هذا ما دار في الغرفة الصغيرة... والد أحمد الملالي يصف اللقاء الأخير (مرآة البحرين)

المعتقل المحكوم بالاعدام أحمد عيسى الملالي
المعتقل المحكوم بالاعدام أحمد عيسى الملالي

2019-07-27 - 12:38 ص

مرآة البحرين (خاص): «لكنت أتمنى الشهادة بطريقة أخرى، لكنها عموما أتت في النهاية»، هذا ما قاله المعتقل أحمد الملالي الذي يواجه الإعدام الوشيك بعد ساعات على يد السلطات الأمنية في البحرين في قضية مقتل الضابط هشام الحمادي، وهي القضية التي لا توجد أدلّة عليها سوى الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب الممنهج الذي يعتبر سيد الأدلة في محاكم البحرين.
يقول عيسى الملالي والد أحمد لـ"مرآة البحرين"، إن ابنه عاش مطارداً منذ العام 2011 حتى العام 2017، كان عمره 16 عاماً، الآن أصبح 24 عاماً، لم يهنأ بحياة ولم يستطع الدراسة ولا العمل، هكذا حتى تم اعتقاله واتهامه باغتيال (الحمادي).
كان الملالي يحاول الهرب لخارج البلاد طلبا للنجاة والحرية عبر البحر، قبل أن تتمكن قوة أمنية عسكرية من مداهمة القارب واعتقاله. خلال الزيارة العاجلة الطارئة التي جرت قبل ساعات من التنفيذ المتوقع للحكم، قال أحمد «كنت أحتمي بحافة القارب وكان الرصاص يتطاير، حينها قلت لنفسي ياليت واحدة من هذه الرصاصات تصيبني لأستشهد الآن، لكن الرصاصة أصابت يدي في الرسغ، لقد تمنيت الشهادة بطريقة أخرى، لكنها أتت في النهاية وهذا هو الأهم».
أحوال الزيارة العاجلة لم تكن عادية، تم الاتصال بالعائلة وإخبارهم أن لديهم زيارة خاصة لمقابلة ابنهم المعتقل عند الساعة الثانية ظهراً، وأن العدد مفتوح، كان واضحاً أنها «زيارة وداع»، كما يقول عيسى الملالي، الذي يضيف «حضر عند بوابة سجن جوّ المركزي 35 من أفراد العائلة كي يلتقوا بأحمد، كانت الأجواء غير عادية هناك، دوريات عسكرية تتحرك في الشارع أمام السجن، نزلنا وتم تقسيمنا لعدد من المجموعات، كل مجموعة تتكون من خمسة أشخاص تدخل لأحمد لمدة 15 دقيقة، لتدخل بعدها مجموعة ثانية وهكذا».
أجواء التفتيش كانت مشددة، الشرطيات جرّدن نساءنا من أحجبتهنّ، وحتى ربطات الشعر تم تفتيشها، وبعد التفتيش رافق كل شخص شرطيان، بينما على جانبي الممر المؤدي لغرفة الزيارة يصطفّ شرطة على الجانبين وكلهم مسلحون، حينما وصلنا للغرفة كان هناك شرطة آخرون يتأكدون من الأسماء».

داخل الغرفة
تلك الغرفة يصفها عيسى الملالي، كان بها بابان، باب دخلنا منه وجلسنا، تم إدخال أحمد بعد قليل من الباب الآخر، احتضنّاهُ، جلس قبالنا، كان يعرف ما يجري، يعلم إنها ساعاته الأخيرة قبل الإعدام.
كانت هناك نافذة صغيرة في الغرفة لكنها مفتوحة وتجلس خلفها عدد من الشرطيات يسمعن ما يدور بداخل الغرفة، بجانبهن بعض الرجال من الشرطة المسلحين، لا تشك للحظة أن نظراتهم نظرات قتل وموت.
تحدثت مع ابني، ذكر لي حادثة القارب وكيف كان الرصاص يتطاير حوله وكان يتمنى الشهادة، وكيف أنها أتت له بهذه الطريقة الآن، نعرف كلنا إنّ ابني مظلوم وبريء، لكن للأسف لم يتصل بنا أحد ليسألنا عما يقوله ابني طوال هذا الوقت. عائلة الضابط القتيل الحمادي لم يتصلوا بنا، والآن بعد هذه الزيارة لم يتصل بنا سوى بعض الحقوقيين، أما النواب الذين سألتني عما إذا كان اتصل أحدهم فالجواب هو: لا، لم يتصل بنا أحد منذ عرفنا بالذي سيجري على ابني، وأن ساعاته باتت معدودة في هذه الحياة.
داخل الغرفة طلب أحمد منّي وكذلك طلب من والدته أن نسامحه على أي خطأ أو تقصير بدر منه خلال حياته، وطلب من جميع أفراد العائلة السماح، لقد كتب وصيته، هكذا قال لنا، وسوف نقرأها بعد رحيله، لقد رفض أن يعطينا تفاصيل وصيته، طلب منّا قراءتها فقط بعد رحيله عن هذا العالم.
بدأنا بقراءة الأدعية داخل تلك الغرفة وشارك معنا أحمد في قراءتها، قمنا بقراءة زيارة الإمام الحسين (ع)، كنّا نقرأ بينما نسمع ضحك الشرطيات اللواتي كنّ يختلسن النظر لنا من خلال النافذة.
دخل علينا شرطي يبدو أنه مسؤول الزيارات، قال لي: "ودّع ابنك، بقي وقت قليل، الزيارة ستنتهي. كان أحمد هو من يصبّرنا خلال الزيارة، ويطلب منا التوكل على الله والصبر والرضا بقضاء الله وقدره".
ودعت ابني أحمد الملالي الذي سيفارق الحياة عن عمر 24 ربيعاً فقط، إنه أكبر أبنائي، ولن أقول في النهاية سوى: ولدي بريء، والله ينتقم من اي شخص ظلم ابني.
تقول منظمة العفو الدولية في بيان صدر لها في مارس 2018، بخصوص قضية أحمد الملالي وعلي محمد العرب وما تعرضا له بعد الاعتقال «أثناء الاحتجاز، تعرض الرجلان للتعذيب على أيدي ضباط الأمن، بما في ذلك عن طريق الصدمات الكهربائية والضرب. كما تم اقتلاع أظافر قدمي علي محمد العرب».