لماذا عاد هشام البلوشي إلى إيران ومن أين جاء بنصف مليون دولار؟
2019-07-19 - 11:09 ص
مرآة البحرين (خاص): صحيح أن جمال البلوشي شقيق هشام البلوشي أكد أن أخاه كان على «علاقة جيدة بالأمن في البحرين»، لكن شهادته التي بثها التلفزيون الرسمي لا تظهر حقيقة تلك العلاقة التي تربطه بالمخابرات البحرينية وربما مخابرات دول مجاورة.
لقد كشفت شهادة زعيم أنصار الفرقان هشام البلوشي (أبو حفص البلوشي) التي عرضتها قناة الجزيرة عن علاقة وطيدة بينه وبين المخابرات البحرينية بدأت في العام 2006، لكنها على ما يبدو لم تنته إلا بمقتله في أبريل/ نيسان من العام 2015.
في العام 2006، ذهب البلوشي إلى إيران بناءً على تكليف من المخابرات البحرينية. كلّف الضابط في المخابرات أحمد الشروقي، البلوشي بالاتصال بجماعة جند الله (جماعة إرهابية تنشط في محافظة بلوشستان)، كما كلّفه بجمع معلومات استخباراتية عن الحرس الثوري الإيراني.
ووفقا للإفادة التي أدلى بها البلوشي نفسه، العام 2011، فإن المخابرات البحرينية طلبت منه جمع معلومات وتصوير مواقع عسكرية بينها مطار كونارك العسكري في تشابهار الساحلية ومواقع عسكرية للحرس الثوري في خاش جنوب شرقي البلاد.
نجح البلوشي، كما قال، في جمع «معلومات خطيرة تمس أمن الخليج»، قبل أن يضطر إلى الفرار إلى باكستان في العام 2008 بعد أن ضيقت السلطات الإيرانية الخناق عليه. هناك طلب مساعدة السفارة البحرينية في باكستان بعد أن فقد الاتصال بجهاز المخابرات.
بعد عامين من ملاحقته في باكستان تمكن من العودة للبحرين العام 2010، وتم إبلاغه في جهاز الأمن الوطني أن الضابط أحمد الشروقي الذي كان على اتصال معه خرج من الجهاز. وتم منحه مكافأة قدرها 500 دينار بحريني مقابل المعلومات الاستخباراتية التي كانت بحوزته، كما ذكر ذلك بأسى.
لكن لماذا عاد هشام البلوشي إلى إيران ومن أين جاء بنصف مليون دولار؟
على الرغم من أن جزءا رئيسيا من مهمة هشام البلوشي هو الاتصال بجماعة جند الله إلا أن الجزء الذي عرضته "الجزيرة" من شهادته لم يتطرق إلى نتائج اتصاله بالجماعة التي كان يرأسها آنذاك عبد المالك ريغي.
في نفس العام الذي عاد فيه البلوشي إلى البحرين، تمكّنت السلطات الإيرانية من اعتقال ريغي بعد اعتراض طائرة كانت تقلّه من دبي إلى قيرغستان فبراير/ شباط من العام 2010، قبل أن يتم إعدامه في 20 يونيو/ حزيران من نفس العام.
أدى إعدام ريغي إلى خلافات في جماعة جند الله التي ولد من رحمها «جيش العدل» و«حركة أنصار إيران» و«حزب الفرقان»، حيث اندمج الأخيران معاُ تحت اسم «أنصار الفرقان». كانت الخلافات بين الجماعتين تتركز حول جغرافيا تنفيذ العمليات.
رأت جماعة أنصار الفرقان بزعامة هشام البلوشي أن المعارك والعمليات العسكرية يجب أن تنتقل لعمق إيران، وهي نفس الفكرة التي تتبناها السعودية بشكل علني، حيث أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن بلاده ماضية في نقل المعركة للعمق الإيراني.
وإلى جانب عمل جماعته على نقل المعارك إلى طهران وباقي المحافظات الإيرانية وليس فقط بلوشستان، كانت جماعة البلوشي تعلن عن رغبتها في الإطاحة بالنظام الإيراني الأمر الذي يخالف كل الجماعات البلوشية المسلّحة التي تسعى دائما «لانفصال المحافظة عن إيران أو حصول البلوش على حقوقهم السياسية والدينية».
وخلافا لباقي الجماعات الجهادية حول العالم، يظهر البلوشي احتراما كبيرا لاتفاقية سايكس بيكو وللحكام في الخليج. وظهر في أول تسجيل بعد عودته إلى إيران وهو يهاجم إيران لزعزعتها الاستقرار في البحرين، كما اتهمها في رسالة صوتية أخرى باستهداف دول الخليج.
في 23 نيسان/ أبريل 2015 تمكّنت إيران من قتل (أبي حفص البلوشي) واثنين من مرافقيه في عملية أمنية في بيرانشهر جنوب شرقي البلاد.
وكشف مسؤول أمني، خلال مؤتمر صحافي في طهران، عن مقتل البلوشي، وقال إن جماعته «شُكلت بدعم مالي ولوجستي وبتوجيه من إرهابيين غربيين وعرب في المنطقة العام الماضي بهدف زعزعة الأمن وتنفيذ الاغتيالات والتفجيرات بجنوب شرق البلاد».
ولم يذكر المسؤول الجهات التي تقف وراء البلوشي، غير أنه أكد أن «أجهزة مخابرات بعض الدول متورطة في تمويل وتسليح هذه الزمرة الارهابية».
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن وزير الاستخبارات محمود علوي حينها تأكيده «إن البلوشي شكل فرقا يضم كل منها 12 عضوا لشن هجمات في مختلف أرجاء البلاد مقابل مبلغ 500 ألف دولار».
ولم تكشف إيران مزيدا من التفاصيل بشأن الداعمين الماليين لأنصار الفرقان، غير أن التسجيلات التي بثتها قناة الجزيرة قدمت وثائق جديدة تكشف عن الصلة الوثيقة لأبي حفص البلوشي بالنظام البحريني الذي قد يكون قد قبض الثمن مقابل العمل على تحقيق تطلعات محمد بن سلمان بنقل المعركة للعمق الإيراني.