» رأي
الخواجة ورجب وازدواجية المعايير الحقوقية
إيمان شمس الدين - 2012-08-19 - 8:43 ص
* إيمان شمس الدين
إعلان حقوق الإنسان جاء على إثر مُخرجات الحرب العالمية الثانية، وهو ما يُدلّل على حجم الانتهاكات العظيمة التي ارتُكِبت بحقِّ الإنسان في تلك الحروب. وطالما كانت الحروب، والانتهاكات فيها، هي الدافع الحقيقي وراء هذا الإعلان، فأَولى ساحات تطبيقها تكون تلك الساحات المشتعلة بالحراكات المطلبية، والتي يكون فيها الإنسان عُرضةً بشكلٍ أكبر للانتهاك من قِبَل السلطات.
ويُعد الناشط الحقوقي الأستاذ عبد الهادي الخواجة، وما يحمله من تاريخٍ عريض، نَشِطًا في مجالات حقوق الإنسان، إذ لا حدود جغرافية عند الخواجة في المطالبة الحقوقية الإنسانية، إلا أنَّ ما بُذِل من جهودٍ من قِبَل هذه المُنظّمات في قضيّة الخواجة لم يكُن بمستوى ما تحمله هذه المنظمات من مسؤولية أخلاقية اتجاه ناشطيها، وهو ما يَطرح سؤالًا كبيرًا جدًا اليوم حول مصداقية هذه المنظّمات، رغم عدم إنكارنا لدورها في مُمارسة الضغط السياسي على هذه الأنظمة، إلا أنّه ضغطٌ لا يرقى إلى ما هو مأمولٌ منها، خاصّةً إذا ما قارنّا بين تأثيرها في الغرب، في قضايا حقوقية مُشابهة، على تلك الحكومات، وتأثيرها في نفس القضايا الحقوقية في العالم الثالث اتجاه بعض الأنظمة.
وهو ما يدفعنا للتساؤل: هل هذه المُنظّمات الحقوقية مُستقلّة سياسيًا بحيث لا تستجيب لضغوط الدول الكُبرى التي تربطها مصالح محورية اقتصادية، وبالتالي وجودية مع كثير من الأنظمة العربية، وخاصّةً الخليجية المُستبدّة؟ وإلى أيِّ مدىً يُمكننا التعويل على هذه المُنظّمات بشكلٍ كبير في مُعالجة قضايا حقوقية تخصّ الحراكات المطلبية في المنطقة وخاصّةً في البحرين؟ وهل يُمكننا القبول ببيانات شجب واستنكار من هذه المُنظّمات الحقوقية في حق الانتهاكات التي تُمارسها هذه الأنظمة بحقِّ شعوبها وما تُمارسه بحقِّ ناشطيها؟
فإذا كانت هذه المُنظّمات عاجزةً عن التأثير الحقيقي في تخفيف مُعاناة ناشطيها في دولهم من قِبَل أنظمتهم، وغير قادرة على الحفاظ على أقلِّ حقٍّ لهم، وهو حقُّ التعبير والتظاهر والحراك المطلبي، فهل ستكون قادرةً على أداء واجبها اتجاه ما يحدث من انتهاكات بحقِّ شعوب المنطقة، التي تُطالب بحقِّها في الحرية لتكون مصدر للسلطات؟
طبعًا لا أُنكر أهمّية هذه الأنظمة الحقوقية ودورها في مُمارسة نوعٍ من الضغوط، ولكنّني أطرح تساؤلاتٍ حول معيارية حراكها اتجاه الأشخاص والشعوب، ومصداقيّتها، ومدى استقلاليّتها، خاصّةً أنّ النظرية المنفعية هي التي تتحكّم غالبًا في السياسات الغربية كافّة بما فيها مسألة الحقوق. وهذا الانكشاف اليومي لهذه المُنظّمات يدفعنا - وإنْ مُتأخّرين- إلى أن يكون لنا موطئ قدمٍ في عالم الحقوق كمُنظّماتٍ لها دور في التثقيف الحقوقي وفي التأثير على القرارات الدولية، خاصّةً أن مُنطَلقنا قِيَمي غير ازدواجي المعيار، يأخذ في الحسبان الإنسان أيًا كانت هويته، وغير آبهٍ بالهيمنة السياسية والاقتصادية ولعبة النفوذ للدول الكبرى.
إنّ نبيل رجب من الناشطين الأقوياء الذين قدّموا خدماتٍ كبيرة في المجال الحقوقي، والحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، لمُمارسته حقَّه في التعبير عن رأيه، دون أن تستطيع هذه المنظمات فعل شيء، فهي وصمة عارٍ في جبين ثقافة الحقوق الإنسانية وتلك المنظمات.