسة جمعية الصحفيين التابعة للديوان الملكي، والحسابات الإخبارية ذات الشعبية البحرينية على وسائل التواصل الاجتماعي، الانستغرام خصوصًا، تتعرض للهجوم تلو الهجوم.
فبعد تهديد عهدية الحسابات الإخبارية بالمحاكمة وجرجرتهم أمام القضاء الذي صار معروفاً بكونه أداة لعقاب من يفكر في الخروج على عصا الطاعة الرسمية، تم شن عدة هجمات إعلامية ضد الحسابات النشطة في وسائل التواصل الاجتماعي. فما هي خلفية ذلك؟
تعيش الصحف الرسمية منذ العام 2011 حتى الآن أزمات متتالية، أزمة وجود منافسين لم تؤهل الصحف نفسها لمنافستهم يوماً. منافسون ليسوا من جنس الصحف نفسها، وإنما هم مواطنون يرغبون في الاستفادة من إمكانات ثورة التكنولوجيا والاتصالات، ومزاولة نشاط نقل الأخبار والصور والفيديوهات والحديث عن واقع مجتمعهم.
لم تجرّب هذه الصحف الاعتماد على نفسها يومًا، إذ طالما اعتمدت على الدعم الذي يأتيها من الديوان الملكي، أو من ديوان رئيس الوزراء، بحسب التوجّه. لقد فقدت الصحف وضعيتها كمنفذ شبه وحيد لنشر الأخبار والآراء، وهدمت وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر والانستغرام وغيرها هذا الجدار، والأهم من ذلك كلّه أن هذه الصحف لم تمارس يومًا مهمتها الأساسية وهي: قول الحقيقة.
الصحف لا تفتقد لصحافيين ذوي ضمير، فهم في كل صحيفة، لكن هؤلاء لا مكان لهم سوى في هامش محدود، أما الهامش الأكبر فهو متاح فقط للمطبلين ومن يتلقون التعليمات من الأجهزة الأمنية.
ذوو الضمير لا يتم إعطاؤهم مساحات للتعبير عن آلام الناس وآمالهم، لذا تموت كلمتهم الحرة قبل أن تصل للصفحة عبر قرارات المنع من قبل مدراء ورؤساء التحرير الذين يحفظون شروط «المُمَوّل»، هكذا كانت ولا تزال دورة الحياة في الصحف.
إذن ما المطلوب من الناس الذين تحرروا بعد عقود طويلة من العيش تحت السقف المنخفض لهذه الصحف وخلف جدارها السميك؟ لقد كانت الصحف ولا تزال تزوّر رأيهم، وتكذب باسمهم، وتدفن آلامهم وأحلامهم خلف العناوين الرنانة المؤيدة للسلطات الرسمية، وتلميع صورة الفساد ورجالاته وشلل الحرامية المنتشرة في المناصب.
هذا هو أساس المعركة، فلا الحسابات الاخبارية تسرق شيئا من صحف كهذه، ولا هي عندها شيء حقيقي تستحق سرقته. إن ما لا يقل عن 90 % من المحتوى المنشور في الصحف، هو عبارة عن أخبار تأتي من مصدرين، الأول هو الأخبار الرسمية الجاهزة التي تصل للصحف من إدارات العلاقات العامة في الوزارات والجهات الرسمية وغيرها، أو من وكالة الأنباء الرسمية، والثاني هي أخبار بثّتها الوكالات العالمية مثل رويترز، و الأسوشيتدبرس، والفرنسية، والألمانية، ومواقع الإنترنت. والقليل جداً جداً من الأخبار التي يمكن اعتبارها جهداً خاصاً من الصحيفة.
إن الحسابات الإخبارية الشعبية لا تفعل شيئا سوى إعادة تدوير هذه الأخبار مثلما تفعل الصحف نفسها، مع الإشارة إلى المصدر.
إن الحسابات الشعبية عبر الانستغرام وغيرها، هي حق مكتسب لا يمكن لحفنة من الفاشلين في إدارات الصحف سلبه مجددًا، بل إن هذه المعركة الفاقدة للمنطق والهدف التي تخوضها رئيسة جمعية الصحفيين ضد حسابات شعبية محددة دون غيرها، تشي بأن الجمعية مجرد أداة لمن يشنون حملات القمع ضد حرية الرأي في البلاد، فما تفعله عهدية أحمد يأتي مكمّلاً لجهود القمع القاسي للآراء الحرّة الذي تقوم به الأجهزة الأمنية في البلاد.
لا توجد لدى الصحف البحرينية أية مصداقية، وما عاد البحرينيون يشترون كذبها. لقد جرّب الناس مساحات الحرية في فضاءات أوسع أتاحها الإنترنت والتطبيقات الحديثة، وكسدت سوق الصحف لدى مموليها الذين صاروا يبخلون عليها بالتحويلات المالية الضخمة. إن أشخاصاً مثل أنور عبدالرحمن رئيس تحرير "أخبار الخليج"، ومالك صحيفة "الأيام" نبيل الحمر، يستطيعون تمويل صحفهم عبر مدخول واحدة من عماراتهم الشاهقة في الجفير والسِيف، ولكنهم لا يريدون ذلك.
ينبغي على الموظفة المطيعة عهدية أحمد ومن ورائها، أن يجرّبوا ممارسة الصحافة الحقيقية بدل ممارسة صحافة التطبيل والتلميع، وشن الهجمات ضد حسابات إخبارية عدد من أصحابها هم ضحايا قمع الكلمة الحرّة في البلاد.
إنّ الناس تحلم بالحرية والتغيير كل يوم، ولن تعود لبيت طاعة الإعلام الرسمي وملحقاته. لكل هذا ستبقى هذه الصحف كما كانت، مجرد أوراق توضع فوقها أطباق طعام الأسر البحرينية التي باتت تتمتع بتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي وفضاءاته، وبعد الانتهاء من الطعام ستذهب تلك الأوراق لمكانها المُستحق: الزبالة.

التطبيقات الحديثة