اعترافات محيي الدين خان الخطيرة... الأمن البحريني في المصيدة!
2019-07-19 - 10:54 م
مرآة البحرين (خاص): لم ينفِ رئيس جمعية "العدالة" الوطنية السلفي البحريني المتشدد محيي الدين خان محتوى شريط "الجزيرة" ولا بدا مهتمّاً بتبرير أي شيء ورد فيه، لا على الجنبة التي قدّمتها القناة في "ما خفي أعظم" ولا على الجنبة التي قدّمها زملاؤه في الخلية الإرهابية بغرف الأمن الوطني؛ إنما فقط بتبرئة نفسه من أن يكون هو من باع الشريط. ويقول في فيديو صوّره رداً على ما وصفها بـ"افتراءات تقرير قناة البحرين": "أن توضع كل القضيّة علي أنا وأُتّهم هذه والله كبيرة يا جماعة الخير والله ما هي حلوة".
ورغم أنه اعترف علانية بأنه كان حاضراً في الجلسة التي صُوّر فيها الشريط في مدينة حمد (2011) "نعم كنت حاضرا هذه الجلسة وكان التسجيل على جوال هشام رحمة الله عليه وكان هناك فيه نسخ"؛ إلا أنه كما ظهر في الرسالة المصوّرة ليست لديه مشكلة على الإطلاق في فحواه أو فحوى الاعترافات المسجّلة، ولا حيثياتها ولا خطورتها ولا مشغولاً بإعطاء توضيحات حول الدافع الحقيقي وراءها.
شاغله الأهم هو "كركبة" رواية حول نفسه تظهره ملاك البراءة الأبيض؛ تماماً كما أراد لنا رؤيته في الصور الخلفيّة التي حرص على جعلها بارزة في رسالته المسجلة من مقرّ عمله "جمعية مفتاح الخير" بتركيا. ملاك يحتضن أطفالاً مشرّدين ويتامى ومنغمس "في العمل الخيري على الحدود السورية".
أما اعتراضه على "الجزيرة" فهو لايتعدّى تشهيرها بزميليْه الإرهابيين وعدم إخفاء هويتيهما أو استخدام مضخمات صوت. يقول "بصراحة افتقد (الفيلم) إلى المصداقية والمهنية. دائماً الجزيرة إذا عرضت بعض الأفلام الوثائقية وأراد الأشخاص أن يخفوا هويتهم يتم تضخيم الصوت أو إخفاء الصورة (لكن) أنتم شهرتم بهشام البلوشي رحمة الله عليه وأيضاً بمحمد صالح وسببتم لهما الأذى ولنا جميعاً وعوائلنا فأين المهنية؟".
أي بمعنى آخر: عادي جدّاً اغتيال شخصيات المعارضة! عادي جداً التواصل مع إرهابيي "القاعدة" في السعودية وجلب أسلحة! عادي جداً القيام بعمليّات إرهابيّة في دول مجاورة لصالح أجهزة الأمن! عادي جداً ممارسة الإرهاب وضرب الوحدة الوطنيّة وانتهاك القوانين المحلية! إنما غير العادي هو فقط اتهامه بتسليم الشرائط إلى "الجزيرة". هذا الشيء الذي فرّ رأسه فقط، ويعمل دون كلل على تبيان خطئه وإيضاحه. عدا ذلك فكل شيء "في السليم"! فـ"هذا الفيلم سُجّل بشكل شخصي جداً جداً" كما يؤكد لنا في الرسالة المصوّرة. ولا توجد أيّ مشكلة فيه عدا فقط اتهامه بتسريبه وعدم إخفاء هوية زميليه.
في هذه الرّسالة يكشف لنا محيي الدين خان المزيد عن تكتيكات التعاون بين الجماعات السلفيّة المتشدّدة وجهاز الأمن الوطني الذي يطلق عليه "جماعتنا". فحتّى رحلته إلى تركيا التي يقيم فيها الآن تمّت عبر التنسيق مع الأمن البحريني. إذ يقول "أتيت إلى تركيا وجماعتنا هناك وأقصد بجماعتنا جهاز الأمن الوطني والتحقيقات الجنائية لأن التحقيقات الجنائية نادوني قالوا لي انت وين مسافر قلت لهم أنا مسافر تركيا طبعاً حتى يرفعوا منع السفر (عني) كان شرطهم هو أن لا أذهب إلى سوريا ووقعت تعهد".
لا يخبرنا محيي الدين خان كيف التزم بتعهّده بعدم الذهاب إلى سوريا لكنه أخبرنا بأنه "يعمل وينشط على الحدود السورية". منذ متى تعترف الجماعات السلفيّة بالحدود "المصطنعة" وتلتزم بها! منذ متى (منذ 2011) هناك "حدود حقيقيّة" أصلاً بين تركيا وسوريا! هل هي الحدود نفسها التي "التزم" بها ابنه إبراهيم حين عبر منها كي يقاتل في صفوف تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي وعاد منها إلى البحرين ثم عبر منها مرّة ثانية كي يقاتل ويُقتل هناك (وتم كل ذلك بموافقته كما شرح لنا في مقالة مطوّلة نشرها على حسابه)! هل هذه هي الحدود التي وقّع محيي الدين خان على تعهد للتحقيقات الجنائيّة بعدم تجاوزها!
في الحقيقة يضعنا محيي الدين خان في قلب واحدة من مسرحيّات المسرح الهزليّ التي تشاهدها للفرجة وتعلم أنّ كلّ ما يدور قد أعدّ لتسليتك لكن لا علاقة لها بالعالم الحقيقي. فالرّسالة الصوتية التي عرضها تلفزيون البحرين له والتي أكدّ صحّتها ومضمونها كان هدفها "تحريك مشاعر المسئولين". إنما لديه مؤاخذة صغيرة صغيرة فقط وهي قيام التلفزيون بتقطيعها وعدم عرضها كاملة. لذلك فهو قد تبرع ـــ الآن فقط! ـــ بعرضها. هذه الرسالة يقول لنا عنها "أرسلت للأخ محمد صالح خبر اللجوء السياسي في قطر متعمداً بالصوت وبالرابط لأنني أعلم أن هاتف محمد صالح مراقب وهدفت أن أحرك ملفاً راكداً، أحرك مشاعر المسؤولين هناك في البحرين".
ماذا عن من سرّب الشريط؟ يخبرنا خان "في رأيي النسخ كانت في جوال هشام ولما قتل مسك الحرس الجمهوري (الثوري) الإيراني مسك الجوال" وهو من قام بتسليمها لقناة "الجزيرة". بمعنى آخر، يريد أن يقول لنا إنّ هشام احتفظ بالشريط المصوّر في هاتفه 5 أعوام (منذ وقت تسجيلها في 2011 لغاية وفاته في 2015 لم يعمل فورمات ولا غيّر هاتفه ويسافر "للجهاد" ويرجع متمخطراً ومحتفظاً بالرسالة المصورة)، ثم احتفظت بها إيران 4 أعوام أخرى لتصل أخيراً "دايريكت" على بريد قناة "الجزيرة".
حدّث العاقل بما لا يليق فإذا صدّق فلا عقل عنده. إرهابيون يسجّلون اعترافات طواعية حول علاقتهم بالأمن من أجل استخدامها في حال تعرّضوا إلى الاعتقال ويُراد لنا تصديق أنها قصص خياليّة! متشدّد يسجل رسالة صوتيّة لزميله حول نيته تقديم اللجوء السياسي في قطر (وهذا خيار شخصي من حقه ولا علاقة لنا به) ويراد لنا تصديق أن ذلك فقط من أجل تحريك مشاعر المسؤولين في البحرين لأنه يعرف أنهم سيعترضون الرسالة! اعترافات صوّرت وطبعت أكثر من نسخة لها في حضور أكثر من شخص ويُراد لنا تصديق أنّ التسريب حصل ليس من تحت يديّ أي من الأحياء إنما بالذّات من الشخص الميّت قبل 4 أعوام! ارحموا عقولنا من هذا الغباء.