موقع آسيا تايمز: على النظام البحريني أن يوقف ملاحقة حكيم العريبي

يحيى الحديد وباقر درويش - موقع آسيا تايمز - 2019-01-24 - 6:56 م

ترجمة مرآة البحرين 

تسبب الاحتجاز التعسفي في تايلاند للّاعب البحريني حكيم العريبي بفتح ملفات حقوقية لم تكن السلطات البحرينية لترتاح من مناقشتها، وتحديدًا [ملف] سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وعضو العائلة الحاكمة (53 سنة)، الذي ظلّت عيونه تراقب منصب رئاسة الفيفا.

فمن باب المصادفة، تولّى سلمان آل خليفة رئاسة الاتحاد البحريني لكرة القدم في 2 مارس / آذار من العام 2002، أي بعد 15 يوم من صدور "دستور المنحة غير التعاقدي"، السبب الرئيسي للأزمة السياسية في البلاد في العامالا 2011، لكن لم يكن من باب المصادفة أن يتولى رئاسة لجنة رسمية شكّلها نجل الملك في العام 2011 للتحقيق وفق البيان الرسمي في "التجاوزات التي صدرت من بعض منسوبي الحركة الرياضية أثناء الأحداث السياسية التي مرت بها المملكة"، وهي اللجنة التي تلا تشكيلها حدوث انتهاكات مروعة بحق أكثر من 156 رياضي بحريني.

في الحقيقة، لعل الكثيرين يتساءلون: لماذا لاحقت السلطات الأمنية الكوادر الرياضية في البحرين؟ وللإجابة على هذا السؤال، علينا أن نعرف بأنّه حين يوسم نصف الشعب بالخيانة فليس هناك فرق بين أن تكون طبيبًا أو لاعبًا رياضيًا أو مدرسًا أو ناشطًا حقوقيًا أو نقابيًا أو سياسيًا أو إعلاميًا؛ إذ أصبحت جميع الفئات المهنية والعمرية في البحرين، بعد إعلان حالة الطوارئ في العام 2011، عرضة للملاحقات الأمنية والقتل خارج إطار القانون والتعذيب والتشهير في وسائل الإعلام.

من هنا بدأت حكاية حكيم العريبي؛ لأنّه ينتمي إلى الأغلبية السياسية في البلاد، التي طالبت بتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وأن يكون الشعب مصدرًا للسلطات؛ لذلك وضعه أفراد من العائلة الحاكمة ضمن بنك أهداف القمع، فتعرض للاعتقال التعسفي في العام 2012 أثناء دخوله إلى مقهى لمشاهدة مباراة بين ريال مدريد وبرشلونة؛ وذلك على خلفية اتهامه بالهجوم على مركز للشّرطة في الوقت الذي كان فيه يشارك فيه في  مباراة تم نقلها مباشرة على تلفزيون البحرين ليتعرض بعدها خلال 45 يومً الوجبات من التعذيب التي لا ينتهي، والتهديد بمنعه من لعب كرة القدم نهائيًا، قبل أن يُفرَج عنه لاحقًا، ويعود القضاء ليحكم عليه بالسجن، وهو ما تسبب بمغادرة العريبي إلى أستراليا وتقديمه طلب اللجوء السياسي فيها.

 

استهداف الرياضيين

لم يكن غريبًا أن يرفض القاضي محمد بن علي آل خليفة (عضو العائلة الحاكمة) النظر في أدلة البراءة في قضية حكيم العريبي، فالقاضي نفسه متورط بإصدار عشرات الأحكام التعسفية بحق سجناء الرأي في البحرين، ومنها إسقاط الجنسية عن 57 مواطنًا بحرينيًا لأسباب سياسية، وتأييد حكم الإعدام بحق ضحية التعذيب ماهر الخباز، فضلًا عن الحكم على زعيم المعارضة البحرينية الشيخ علي سلمان بالسجن 9 سنوات في قضية دانها المجتمع الحقوقي الدولي.

إنَّ القاضي الذي حكم على حكيم العريبي بالسجن، وتسبب بملاحقته في المنفى، ينتمي للمنظومة القضائية التي تكرس سياسة الإفلات من العقاب. لقد وثق تقرير بسيوني 50 نمطًا من أشكال الانتهاكات، ووثّقت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية 21 أسلوبًا من أساليب التعذيب في غرف الموت بالبحرين من بينها الصعق الكهربائي والاعتداء الجنسي، ومن أبرز التقارير التي تحدثت عن التعذيب، تقرير لهيومن رايتس ووتش "هذه دماء من لم يتعاون"، وتقرير منظمة العفو الدولية "لا أحد يستطيع حمايتكم" بالإضافة لتقرير بعنوان "غرف الموت" لثلاثة منظمات حقوقية بحرينية، كما تعرض أكثر من 15 ألف بحريني للاعتقال التعسفي بينهم الآلاف من ضحايا التعذيب، ولازال هناك أكثر من 4000 سجين سياسي في البحرين، وهو الذي البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه الأصليين نصف مليون نسمة تقريبًا؛ لذلك تم تصنيف البحرين وفق تقرير المركز الدولي لأبحاث السياسات الجنائية في المرتبة الأولى وفقًا لنسبة السجناء في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان؛ إذ تصل نسبة السّجناء إلى 301 من كل مائة ألف من السكان، بعضهم لا زال يضطر لشرب المياه والشاي في قناني أدوات التنظيف مثل "الكلوركس" و"الفلاش"؛ ولا يتوقف التعذيب في تلك السجون.

الطموحات إلى الفيفا

ومن المعروف أنَّ حكيم العريبي كان من أشد منتقدي سلمان آل خليفة عند ترشحه لرئاسة الفيفا؛ حيث تحدث عمّا تعرض له زملائه من وجبات التعذيب بعد العام 2011، وفي البحرين فإنَّ الصعقات الكهربائية المتتالية أثناء التحقيق والإعتداء الجنسي والضرب المبرح هو أقل شيء قد يعانيه من ينتقد أعضاء العائلة الحاكمة في وسائل الإعلام. بالإضافة إلى ذلك، هناك ملف ثقيل يتضمن الانتهاكات التي طالت الرياضيين في البحرين، ولا يستطيع حكيم العريبي نسيان تلك الحقائق، على الرغم من أن تكلفة العودة إليها مؤلمة، حيث اعتقلت السلطات البحرينية أكثر من 156 من لاعبي كرة القدم والرياضيين منذ بدء الحملة الأمنية في العام 2011، وتم رصد عشرات الشكاوى للتعذيب وسوء المعاملة والمحاكمات غير العادلة.

كما أن حملات الاعتقال التعسفي والتعذيب في البحرين طالت اللاعبين في الرياضات التالية: كرة القدم، كرة السلة، كرة الطائرة، كرة اليد، الجمباز، الجوجيتسو ورياضة السيارات.

ومنذ العام 2011، طالت حملات الاعتقال التعسفي  أيضًا الصحافيين الرياضيين مثل فيصل هيات وهو ضحية تعذيب أو رؤساء رابطات لمشجعي الأندية، مثل النادي الأهلي أو نادي الاتفاق.

وفي العام 2011 أيضًا، خُصِّصَت حلقة في برنامج "مع الحدث" بتلفزيون البحرين للتشهير بالرياضيين والتحريض على اعتقالهم وتعذيبهم لاحقًا ووضع صور الرياضيين ورسم دائرة على رؤوسهم.

وعلى الرغم من أنّ الفيفا لم ينشر تقارير "فحوصات النزاهة" التي أجراها على المرشحين لرئاسة الاتحاد في العام 2016، والتي قد تكشف عن بعض تفاصيل الانتهاكات التي طالت الرياضيين؛ فإنَّ المتورطين بتعذيب الضحايا وحملات الاعتقال التعسفي  لا يزالون يحظون بالترقيات في الحكومة البحرينية، مع كون إنهاء سياسة الإفلات من العقاب صفرًا، ولا زالت البحرين في صدارة الدول المتورطة بقضايا التعذيب وسوء المعاملة.

 

النص الأصلي