الشاعر غازي الحداد... سقط في «مهبط وحيه» والبحرينيون ينتظرون عودته
2019-06-30 - 11:43 ص
مرآة البحرين (خاص): في غرفة صغيرة في الطابق الثاني في منزل والده الحاج ناصر الحداد يهوى الشاعر الكبير الأستاذ غازي الحداد الإنفراد بالشعر، وفي تلك الغرفة كانت لحظاته الأخيرة قبل أن يتعرض لجلطة دماغية مفاجئة مساء الثلاثاء 25 يونيو 2019.
هل كانت لحظة من لحظات صعود دفقاته الشعرية أخطأت مخيلته وفتكت بدماغه، لا أحد يعرف ما الذي جرى بالضبط لشاعرنا الكبير، وهو في خلوته الشاعرية التي يقضيها في بيت والده في غرفة (مهبط الوحي) في الطابق الأخير، هناك حيث اعتاد أن يكون قرين شعره وحده.لا يدخل عليه أحد تقديرًا لحرم الشعر المقدس.
أعطى غازي للقصيدة هيبة الموقف وجلال المعجم ووقار الوزن، فكان يكتب على خشبة دعبل التي حملها على ظهره وهو يتغنى بمدارس آيات أهل البيت، ويمتحي من معجم الكميت ونفسه الجدالي في الدفاع عن معتقداته، ويَزن أبيات قصيدته بغزارة إنتاج السيد الحميري.
في التسعينيات كان قصيدته "لو كان لساني مقطوعا لنما ولقال هو الجمري" لسان الجماهير الممتد، ينطق عن ألسنة الشعراء التي حُوصرت ولُوحقت وقُطعت وصُلبت، لقد نما لسانه من حرائق قلوب هؤلاء على مر التاريخ ومرارته، لقد وطّن غازي قصيدته لتنمو في حناجر الناس، وكم كانت بلسمًا لجرحهم في الشيخ الجمري وهو في معتقله وحصاره، وكانت هاديًا لوحدتهم الوطنية "لا سنيةُ لا شيعيةُ.. إخوانا نبقى للحشر".
لقد شُغل غازي الحداد بقضية الحسين، وأوقف كلمته على شرف الكلمة التي جعل الحسين دمه دونها، فراح يهيم بخياله في عالم الحسين وثورته وكلماته، حتى طاف به على جميع الأنبياء في رائعته (الأنبياء والحسين) كتبها لموكب عزاء الحسينية المهدية في التسعينيات، وقد أبدع الشيخ حسن العالي في قراءتها على إحدى أطواره المنبرية:ومر قومُ نوحٍ بالسفين/على جميعِ الأرضِ آمنين/فمذُ أتوا بالطفِ مبحرين/أوشكتِ الأرضُ بهم تلين.
وقد توج ذلك بأن أطلق في العام 2008 مسابقة شاعر الحسين، وهي تجمع شعري كبير يشارك فيه عشرات الشعراء من مختلف الدول العربية. وتهتم المسابقة الثقافية بأدب واقعة كربلاء وتُقام برعاية ومشاركة علماء دين وأساتذة ومتخصصين، عادة ما تُختتم بمشاركة شرفية منه.
لم يُعرف عن الحداد اهتمامه بجمع الدواوين الشعرية، لكن محبّون له قاموا بجمع ديوان وحيد أسماه "الحزن المعشوق" وهو عبارة عن قصائد في رثاء الإمام الحسين (ع).
ويعيش الشارع البحريني صدمة كبيرة منذ تلقيه نبأ تعرض الحدّاد لجلطة دماغية نقل على إثرها لمستشفى السلمانية، حيث أُجريت له عمليتان لوقف نزيف في الدماغ، ولا يزال يرقد في العناية المركزة.
وأعربت شرائح متنوعة من المجتمع البحريني عن صدمتها وأمانيها بالشفاء للحدّاد الذي تقول عائلته إن حالته الصحية تميل للاستقرار لكنها لا زالت حرجة.
الباحث عباس المرشد وعبر صفحته على موقع التدوينات القصيرة كتب يقول «لماذا تركت الحصان وحيدا وأنت الذي عرفتني بيوم القدس منذ 30 عاما؟»
وأما الصحافي غسان الشهابي فكتب عبر صفحته على فيسبوك يقول «غازي الحداد.. الشاعر الفذ... والإنسان الفذ في حاجة لدعوة من القلب».
الشاعر علوي الغريفي كتب على طريقته يقول:
كأنّكَ الآنَ تمشي ماسكاً قلَما
وفوقَ صدرِ القوافيْ تكتبُ الألما
على سريركَ تغفو ألفُ قافيةٍ
هل كنتَ تنزفُ شِعراً ؟! أم نَزَفتَ دَما