ماذا لو كانت خطة ترامب ستنجح رغم كل شيء؟

آنشيل بليفر - صحيفة هآرتس - 2019-05-24 - 9:51 م

ترجمة مرآة البحرين

شُغِلنا كثيرًا بالحط من قدر خطة ترامب للسلام، التي تبدو الآن على الأقل وكأنها تتحول إلى ورشة عمل اقتصادية من "السلام إلى الازدهار" في البحرين الشهر المقبل، لدرجة أننا لم نطرح على أنفسنا سؤالًا مهمًا. ماذا لو نجحت خطة ترامب للسلام فعليًا؟

لا أقصد  [بذلك] ما سيحدث في حال أثبتت الخطة أنها صفقة القرن وحققت تقدمًا كبيرًا سيؤدي إلى معاهدة سلام تاريخية بين إسرائيل والفلسطينيين. لا أحد، باستثناء دونالد ترامب، الذي لم يقرأ الخطة وربما لن يفعل ذلك أبدًا، يعتقد أن ذلك ممكن. ولا حتى الواضعان الفعليان للخطة، جاريد كوشنر وديفيد فريدمان، يعتقدان ذلك. لكن هذا ليس ما يسميانه النجاح على أي حال.

بالنسبة لواضعي الخطة، لا يتعلق الأمر بتقديم حل عادل ومنصف للفلسطينيين. سيكون النجاح بالنسبة لهم إزالة الفلسطينيين ومأزقهم من جدول الأعمال الدولي بأقل سعر ممكن. هذا السعر عبارة عن سلسلة من المناطق المعزولة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في غزة، وعلى الأكثر، نصف أراضي الضفة الغربية ، مع القدر الذي يتطلبه الأمر من أموال سعودية وإماراتية وقطرية للحفاظ على هدوئها.

كوشنر وفريدمان ليسا أغبياء. ربما يعرفان أن فرص قبول الفلسطينيين لهذا الثمن ضئيلة. لكن هذا ليس هدفهم.

إنهما لا يحاولان حتى إثارة اهتمام الفلسطينيين. خُطِّط لمؤتمر البحرين من دون التشاور معهم [الفلسطينيين]. لقد تلقوا دعواتهم فقط، وكما هو متوقع ، رفضوها.

كان هناك الكثير من الحديث عن "السلام الاقتصادي" ، ومحاولة "شراء" الفلسطينيين ، و"رشوتهم" للتخلي عن تطلعاتهم الوطنية.

لكن هذا خطأ في قراءة استراتيجية كوشنر وفريدمان. لم يكونا يهتمان بما يقبله الفلسطينيون. إنهما يحاولان شراء العالم العربي، على الأقل الأجزاء التي يهتمان بها -قادة مصر والسعودية ودول الخليج الأخرى. إنهما يعلمان بالفعل من الاجتماعات التي عقداها خلال العامين الماضيين أن الملوك والدكتاتوريين العرب لا يهتمون بالقضية الفلسطينية، إلى جانب إيلائها اهتمامًا ظاهريًا فقط.

هدفهما هو الاستفادة من ذلك، ومن خلال الوعد بتحالف معزز مع الولايات المتحدة، جَعلُ التخلي عن الفلسطينيين أمرًا واقعًا.

يعتمد نجاح خطة ترامب على قبول القادة العرب، لأنه  في حال قبلوا بها، حتى من خلال التزام الصمت في العلن،  لن يكون مهمًا عندها ما يفعله أو يقوله الفلسطينيون. يمكن لهم أن يفجروا أنفسهم بانتفاضة ثالثة، لكن في حال لم يحظوا بدعم الأنظمة العربية السّنية الرّئيسية،  يعتقد فريق ترامب أنه لن يهتم أحد آخر بذلك. ليس هناك أحد آخر مهم، هذه هي الخلاصة.

قد تقولون إنّ هذا مستحيل، وإن العالم لن يوافق أبدًا على استمرار هذا الظلم. لن يبقى خمسة ملايين فلسطيني عالقين تحت درجات مختلفة من الاحتلال العسكري وبدون حقوق مدنية أساسية في القرن الحادي والعشرين، وسيميل القوس الطويل الأخلاقي للكون في النهاية نحو العدالة.

حسنًا نعم، في النهاية. لكن في الوقت نفسه، هل رأيتم ما يبدو عليه العالم الخارجي الآن؟

في حال وقّع الزعماء العرب على خطة توفر للفلسطينيين حكمًا شبه ذاتي وحزمة اقتصادية بمليارات الدولارات ولكن ليس إقامة دولة، فمن بالضبط سيدافع عنهم؟ الاتحاد الأوروبي، حيث الأحزاب القومية الشعبية التي ترى في بنيامين نتنياهو شخصية أبوية على وشك تحقيق مكاسب كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي في نهاية هذا الأسبوع؟ فلاديمير بوتين، الذي تضخ قوته الجوية حاليًا المعقل الأخير للمتمردين السوريين؟ أفضل صديق لبيبي، والذي أُعيد انتخابه مؤخرًا، ناريندرا مودي من الهند؟

تقولون إن الأمر مستحيل؟

يعتقد كوشنر وفريدمان أنهما يقتربان من تحويل الفلسطينيين إلى فئة مثل الأكراد والتيبتيين والتاميل، على سبيل المثال لا الحصر، من الأمم التي لا دولة لها والتي لا يهتم بها العالم حقًا. هذا في حال استطاعوا دفع الأنظمة العربية إلى مواكبة خطتهم.

تقولون إن الأمر مستحيل؟ في غضون أسبوع ونصف، ستحتفل إسرائيل بيوم أورشليم القدس، المعروف أيضًا باسم ذكرى الاحتلال. مضى 52 عامًا حتى الآن، ولم تكن الضغوط على إسرائيل يومًا أقل منها الآن، لوضع حد لها.

لا تزال الاحتمالات ضد نجاح خطة كوشنر-فريدمان، لكن الأمر بعيد كل البعد عن احتمال حدوثه. ما يثير السؤال التالي: عندما يتخلى العالم بأسره عن الفلسطينيين، من سيبقى إلى جانبهم؟

بالطبع، سيظل الفلسطينيون يحظون بدعم إيران وتركيا وكوريا الشمالية وفنزويلا، فضلًا عن منظمات حقوق الإنسان وأجزاء متضائلة من وسائل الإعلام الغربية. إلى جانب الأصوات غير المؤثرة، بشكل متزايد، في المنتديات المختلفة للأمم المتحدة، لأجل الأيام الخوالي. لكن سيكون لديهم حليف إضافي آخر، بالأحرى حليف أكثر ملاءمة. لقدر عرفتموهم -إنهم اليهود الليبراليون من ذوي الميول اليسارية، قليلون في إسرائيل وكثيرون في الشتات، خاصة في الولايات المتحدة.

في حال نجح فريق ترامب،  سيجد اليهود الليبراليون، وهم الغالبية بين اليهود الأمريكيين، أن دورهم قد انعكس. لن ترغب إسرائيل بعد الآن في دعمهم، بينما سيشعرون أنهم بحاجة إلى إنقاذ إسرائيل من نفسها.

في الواقع، نتنياهو مقتنع بالفعل بأنه لا يحتاج إليهم، ويفضل كثيرًا الدعم غير الحاسم لمناصريه الإنجيليين المسيحيين. ولكن لن تكون هناك ادعاءات بعد الآن. بدلًا من ذلك، قد يجدون أنفسهم المجموعة المهمة الوحيدة من منتقدي إسرائيل في الغرب. من بين جميع الإهانات التي تعرض لها اليهود الأمريكيون على يد دونالد ترامب، فإن تحويلهم من قاعدة لإسرائيل إلى منتقديها الرئيسيين قد يكون الإهانة الأكبر.

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus