25 ألف أم 8 آلاف: كم عدد العاطلين في الميدان... يا حميدان؟
2019-04-01 - 4:00 ص
مرآة البحرين (خاص): "هذا الميدان... يا حميدان"... مثل بحريني يشير بسخرية إلى التحدّي. ومع أنّه متجانس جدا مع اسم وزير العمل البحريني جميل حميدان، لكن أسلوبه البلاغي البحراني الجميل، لا يتّسق بحال من الأحوال مع وضع هذا الوزير العاجز.
حميدان يجد نفسه اليوم مُحاصرا. هو يُريد أن يثبت أنّه على قدر التحدّي، لكنّ ميدانه انتزع من سلطته تماما، وصار في تصرّف آخرين. حميدان مجرد صورة في الميدان.
السخرية من حميدان أو انتقاد عمله، فضلا عن تحدّيه، هو باب محبط. يثير الرجل الشفقة أكثر من الرغبة في السخرية. ففضلا عن قضية البطالة المشتعلة، تزج الحكومة بحميدان في وجه جميع مشاريع تقشّفها، التي لم يكن أصلا ضمن من قام بتفصيلها، والتخطيط لها، ولا حتى استشير فيها، بدءا من قضية تعديلات قانون التقاعد، تقليص علاوة الغلاء، والاستحواذ على أموال صندوق التعطل.
يذهب حميدان للبرلمان للدفاع عن هذه المشاريع وغيرها، رغم أنّه لا ناقة له ولا جمل، لكن أكثر ما يشغله اليوم داخل الوزارة هو موضوع الشارع الساخن: البحرنة.
التصريح الأخير لحميدان حمل في طيّاته اعترافا صريحا بأن جميع ملفّات "سوق العمل" خرجت عن سيطرته.
عن مشاريع التوظيف ومواجهة أزمة البطالة المتفاقمة، يقول في التصريح إنه سيدشّن برنامجا متكاملا لاستهداف المنشآت غير الملتزمة بالبحرنة، لدفعها للوصول إلى نسبة البحرنة، ولكن بـ"التنسيق" مع "هيئة تنظيم سوق العمل" التي تتحكّم بهذا الملف تماما.
كيف يلجأ وزير للتحدّث بلغة "التنسيق" مع "هيئة" يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها؟ لا يحدث ذلك إلا في مثل حالة حميدان، العاجز عن فرض أي قرار أو التدخّل في أي قواعد وقوانين وإجراءات تخص هيئة سوق العمل. كل أوامرها وخططها تأتي من فوقه، لا منه، بما فيها التصريح المرن للعمّال الأجانب المخالفين، وإلغاء شرط نسبة البحرنة للتصريح بمزيد من العمّال الأجانب مقابل رسوم.
في خططه الأخرى لمجابهة البطالة، تحدّث حميدان عن مشروع التدريب مع ضمان التوظيف، ومشروع دعم الأجور للعاملات بنظام العمل الجزئي للإناث، ولكن هذه المرة بالتنسيق مع صندوق العمل (تمكين). جميع هذه المشاريع بما فيها المشروع الكبير لدعم وزيادة أجور البحرينيين، خرجت منذ زمن من عهدة الوزارة إلى عهدة تمكين، ليس فقط لإحكام السيطرة عليها من قبل دواوين الحكم الرفيعة، بل لإخراجها من موازنة الحكومة إلى موازنة تمكين، التي تأتي بالكامل من رسوم يتم تحصيلها من القطاع الخاص، لا الدولة.
جهات أخرى، كرّر وزير العمل حالة "التنسيق" معها لطلب المعونة في مواجهة الكارثة التي حلّت بسوق العمل البحريني. سينسُق حميدان مع مجلس التنمية الاقتصادية "لجذب الاستثمارات الخارجية التي توفر الوظائف الجاذبة والمناسبة للبحرينيين، ووضع آلية لزيادة استفادة البحرينيين من الوظائف التي توفرها". إنّه ووكيله صباح الدوسري، لا يملكان كما يقول الأخير أن يلزموا هذه المؤسسات بتوظيف البحريني، حتى عبر شروط نسبة البحرنة التي توفّتها الحكومة. وحده مجلس التنمية (ذراع ولي العهد الاقتصادي) من يمكن أن يطلب منهم ذلك، لطفا لا أمرا، فهم أصحاب حق ومال لا ينبغي التضييق عليهم أو تنفيرهم.
بدا وزير العمل وكأنّه أمين عام منظّمة حقوقية لا يملك سوى أن يحث ويطلب من الجهات ذات القرار في الدولة أن توقف هذا النزيف.
الغريب أن الوزير لم يتحدّث أيضا عن خطط لتدريب العاطلين مهنيا وحرفيا بالتنسيق هذه المرة مع "معهد البحرين للتدريب" الذي كانت وزارته وراء تأسيسه والإشراف عليه منذ التسعينات، حتى أخرجته انتفاضة 2011 من عهدتها إلى عهدة وزارة التربية، في أغرب التغييرات العبثية التي قامت بها الحكومة.
خسر وزير العمل رئاسة مجلس إدارة التأمينات الاجتماعية، والمجلس الأعلى للتدريب المهني، وخسر معهد البحرين للدراسات المصرفية، وتحوّل بالأخير إلى منظّم معارض، ومؤسسة علاقات عامة تتوسّل الشركات لإرسال شواغرها الوظيفية وقبول مرشحي الوزارة من العاطلين البحرينيين لشغلها.
ليس هناك ما يمكن أن نتحدّى حميدان فيه، من كرسيه المتحرّك، غير بعض الصدق. كم عدد العاطلين في الميدان، يا حميدان؟ هل كما قلت في تصريحك الأخير 25 ألف تستهدف الوزارة توظيفهم خلال العام 2019، أو 8 آلاف عاطل... الرقم السحري الذي تحلف الوزارة بالأيمان المغلّظة أنه يظل ثابتا كما هو، في كل عام.