رسالة من رئيسة صندوق النقد الدولي لولي عهد البحرين: أوقفوا ماكينزي

ولي عهد البحرين يقود الاقتصاد منذ أكثر من 10 سنوات بالاعتماد على رؤية مستقبلية أعدتها شركة ماكينزي
ولي عهد البحرين يقود الاقتصاد منذ أكثر من 10 سنوات بالاعتماد على رؤية مستقبلية أعدتها شركة ماكينزي

2019-02-13 - 11:00 ص

مرآة البحرين (خاص): هي رسالة غير مباشرة لولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة وفريقه الاقتصادي. لم تكن من «ثيوقراطي ولا اشتراكي»، إنما أرسلتها رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد: أوقفوا استخدام الشركات الاستشارية العالمية.

نعم، أوقفوا الاعتماد على «شركتي ماكينزي وبوستون الاستشاريتين» تحديدا. إن «الإنفاق على هذه الشركات غير مجدٍ». عبارات واضحة وجهتها الوزيرة السابقة في الحكومة الفرنسية بحضور ممثلين عن الشركتين في دافوس.

وقالت «أتطلع حولي لأرى ما إذا كان هناك أحد من مجموعة ماكينزي أو بوستون الاستشارية، وإن كانوا هنا، أرجوكم أنصتوا إليّ جيدًا: أرى الكثير من الدول ذات الدخل المتدني والاقتصادات ذات الأسواق الناشئة تنفق ملايين الدولارات بتفويض مستشارين لوضع خطط استراتيجية».

وتضيف «أوصي ببعض الادخار من خلال اعتماد المبادئ الـ 17، والمواد القابلة للتنفيذ، والبدء بذلك (...) لكن لا تعيدوا اختراعها (البنود)، إنها موجود فعلًا. لقد تم إضاعة الكثير. وهذا جزء من الإنفاق غير المجدي الذي يمكن ادخاره».

رئيسة الصندوق، الذي تتعرض سياساته في  الترويج القوي لإصلاحات السوق الحرة في البلدان المَدينَة لانتقادات شديدة، يوصي بعدم الانفاق على شركة ماكينزي التي كتبت رؤية البحرين 2030.

هذه الرؤية التي نزلت على الاقتصاد البحريني بالبرشوت مقابل مقابل 14 مليون دولار. رؤية «مخترعة» بحسب وصف رئيسة الصندوق ولم تكن تستحق إهدار هذه الأموال. وبإمكان رؤية نتائجها في الحائط الذي ارتطمت به البلاد.

رسالة وإن لم تكن موجهة للبحرين تحديدا، لكنها تلامس الواقع الذي وصلت إليه البلاد من وراء اعتماد خطة ماكينزي. إن الرئيسة تقترح على البحرين والدول المدينة بديلا عن ذلك: أوقفوا المشاريع الكبرى والفساد.

كأن رئيسة الصندوق تشير إلى مشاريعكم الكبيرة الخائبة وفسادكم. لقد أنفقت الحكومة على بناء حلبة البحرين مثلا 65 مليون دينار وبلغت خسائرها التشغيلية أكثر من 130 مليون دينار خلال 10 سنوات فقط. واعتبرت شركة ممتلكات الحلبة «أكثر الشركات استنزافا لموارد الشركة القابضة بعد شركة طيران الخليج».

إن الحل الذي اقترحته يكمن في وقف الهدر على مثل تلك المشروعات الكبيرة لا المزيد منها كإغراق طائرة من طراز بوينغ 747 لبناء متنزه تحت الماء. إنه مشروع آخر لم تعلن البحرين عن كلفته، ولا الفئة التي يستهدفها «مشروع الغوص» ولا فرص نجاحه.

أما الفساد الذي تحدثت عنه لاغارد، فالبحرين من بين الدول التي تعاني منه. تراجع على مؤشر الفساد، وتقارير ديوان الرقابة المالية مليئة بما يسمح بظهوره فقط. بينما لا يسمع أحد عن محاسبة أحد.

إننا إذن، أمام استثمار المزيد من الأموال في مشروعات بلا طائل، وفساد يستشري يتورط فيه مسؤولون كبار في الدولة لا يطالهم أي نوع من أنواع الرقابة والمساءلة، بينما تغرق مالية البلاد في أزمة ديون هي الأخطر.

على الرغم من التحفظات على سياسات الصندوق الذي تدفعنا باتجاه المزيد من الضغط على الفقراء، إلا أن رسالة رئيسة الصندوق فيما يتعلق بالخطط الاستراتيجية التي تضعها الشركات الكبيرة جديرة بالتأمّل.

لا يمكن لأي اقتصاد في العالم أن يقوم على تجاهل آراء الداخل لصالح رؤى خارجية معلّبة. إن على ولي العهد وغيره من المسؤولين التوقف فورا عن تلك السياسات المدمّرة إذا كانوا يريدون فعلا النهوض بالاقتصاد.