ناشطة حقوقية بحرينية تتعهد بمواصلة النّضال من أجل التّغيير

ابتسام الصائغ تلقي كلمتها في مؤتمر دبلن
ابتسام الصائغ تلقي كلمتها في مؤتمر دبلن

ديميتري أودونل - موقع قناة RTÉ News الإيرلندية - 2019-10-05 - 5:30 م

ترجمة مرآة البحرين

تُستَقبَل ابتسام الصايغ بالعناق والابتسامات والمصافحات، وهي تشق طريقها للوصول إلى  قلعة دبلن.

أثّرت المدافعة البحرينية عن حقوق الإنسان في كل من استمع إلى قصتها القوية في مؤتمر فرونت لاين ديفندرز الدولي. بعد ذلك، اقترب رجل، في منتصف العمر، بلطف منها لمصافحتها، وأخبرها عن مدى "شجاعتها" في الانتقاد. 

خلال العقد الماضي، جعلت ابتسام مهمتها الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. حصلت والدة الأطفال الأربعة على الإشادة، لكنها أصبحت هدفًا في عملية نشر انتهاكات حقوق الإنسان في الملكية الخليجية.

بدأ نشاط ابتسام عندما كانت في التاسعة من عمرها فقط.

وتروي ابتسام إنه "أتذكر الليلة التي قُبض فيها على والدي". "حطمت السلطات الباب الأمامي وأخذته بعيدًا. كنت غاضبة للغاية لأنهم احتلوا المنزل من دون سبب".

كان والد ابتسام رجل أعمال، اعترض على الفساد، الأمر الذي تزعم أنه أغضب النظام البحريني، وأضافت أنه "قُبِض عليه وألْقِيَ في السجن ونُفي أخي إلى لندن".

البحرين تحكمها عائلة سنية ملكيّة، لكن غالبية السّكان من المسلمين الشّيعة. وهي الوحيدة، من بين الدول الخليجية، التي واجهت اضطرابات خطيرة خلال احتجاجات الربيع العربي،  التي شلّت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العام 2011.

تحركت حكومة البحرين بسرعة لسحق جميع أشكال المعارضة بوحشية.

وقال ابتسام لقناة RTÉ News إنه "رأيت مداهمة المنازل في منتصف الليل في حملات مرعبة من العنف، لا يزال بإمكاني تذكر الأطفال الخائفين وهم يصرخون، وأمهاتهم ينهرن، ويطلبن الرحمة".

أحكمت عائلة آل خليفة الحاكمة  قبضتها على المعارضة منذ أن شنت المعارضة، ذات الغالبية الشيعية، انتفاضة فاشلة في العام 2011. وتقول حكومة البحرين إن البلاد تتمسك بالحقوق الدستورية لحرية التعبير ولكن "أي أعمال اضطراب تزعزع السلامة العامة تتطلب إجراءات قانونية يتعين اتخاذها"  وفقًا للمعايير المُعتَرَف بها دوليًا.

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن البحرين كثيراً ما تستهدف الطبيبات وعائلاتهن لتقديمهن المساعدة الطبية للمتظاهرين الذين تجرأوا على القيام بحملات للإصلاح.

وقالت ابتسام إنّه "غالبًا ما يتم عصب أعينهن والاعتداء  جنسيًا عليهن بسبب مخالفات بسيطة ويُترَكْن للقلق والاكتئاب بعد ذلك".

ويقول معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD) إنّ السجينات السياسيات كثيرًا ما يتعرضن للتعذيب البدني والجنسي والنفسي لانتزاع الاعترافات منهن. ويُزعم أيضًا أنه تم القبض عليهن بصورة غير قانونية على خلفية تهم ملفقة، وخضعن لمحاكمات زائفة واحتُجزن في ظروف سجن غير إنسانية.

كانت صديق ابتسام من بين اللّواتي عوقِبْن بوحشية بسبب مساعدتها للمحتاجين. وقالت ابتسام إنهم "أحرقوا شعرها [الصديقة] وأجبروها على التوقيع على اعتراف زائف قائلين إنّها تساعد المنظمات الإرهابية".

كانت الناشطة غاضبة إلى حد أنها استخدمت موقع تويتر لفضح المخالفات وطالبت بالعدالة لضحايا التعذيب في مراكز الاحتجاز في البحرين.

ونشرت ابتسام الصائغ تغريدة تدعو فيها إلى العدالة لضحايا الاعتداء الجنسي. ولفت هذا انتباه السلطات، فتمّ القبض عليها على الفور.

في 23 مايو/أيار 2017، تم نقلها إلى مكاتب جهاز الأمن الوطني حيث تمّ "عصب عينيها، وتكبيل يديها وضربها والاعتداء جنسيًا عليها". 

وقالت ابتسام بالعربية لمترجمتنا ليندا، وهي مغربية تعمل في مجال حقوق الإنسان، إن "رجلًا أبقاني في الظّلام، وضربني على رأسي، وكسر أنفس". "ابتسمني رجل في الظلام وضربني في الرأس وكسر أنفي". 

وأضافت أنه ""تعرضت للاعتداء الجنسي لمدة سبع ساعات، أجبرني على فتح ساقيّ ولمسني في أماكن حميمة".

وتقول ابتسام إن الطريقة الوحيدة التي تمكنت من خلالها من التّغلب على الاعتداء كانت من خلال تصوّر كيف ستستخدم صوتها في كشف سوء استخدام السلطة. وقالت إنّه "عندما أنجبت أطفالي الأربعة كنت أشعر بألم شديد، لكنني أنجبت شيئًا جميلًا".

وأضافت أنّه "كنت أشعر بألم شديد خلال تلك الساعات السبع لكنني كنت مصممة على أنّ  شيئًا جيدًا سيخرج منه عندما يتم إطلاق سراحي".

تمسح ليندا دموعها وهي تروي تفاصيل الاعتداء على ابتسام. إنّه ردّ فعل شائع على قصة روتها الناشطة  لعدد من المرات يفوق ما يمكنها تذكره.

وقد ترك الهجوم ابتسام مكسورة ومكتئبة. ومع ذلك، بدلًا من أن تنسحب من الحياة العامة،   عادت إليها، وأصبحت أكثر ظهورًا.

عادت إلى المكتب حيث تمّ الاعتداء عليها في المحرق ونشرت صورًا على وسائل التواصل الاجتماعي للمبنى، وتحديدًا الطابق الذي حصل فيه الاعتداء.

وقال إرين كيلبرايد، وهي منسقة الأبحاث في منظمة فرونت لاين ديفندرز إنّ "هذه الشجاعة حازت على احترام كل من الرجال والنساء في البحرين" .

وقالت كيلبرايد لـقناة RTÉ News إن "ابتسام أصبحت بطلة لتحدثها بصراحة عن الاعتداء الجنسي. رد فعل الناس كان مزيجًا من الذهول والرعب".

وكمعظم البحرينيين، عانت ابتسام  من حظر سفرها لمدة عامين، وحُرِمت مرتين من الذهاب إلى مؤتمر دبلن.

وقالت السيدة كيلبرايد إنّه "عندما وصلت إلى المطار يوم الثلاثاء، تأثرنا جميعًا عند وصولها، وانهمرت دموعنا، لأنها كانت لحظة عاطفية للغاية".

مُنع خمسة مدافعين عن حقوق الإنسان من كوبا والجزائر وأذربيجان والشيشان من السفر إلى المؤتمر الدولي في دبلن. وتم حجب هوية الشخص الخامس لأسباب أمنية.

تقول فرونت لاين ديفندرز إن هذا يوضح ما يواجهه النشطاء في بلدانهم الأصلية. يقول أندرو أندرسون، المدير التنفيذي لمؤسسة فرونت لاين ديفندرز إنه "حقيقة أن هذه الدول وظّفت الكثير من الموارد لإسكات هؤلاء النشطاء تكاد تكون بمثابة إظهار للاحترام" مضيفًا أن "هذا يثبت مدى فاعليتهم في فضح الفساد". 

وافتتح كل من تانيست سايمون كوفيني والمفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ميشيل باشيليت، مؤتمر دبلن.

وقال السيد أندرسون إنّه "خلال العام الماضي، شهدنا تغيرًا إيجابيًا في غامبيا وإثيوبيا وماليزيا"، ولفت إلى أنه "متفائل أن الأمور تسير في اتجاه أفضل لأن هؤلاء الناشطين يمارسون ضغوطًا على الحكومات من أجل التغيير".

وتقول فرونت لاين ديفندرز إن ابتسام الصائغ هي واحدة من الناشطات القليلات في مجال حقوق الإنسان، الشجاعات بما يكفي للنّضال علنًا من أجل التّغيير في بلدها.

تتفادى ابتسام الثناء عليها بإشارة ازدرائية بيدها، وتقول إنّه "ما زلت خائفة على نفسي وعلى مستقبل أطفالي".

تقول إنّ أطفالها أصبحوا هدفًا، وتضيف أنه "أخبرتني السلطات أنهم يعرفون الطريق الذي يسلكه ابني إلى المدرسة، وأنّه بإمكانهم افتعال حادث". 

على الرّغم من العواقب، تظل معركتها لفضح الحقيقة في البحرين أقوى من أي وقت مضى، وتضيف ابتسام أنّه "سأواصل نضالي إلى أن تتغيّر الأمور من أجل الجيل القادم".

النص الأصلي