"الوفاق": المصروفات العسكرية والأمنية تستحوذ على موازنة البحرين بنسبة 35 % مقارنة مع 25 % للتعليم والصحة والإسكان

الوفاق عن الموازنة العامة الجديدة
الوفاق عن الموازنة العامة الجديدة

2019-06-13 - 1:54 ص

مرآة البحرين: أصدرت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بياناً تضمّن ملاحظاتها حول الميزانية العامة للسنتين الماليتين 2019-2020 التي رفعت لمجلسي النواب والشورى وتم إقرارها في جلسة واحدة عقدها كل مجلس على حدة.
ولاحظت الوفاق في بيانها أن العجز المالي مرشح للتصاعد والاستمرار، وأن الدين العام بحسب صندوق النقد الدولي سيصل إلى 114٪ من الدخل العام للبلاد، وأن اعتماد البحرين على الإعانات والمساعدات يعكس فشلاً ذريعًا، ويعكس عدم قدرة الحكم على إدارة الدولة ومواجهة المخاطر وترك الواقع المالي على المساعدات.
وقال إنّ موازنة المصروفات العسكرية والأمنية المتكررة تستحوذ على 35%، كما أن قطاعات التعليم والصحة والإسكان ومرافق المجتمع يخصص لها 25% فقط من ميزانية الدولة.
ورأت أنّ البحرين بحاجة للبدء في نقل جزء من الموازنات العسكرية والامنية الى قطاعات التعليم والصحة والمساعدات الاجتماعية.
واعتبرت الوفاق الحديث الحكومي «عن اعتبار المواطن الأولوية غير واقعي وليس هناك ما يدلل على ذلك، بل العكس اصبح المواطن في الموازنة الجديدة أولوية في الدفع للحكومة فقط».
وقد تضمن البيان الوفاقي ثلاثة محاور، الأول يخص السياسة العامة للدولة في إعداد وتمرير الميزانية، والثاني تطرق إلى ملاحظات مختارة على أرقام وتفاصيل الميزانية، وأما المحور الثالث فحدّد مطالبَ لإصلاح عملية إعداد وتمرير الموازنة العامة للدولة.

موازنة النفط والضرائب

النفط والضرائب في الموازنة
وفيما يخص السياسة العامة للدولة في إعداد وتمرير الموازنة قال بيان الوفاق أنّه «يمكن الوقوف على التالي: غياب الشفافية الكافية في مشروع الميزانية المقدم من قبل السلطة، مما يجعل من الارقام سواء على مستوى موارد الدخل والصرف ضبابية ولا يمكن الاعتماد عليها بشكل دقيق، وارتفاع الكثافة واطراد الزيادة السكانية غير الطبيعية بشكل كبير جداً خصوصاً دون زيادة الموارد والبنية التحتية، وتأتي هذه الزيادة من خلال القفزة العائلة في أعداد الأجانب أو من خلال التجنيس الكبير وغير المدروس».
وكذلك «استمرار السلطة في الاعتمادات النفطية بنسبة تزيد على %80 من موارد الميزانية، دون وجود خطة واضحة لتنوع مصادر الدخل، وهو ما يجعل البحرين في مهب الريح في حال انخفاض سعر البرميل او اي تطورات تمس سوق النفط، حيث اعتمدت البحرين على دخل النفط والغاز بنسبة كبيرة جداً فاقت الـ 82٪ خلال السنوات الثمان الماضية».
وقالت الوفاق «برنامج التوازن المالي يعتمد على فرض الضرائب على المواطنين دون وجود خطط اخرى واضحة سوى الاعتماد على كاهل المواطنين وفتح الباب لزيادة الضرائب في اي لحظة، وهو أمر له تداعيات خطيرة على الوضع المعيشي والاجتماعي».
مردفةً أنّ «مبادرات اعادة توجيه الدعم الحكومي تتعلق باستهداف المواطن، كالضرائب والخدمات المقدمة للمواطنين مثل دعم الكهرباء الذي انخفض من 350 مليون الى 141 مليون دينار سنوياً».

الدين العام سيرتفع

العجز والدين العام
وأشار البيان إلى أنّ «الدين العام لازال يشكل نسبة كبيرة تقترب من 100% من الدخل، وقابلة للزيادة حسب تقرير صندوق النقد الدولي الذي قال بتقرير له في العاشر من مايو بأن الدين العام سيصل الى 114%، وهو علامة على تردي الوضع المالي للدولة وزيادة الأعباء وغياب الخطة الوطنية لادارة الثروة.
حيث ارتفع الدين العام من 13% الى 87% خلال 10 سنوات، فيما لم يتم حتى الآن اختبار المبادرات التي تتعلق بخفض العجز».
وأشار إلى أنّ «غياب الخطة الواضحة لمعدل الضمان الاجتماعي في ظل الظروف المالية المرتبكة، بما يشير إلى استمرار فرض الضرائب وتصاعدها مع غياب الضمان وهو أقصر الطرق لانعدام الاستقرار الاجتماعي»
وأكدت الوفاق على «انعكاس الأزمة السياسية على الوضع المالي للدولة وتوجيه السلطة للموازنات لصالح المصروفات الامنية والعسكرية غير المعلنة والذي استنزفت مليارات الدنانير دون ادنى حاجة أو ضرورة لذلك».
لافتة إلى «خوف رؤوس الأموال والمشاريع الكبرى وهروبها من العمل في البحرين، لأسباب مالية واقتصادية وسياسية مختلفة، خصصواً مع تراجع صافي الأصول الأجنبية في البحرين إلى الحد الذي لوحد بالتهديد بقيمة العملة المحلية وهو أمر غير مسبوق، ولم يعالج هذا التهديد بالشكل المطمئن حتى الآن».
وقالت إنّ هناك حالة من «عدم الثقة في الاقتصاد البحريني من خلال النظر في التصنيف الائتماني لمملكة البحرين في سوق المال، وبالدقة كيف تنظر الجهات الاقتصادية التي تصنف البحرين من حيث الدخل والمصروفات والاحتياطي العام والنقد المتوافر في خزينة الدولة، حيث استمرار التصنيف السلبي والواضح أن إن المحرك الرئيس لخفض التصنيف الائتماني هو اعتقاد مؤسسات التصنيف الائتماني أن الوضع الائتماني للحكومة البحرينية سيستمر في الضعف على نحو ملموس في الأعوام المقبلة، وبحسب وكالة موديز فإنه لا توجد استراتيجية تعزيز ودمج واضحة وشاملة للبحرين».

مؤشّرات وملاحظات

تفاصيل الايرادات
وقدّمت الوفاق ملاحظات مختارة على أرقام وتفاصيل الميزانية، أولها «العجز الكلي بالموازنة العامة قارب 1.3 مليار دينار (3.45 مليار دولار)، حيث وصل الى 700 ملايين دينار للسنة المالية 2019 و 600 مليار دينار للسنة المالية 2020 وهو مؤشر سلبي يدلّ على عدم تحقق الوعود الحكومية بتقليص الدين العام»
وفي ثاني ملاحظاتها «قُدِّرت المصروفات المتكررة للدولة في ميزانية السنتين الماليتين (2019-2020) بمبلغ (6.659) مليارات دينار، بزيادة كبيرة قدرها (2.38) مليار دينار عن ميزانية السنتين الماليتين (2017- 2018) البالغة نحو (4.278) مليارات دينار، وكل ذلك يعني أننا نتجه للأسوء في ادارة الموارد وأوجه الصرف المختلفة».

كما لاحظت «اعتماد البحرين بشكل أساسي على الإعانات والمساعدات وعدم قدرتها على الإيفاء باحتياجات الوطن وأبنائه، مما يعكس فشلاً ذريعاً، وعدم قدرة الحكم على ادارة الدولة ومواجهة المخاطر وترك الواقع المالي على المساعدات».
أيضًا «غياب عدد من أبواب الدخل الخاصة بالمشاريع الاسكانية، حيث يغيب عن الميزانية مدفوعات المواطنين للوزارة، وكان لافتاً في الحساب الختامي لعام 2017 ان ايرادات الوزارة 10 آلاف دينار فقط، وحسب جدول رقم( 2 ) فإن إيراد وزارة الإسكان 35 ألف فقط خلال 2019»
وأشارت إلى «ارتفاع نسبة الموازنات العسكرية والأمنية في البحرين لأقصى ما يمكن على حساب التنمية والرواتب والتعليم والصحة والخدمات، حيث تستهلك المصروفات العسكرية والأمنية المتكررة لوحدها 35% من موازنة الدولة، دون اضافة موازنة المشاريع الامنية وصفقات التسلح وغيرها، مما يعني استحواذ المصروفات العسكرية والامنية على موازنة الدولة».
وبشأن اعتماد الضريبي، قال بيان الوفاق «يُلحظ في اعتماد النظام الضريبي غياب البدائل الخاصة بالأسر ذات العوز الماديّ، حيث لم نلاحظ وجود مخصصات مالية لهذه الأمور مما يشكل مصدر قلق واهتمام،
والنظام الضريبي في بلد محدود الصرف على المشاريع قد ينعكس على جيب المواطن بخصوص السلع الخاصة بالبناء مثلاً، وبعض السلع الأخرى مثل الغذاء ووسائل المواصلات».
وأضاف «الحديث عن توسع النظام الضريبي مع العام 2020 بحيث يشمل سلع إضافية وكذلك تطبيق الضرائب على الشركات المتوسطة الصغيرة سينعكس سلباً على رفع مستوى المعيشة للمواطن - ويلاحظ هذا في زيادة الدخل الضريبي بواقع 50 مليون دينار في 2020».
وسجل البيان ملاحظة حول «التراجع الملحوظ في ميزانيات المشاريع مما قد يشكل صعوبة في أن يحقق الاقتصاد تقدماً ملحوظاً مع محدودية حجم المشاريع في البلد، مع ملاحظة اعتماد معظم المشاريع على المساعدات والإعانات الخليجية».
وقالت الوفاق إنّ «ربط الاقتصاد للقطاعين العام والخاص لا يعطي ثقته لدى المستثمر مع غياب البدائل عن تمويل القطاع الخاص وهذه سمة بارزة في موازنة الدولة. هذه الالتزامات تشكل انعكاس للتوجه العام للسلطة واستمرار الاعتماد على مصدر الدخل الأساسي وهو النفط».
وأوضحت أنّ «خطة الحكومة في الحد من مستوى العجز المالي مرتبطة بالخطوات التي اتخذتها كتقليص المصروفات، وتحديد فرص العمل للمواطنين والنظام التقاعدي الجديد، لكن ذلك لا يشكل حلًا واقعيًّا، وهناك حاجة ملحة لتوسيع سلة الموارد المالية وإيجاد بدائل دقيقة».
ولفت البيان «يوضح الرسم المرفق من صندوق النقد، سعر برميل النفط اللازم لمعادلة ميزانيات الدول الخليجية المصدرة للنفط، مثلا البحرين كانت تحتاج أن يكون سعر برنت عند 95 دولارًا حتى تتعادل الميزانية فإذا كان أعلى من 95.2 دولارًا تحقق فائض وأقل منه تحقق الميزانية عجزًا، وهكذا لباقي الدول»
وواصلت «في موازنة العامين الحالي والقادم مطلوب أن يتحقق رقم 94 دولار، وفي العام المقبل 89 دولاراً لتحقيق التوازن، وهو ما لم يحصل مما يعني زيادة العجز بالرغم من أن حديث الحكومة دائما ما يكون باتجاه تخفيض العجز الكبير الذي يتفاقم كل عام نتيجة السياسات الاقتصادية الخاطئة».
واعتبرت الوفاق الحديث الحكومي «عن اعتبار المواطن الأولوية غير واقعيّ، وليس هناك ما يدلل على ذلك، بل العكس اصبح المواطن في الموازنة الجديدة أولوية في الدفع للحكومة فقط».
وسجلّت أنّه «من خلال ملف الميزانية تبين بجلاء أن التصويت على برنامج عمل الحكومة يكشف أن هذه الخطوة عبثية وبلا قيمة وليس لها أي أثر أو معنى»
ولاحظ البيان «عدم إدراج عدد من المؤسسات الحكومية أو شبه الحكومية لمواردها في الميزانية العامة، فيما بعض تلك المؤسسات تدرج جزء من مواردها فقط وتخفي أجزاءً أخرى، وهذا يتكرر في عدة مؤسسات»،
وأوضحت أنّه «خلال تطبيقات تنفيذ مشروع التوازن المالي بات واضحاً حتى الآن أن الحكومة غير قادرة على تنفيذ مشروع بشكل مهني ومنصف».

لأجل إصلاح عملية إعداد الموازنة وتمريرها

تفاصيل
وحددت الوفاق عددًا من المطالب لكي يتم إصلاح عملية إعداد الموازنة العامة للدولة وكذلك إصلاح عملية تمريرها، من خلال «اعادة انتاج وتوزيع الثروة والموازنة وفق رؤية وطنية متقدمة تقوم على الشراكة وذلك لتحقيق النزاهة والشفافية وبشكل محترف وبمستوى التحديات والضغوط والظروف المالية التي تحاصر البحرين».
وطالبت «بتشكيل هيئة وطنية للنزاهة ومكافحة الفساد تتكفل بوضع أسس مؤسسية تعنى بالمراقبة والفحص الشامل لكل الواردات والمصروفات».
وقالت إنّ «موازنة المصروفات العسكرية والامنية المتكررة تستحوذ على 35% كما أن قطاعات التعليم والصحة والإسكان ومرافق المجتمع يخصص لها 25% فقط من ميزانية الدولة، لذلك فإنّ البحرين بحاجة للبدء في نقل جزء من الموازنات العسكرية والامنية الى قطاعات التعليم والصحة والمساعدات الاجتماعية، فاستحواذ الموازنات العسكرية والأمنية على 914 مليون في السنة، حيث يمكن نقل 200 مليون منها في 2019 وكذلك 250 مليون في 2020 إلى قطاعات أخرى حيوية وخدمية كالإسكان والتعليم والصحة».
وقالت إنّ «الإيرادات الحكومية الناجمة عن الاستثمارات الأجنبية شبه معدمة في مقابل حجم تكاليف التسهيلات والدعم الحكومي المقدم لها، وهو ما يدعو الى ضرورة وجود رؤية للاستفادة من الاستثمارات الأجنبية كأحد روافد الميزانية العامة للدولة».
ورأت أنّ «زيادة موازنة المشاريع من 200 مليون دينار الى 350 مليون في 2019 وزيادتها الى 400 مليون في 2020 يزيد من حيوية قطاعات مهمة والإنشاءات والخدمات مما ينعكس على اقتصاد البلد المحلي».
وشددت الوفاق في ختام بيانها على «ضرورة الاصلاح السياسي الشامل الذي يشكل الضمانة الوحيدة لترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية والفصل بين السلطات وتنظيم التمرير السليم للميزانية العامة ووجود الرقابة الشعبية عليها».