حكيم العريبي: الهرب من الجانب المظلم في البحرين

حكيم العريبي أثناء اقتياده إلى المحكمة في تايلاند (أرشيف)
حكيم العريبي أثناء اقتياده إلى المحكمة في تايلاند (أرشيف)

حكيم العريبي - صحيفة النيويورك تايمز - 2019-03-04 - 3:26 م

ترجمة مرآة البحرين

لن أنسى أبداً الحب والدعم اللّذين قوبِلت بهما  لحظة وصولي إلى هنا في 12 فبراير/ شباط بعد أن أمضيت 76 يومًا في الحجز في تايلاند. الالتزام الدّولي المشترك بقضيتي هو ما أعادني لحريتي. أنا الآن في المنزل مع زوجتي، من أجل هذا، نشكر بعمق كل من لعب دورًا في عودتي الآمنة.

ما الذي جعلني أستمر خلال هذه الأيام المظلمة الـ76؟ علمًا أن العالم كله كان يشهد على الظلم. رآني ملايين الأشخاص حافيًا، ومقيدًا في جلسة استماع في بانكوك، ليس لكوني ارتكبت أي جريمة -لم أكن قد فعلت ذلك- ولكن لأنني أعتقد أنّ العائلة الحاكمة في تايلاند توثق علاقاتها مع آل خليفة، العائلة التي تحكم البحرين، التي ولدت فيها، والتي كنت مثلتها في فريقها الوطني لكرة القدم.

كانت الأغلال مهينة. أنا لست مجرمًا، على الرغم من كوني حوكمت غيابيًا بشأن ما نُظِر إليه على نطاق واسع على أنه تهم مفبركة -بما في ذلك الاتهام غير المنطقي بأني شاركت في تفجير مركز للشرطة في وقت كنت ألعب فيه كرة القدم في مباراة متلفزة - وحُكِم عليّ بعشرة أعوام في السّجن.

أؤمن بشدة أن جريمتي الوحيدة كانت إزعاج العائلة المالكة البحرينية من خلال جذب الانتباه إلى فشل الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، في حماية الرياضيين ، وتورطه المزعوم باعتقالهم وتعذيبهم، بعد تظاهرات مؤيدة للديمقراطية في البلاد في العام 2011.

هربت من البحرين في العام 2014 بعد أن علمت بالتهمة ضدي، وحصلت على الإقامة في أستراليا، حيث مُنحت وضع لاجئ في العام 2017. ومع شعوري بالأمان، نسيت غالبًا أنه لا يزال هناك اتهامات غير منصفة ضدي، وخططت مع زوجتي لإمضاء شهر عسلنا.

 

وصلت إلى تايلاند فقط لأجد نفسي مفصولًا بسرعة عن زوجتي، ومسجونًا في مركز للاحتجاز.

يعتقد كثيرون أن عودتي إلى أستراليا كانت انتصارًا مجيدًا، لكنها بالنسبة لي لم تكن إلا نصف نصر. أناآمن الآن، وأعيد لم شملي مع زوجتي، لكن هذا يذكرني بأن حلمي بالعودة إلى البحرين لن يكون حقيقة في أي وقت قريب.

البحرين لديها فقط زنزانة تقدمها لي، لكن أستراليا الآن وطني، وحكومتها وشعبها سانداني.

أثناء وجودي في السجن، كان لديّ الكثير من الوقت للتفكر في كيفية وصولي إلى هنا. لا شك لديّ في أن سجني في تايلاند كان عقابًا لي لانتقادي الشيخ سلمان، أحد أفراد العائلة المالكة البحرينية، أثناء حملته الانتخابية في العام 2016 ليكون رئيسًا للفيفا، المنظمة الدولية لكرة القدم. إن تسليطي الضوء على انتهاكاته المزعومة لحقوق الإنسان في العام 2011 ساهم على الأرجح في فشله في الفوز فيها.

أنا رجل حر الآن، ولكن ماذا عن أكثر من 150 من الرّياضيين البحرينيين ومسؤولي الرّياضة الذين تم اعتقالهم وتعرضوا في بعض الحالات للتّعذيب في العام 2011؟ لا يزال بعضهم في السجن حتى يومنا هذا. لم يتم إجراء تحقيقات موثوقة في هذه الانتهاكات.

هناك جانب مظلم للرياضة في البحرين. تستخدم المملكة الثروة والرياضة لتبييض سجلها في الانتهاكات، وتسكت أولئك الذين يحاولون جذب الانتباه إلى هذا النمط.

تعرضت الناشطة نجاح أحمد يوسف للتعذيب والاعتداء الجنسي والسجن في العام 2017 بسبب جرأتها على انتقاد سباق الجائزة الكبرى في البحرين، وتم إطلاق النار على الصحفي أحمد إسماعيل حسن وقتله أثناء محاولته تغطية الاحتجاجات المحيطة بالسباق في العام 2012. تم إطلاق النار على صلاح عباس حبيب موسى، وهو قائد للاحتجاجات، خلال نهاية الأسبوع التي حصل فيها السباق، ولم يُحاسب أي شخص على وفاته. سيشهد الشهر المقبل (مارس/آذار)  انطلاق سباقات الفورمولا 1 في البحرين. إذا فشلت إدارة الفورمولا واحد في ضمان الإفراج عن نجاح يوسف، يتوجب عليها إلغاء السباق.

في البحرين، هناك نتائج  للانتقاد، لكنني على استعداد لتحمل المخاطر الشخصية والوقوف من أجل حقوق الإنسان مهما كانت العواقب، وهو أمر يقوم به عدد من البحرينيين الشجعان. عما يفعله العديد من البحرينيين الشجعان.

لا تسيئوا فهم الأمر، كما فعلت عندما ذهبت لإمضاء شهر العسل في تايلاند:  قد أكون حرًا الآن، لكني لا أزال، مع عدد من المنتقدين السلميين الآخرين هدفًا للبحرين. لا يزال أقرباء صديقي، سيد أحمد الوداعي، مسجونين في البحرين لانتقاده النّظام من لندن. وهذا الأسبوع، أيدت محكمة بحرينية الحكم بالسجن ثلاثة أعوام ضدهم، وهو ما تعتبره الأمم المتحدة عمل انتقام غير شرعي بسبب الروابط العائلية.

تشجعت البحرين بفضل الرئيس ترامب ، الذي أوضح لها أنه "لن يكون هناك ضغوط مع هذه الإدارة". كانت الولايات المتحدة في وضع قوي للمساعدة إنهاء على إنهاء محنتي، لكنها، بدلًا من ذلك، اختارت التزام الصمت.

في الواقع ، سافر وزير الخارجية مايكل بومبيو إلى البحرين وأشاد بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، لكنه لم يُشِر إلى قضيتي. لم يقتصر الأمر على عدم ذكر وضعي حين كنت لا أزال معتقلًا في تايلاند، ولكنه فشل في إثارة قضية حقوق الإنسان كليًا. كانت الولايات المتحدة تمتلك الوسائل لاستخدام نفوذها، لأن البحرين حليف وثيق ومركز للأسطول الخامس، لكنها فشلت في اتخاذ موقف. وبالمثل،تجنبت بريطانيا، على نحو مشين، تقديم الدعم لقضيتي.

إذا تعلمت البحرين أي شيء من سعيها لتسليم لي، فهو أنه بإمكان حكومتها اعتقال وتعذيب وقمع شعبها  في حين ستواصل دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا غض النّظر.

تؤكد قضيتي القوة الهائلة للبحرين في انتهاك المعايير الدولية، مثل تقديم "نشرة أحمر" غير شرعية للإنتربول لوقف لاجئ أثناء سفره.

وتُظهر أيضًا للبحرين أن الولايات المتحدة وبريطانيا تعتبران مصالحهما الخاصة أكثر أهمية من حياة البحرينيين. تتخلى هذه الدول عن حقوق الإنسان في وقت تزداد الأمور فيه سوءًا في البحرين وستواصل فقط  التدهور.

أنا محظوظ جدًا لأني تمكنت من العودة إلى أستراليا ومواصلة حياتي، لكن عددًا من البحرينيين الآخرين لا يتمتعون بهذا القدر من الحظ. وفي حال تلقوا نفس المستوى  الذي حصلت عليه من الدعم الدولي، فقد يتمتعون بذات الحرية التي أتمتع بها الآن.

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus