علي الأسود: لماذا على سماحة العلّامة السيد عبدالله الغريفي؟
علي الأسود - 2019-05-12 - 4:15 م
لم يكن البيان الأول الذي صدر عن نواب مجهولين بريئا إنما كان إيذانا ببدء حملة مؤجلة على سماحة العلّامة السيد عبدالله الغريفي. أقول مؤجلة لأن القوى الأكثر نفوذا في السلطات كانت قد حبست ردة فعلها على خطاب السيد الغريفي الذي ألقاه في حضرة رئيس الوزراء خليفة بن سلمان عندما كان في زيارته في الأول من مايو.
لم يكن مسموحا بالنسبة للديوان الملكي أن يتطرق الغريفي إلى قضايا حقوقية أو سياسية أو مناقشة آثار الخيار الأمني الذي سلكته السلطات البحرينية طوال السنوات الماضية، ولم يكن مسموحا أصلا أن تعود قيادة شيعية سياسية أو دينية في الداخل لتصدّر المشهد وتمثيل الناس وطرح رؤية مغايرة للدولة.
تحرك الديوان بقوة ضد السيد الغريفي لوأد أي دور سياسي يمكن أن يلعبه، ولإرسال رسالة قوية بأن تكلفة الخوض أو إدارة مشروع سياسي ستكون عالية، ووضح ذلك من خلال ادعاء وزارة الداخلية بأن الغريفي بتبني الإرهاب والعنف.
إلى جانب ذلك كان لابد من قطع الطريق على ما كان يعتقد الديوان أنه تحرك جديد لخليفة بن سلمان تجاه الطائفة الشيعية أو محاولة الظهور كقائد جامع، فهذا الدور، بالنسبة لهم، محجوز على الملك حمد بن عيسى آل خليفة وهو صاحب الحق في أن يلعبة وقتما يشاء.
ولا يرى الديوان الملكي أنه حان الوقت لأن يرفع الحظر الاجتماعي والسياسي المفروض على الطائفة الشيعية أصلا. وإذا كان من المبكر جدا الحديث عن إعادتها إلى حضن الدولة، فكيف للديوان أن يقبل أن تعود للتقارب مع الطائفة السنية.
وفي هذا السياق، كان لابد من إبعاد السيد الغريفي (الرجل الثاني بعد آية الله الشيخ عيسى قاسم) عن دوائر التواصل الرسمي والشعبي، ولا يتم ذلك إلا من خلال إبعاد فكرة وجود رجل دين أو عالم شيعي مقبول في الوسط السني كذلك وله مكانة اجتماعية وتكون صورته إيجابية بين أبناء البحرين من المعتدلين او المحبين للتقارب.
وبالتأكيد، تعطيل أي فكرة لزيارة السيد الغريفي من قبل أي من أبناء العائلة المالكة، وأهمهم ولي العهد، حيث كان من المتوقع أن يزور السيد الغريفي ضمن زياراته الرمضانية السنوية، وإيصال رسالة له بأنه غير مرحب بتواصله مع رموز العائلة الحاكمة في أي من المناسبات.
ووفقا لبعض المعلومات فإنه طُرح أن يكون السيد الغريفي ضيفا في مجلس علي بن خليفة وهو مجلس يحضره غالبية أبناء العائلة الحاكمة. فالديوان يعتقد أن تواصل الغريفي يهدف إلى إحداث خرق في الجدار الصلب الذي أقامه في وجه قيادات الشيعة.
إن تلك الحملة الشرسة ترسل رسالة جديدة أن السلطة ليست على أبواب حل سياسي، فهذا ما عبّرت عنه ردة الفعل الغاضبة من قبل وزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة تجاه بيان الرئاسة الفرنسية الذي دعا البحرين لحوار سياسي لتسوية النزاع في البلاد.
لا يريد الديوان أن يسمع نصائح تتعلق بالتسوية السياسية من قبل الأطراف المحلية والدولية، لذلك أرادها رسالة قوية تصل إلى الممثليات الأجنبية بأن ببعدم التفكير في وضع سماحة السيد سياسياً، وذلك بعدما بدأت التساؤلات من قبل سفارات مهمة في الداخل عن الدور الممكن أن يأخذه السيد في إيجاد حل سياسي من خلال التواصل بينه وبين الملك بعد رئيس الوزراء.