الناشط الإماراتي أحمد منصور: الطريقة الوحيدة لمواجهة القمع هي كشفه

الناشط الإماراتي أحمد منصور (أرشيف)
الناشط الإماراتي أحمد منصور (أرشيف)

بيل لو - موقع فير اوبسرفر - 2019-03-13 - 10:22 م

ترجمة مرآة البحرين

أذكر أنّه في إحدى المرات، منذ بضع سنوات، مازحني أحمد في اتصال عبر سكايب بالقول إنّه "آخر رجل يتحدث" في الإمارات العربية المتحدة والمنطقة انتهاكات حقوق الإنسان. لقد كان تقريبًا كذلك. كل ناشط آخر في دول مجلس التعاون الخليجي يقبع  في السجن أو في المنفى أو يتم إسكاته خوفًا مما ستفعله السلطات بهم وبأحبائهم.
دفع أحمد منصور وعائلته ثمنًا باهظًا بسبب دفاعه عن حقوق الإنسان. في أوائل العام 2011، وبعد توقيعه على عريضة تطالب بإصلاحات ديمقراطية واقتصادية، تعرضّ لحملة تشهير على الإنترنت نظّمها جهاز أمن الدولة. قال إن "تويتر وفايسبوك والرسائل النصية والتلفزيون والإذاعة ينشرون معلومات زائفة عني لخلق بيئة من الكراهية". كانت حملة تضمنت عددّا من التهديدات بالقتل.
بعدها، في أبريل / نيسان من العام ذاته، قُبض عليه واحتُجز في السجن لمدة ثمانية أشهر تقريبًا وأُدين بتهمة "إهانة الحكام" في محاكمة جائرة للغاية. في 27 نوفمبر / تشرين الثاني من العام 2011 ، حُكِم على منصور بالسجن ثلاث سنوات. في اليوم التالي، وبفضل الغضب الدولي بشكل كبير، تم العفو عنه مع أربعة آخرين.
وعند الإفراج عنه، كان قد فقد بالفعل وظيفته كمهندس كبير في شركة اتصالات. بعد ذلك، رفضت الحكومة إصدار شهادة حسن سيرة وسلوك له. من دونها، لا يمكنه العمل في القطاعين العام والخاص. تم تجميد حساباته المصرفية. صودِر جواز سفره وتمّ حظر سفره - وهو حظر رفضت السلطات رفعه حتى يتمكن، بشكل شخصي، من استلام جائزة مارتن إينالز المرموقة للمدافعين عن حقوق الإنسان في جنيف في العام 2015.

كنت قد كتبت إلى لجنة الحكام لدعم ترشيحه للجائزة. في ما يلي جزء مما قلته: "إذا توصل القضاة إلى قرار بمنح أحمد منصور (الجائزة) ، فسيكونون قد اعترفوا بمدافع ثابت عن حقوق الإنسان في منطقة وفي وقت تتعرض فيهما هذه الحقوق لهجوم غير مسبوق. سوف يبقون شعلة الأمل، لجميع الموجودين في دول الخليج وخارجه، الذين تعرضوا للترهيب والسجن والإساءة على أيدي حكوماتهم، على قيد الحياة. سيكونون، في أخطر الأوقات في الشرق الأوسط والعالم ، قد كرّموا صوت احتجاج سلمي يرفض السكوت ".
على الرغم من المخاطر التي واجهها، واصل أحمد العمل مع الصحفيين مثلي ومع منظمات حقوق الإنسان الدولية للنهوض بقضية حقوق الإنسان في الإمارات. ثم، في مارس / آذار 2017 ، اختُطف واقتيد إلى مكان مجهول. لم يكن لدى عائلته أي فكرة عن مكان وجوده ولم يكن لديها أي اتصال فعلي به.  مُنع من الاتصال بمحام من اختياره. بعد مضي قرابة العام على اعتقاله، قُدِّم إلى المحكمة، وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات وغُرِّم بمليون درهم ( أي272300 دولار) بعد إدانته بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الوحشية بتهمة "إهانة مكانة ودولة الإمارات ورموزها، بما في ذلك قادتها" و"السعي لإلحاق الضرر بعلاقة دولة الإمارات العربية المتحدة مع جيرانها من خلال نشر تقارير ومعلومات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي". وفي أواخر ديسمبر / كانون الأول من العام الماضي، تم رفض الاستئناف النّهائي الذي قدّمه.

أفكر به كثيرًا، وبالشجاعة العظيمة التي يظهرها في السجن. هذه القصيدة، وهي إحدى قصائده، تذكرني بهذه الشجاعة وبثباته:

لم كل هذي النّجوم؟

واللّيل

والغيوم

والسماء، كخيمة في الصحراء

في مكان كهذا،
كل شيء
رفاهية

لم يكن قمع الناشطين مثل أحمد منصور، وسحق المعارضة في الشرق الأوسط أسهل من أي وقت مضى بفضل إدارة ترامب. في عهده، تخلّت الولايات المتحدة عن أيّ ذريعة للقلق بشأن قضايا حقوق الإنسان في أي مكان في العالم. الرّئيس الأمريكي ، تمامًا كالمستبدين العرب، يكره النقد.  هو مثلهم، "رقيق المشاعر" ومتغطرس على نحو استثنائي. يكذب مثلهم بشكل صارخ أثناء اتهامه وسائل الإعلام بقول الأكاذيب عندما يثير [الإعلام] انتقادات مشروعة. ويستخدم مثلهم منصبه لتعزيز ثروات عائلته. ومثلهم، يسعى لإسكات الأصوات المعارضة.

نحن، في الغرب، يتوجب علينا ألا نسكت عن مطالبة حكومة الإمارات بالإفراج عن أحمد منصور. إنّ قبولنا بالكثير من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية في مقابل الصفقات التجارية ومبيعات الأسلحة وصمة عار عميقة بالفعل للمملكة المتحدة. علينا أن نطالب أليستر بيرت، وزير الشرق الأوسط، وجيريمي هانت، وزير الخارجية بالجهر بالانتقاد، وبأن تدين وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث الحملة على المعارضة في الإمارات والدّول الخليجية الأخرى.

يريدني أحمد أن أذكر علياء عبد النور، وهي شابة تموت من السرطان، مُقَيّدة بالسلاسل إلى سرير في المستشفى، وتم رفض السّماح لها بقضاء أيامها الأخيرة في منزل ذويها. يريدني أن أذكر الدكتور ناصر بن غيث، وهو عالم اقتصاد متميز يقضي 10 سنوات في السجن، والمحامي محمد الركن، وعددًا من سجناء الرأي الآخرين المحتجزين بقسوة في السجن في الإمارات العربية المتحدة.

يريدني أحمد أن أتحدث عن زعيم المعارضة البحرينية الشيخ علي سلمان،  والناشط من أجل حقوق الإنسان نبيل رجب، وآلاف السجناء السياسيين والمحتجين الآخرين المحتجزين في سجن جو البحريني؛ [ويريدني] أن أتحدث عن لجين الهذلول وعشرات الناشطات الأخريات المحتجزات في السجون السعودية،  اللّواتي تعرضن لانتهاكات مريعة.

يريدني أحمد، [ويريدنا] جميعًا هنا، أن نكسر الصمت الذي فرضته الأنظمة السّيئة على النشطاء المسالمين، وقد سمح قبول الحكومات الغربية وتشجيعها [لهذا الأمر]  بانتشاره [الصّمت].

كيف لم ترني،

كما لو كنت مختبئًا وراء جبل ،

وكيف رأيتك عندها،

تمر على بعد فرسخين،

تثني القمر بنظرة،

وتشد النجوم،

إلى الحقل؟!

عرف أحمد منصور أنه، في إحدى الليالي، سيصل الرجال ذوي الأقنعة السّوداء، وسيُمسِكون به. سألته ذات مرة عن سبب إصراره على انتهاج طريق من شأنه أن يؤدي مرة أخرى إلى سجنه. قال "إن الطريقة الوحيدة لمواجهة القمع هي الكشف عنه. ونعم، هناك دائمًا هذا الاحتمال بأنني سأعود إلى السجن. لكن إن لم نتكلم نحن، من سيفعل ذلك؟ الشجاعة تملي علينا بأننا لا نستطيع [التزام الصمت]، ولن نكون صامتين".

 

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus