مذكّرات 2018: الخوالد و«نائب تائب» في حرب الأمير العائد دوما

2019-01-01 - 2:34 ص

مرآة البحرين (خاص): شنّ وزير المتابعة في الديوان الملكي أحمد عطية الله آل خليفة حربا شرسة خلال العام 2018 ضد رئيس الوزراء البحريني العتيد خليفة بن سلمان آل خليفة (47 عاما على سدّة الحكومة)، محوّلا الصراع بين جناح الخوالد وجناح خليفة بن سلمان إلى علني صريح.

جاء ذلك عقب تسريب محادثات بين الوكيل المساعد بمجلس الوزراء إبراهيم الدوسري وبين النائب السابق أنس بوهندي، وصف فيها الدوسري أحمد عطية الله بـ «الكلب».

كان وراء تسريب المحادثات حساب جديد ظهر فجأة على شبكة تويتر تحت اسم «نائب تائب» وصار رأس حربة عطيّة الله في هجومه على جناح خليفة.  

انضم إلى أطراف الصراع رئيس مجلس النواب السابق أحمد الملّا، والنائبان خالد الشاعر وجمال بوحسن، المحسوبون جميعا على عطيّة الله، والذين كانوا عرضة لهجوم من الدوسري في محادثاته المسرّبة. كما انضم له النائب عبد الله بن حويل المحسوب على رئيس الوزراء.

ومباشرة عقب كشف هذه المحادثات (فبراير/شباط 2018)، رفع النائبان خالد الشاعر وجمال بوحسن دعوى لدى النائب العام ضد النائب أنس بوهندي وإبراهيم الدوسري.

استغل الخوالد كامل نفوذهم للرد بغضب على ديوان رئيس الوزراء، وعليه قام وزير العدل خالد بن علي آل خليفة بعزل النائب أنس بوهندي عن الخطابة، كما طلب من مجلس النواب رفع الحصانة عنه للبدء في محاكمته.

وبعد أيام قدّم 5 نواب طلبا لتشكيل لجنة تحقيق في ملكية أرض أقام عليها إبراهيم الدوسري مجمعا تجاريا في الرفاع الشرقي، وقال النائب خالد الشاعر إن الأرض، كان مقررا بناء مدرسة عليها، وتبلغ قيمتها السوقية 7 ملايين دينار، ووافق مجلس النواب على تشكيل لجنة تحقيق في ملكية إبراهيم الدوسري لمجمع الريم، بينما ظلت حسابات عطيّة الله تهاجم خليفة بن سلمان وتّتهمه بالاستيلاء على هذه الأرض ومنحها الدوسري بشكل غير قانوني.

غضب رئيس الوزراء خليفة بن سلمان من كل هذه الإجراءات التي اعتبرها استهدافا شخصيا له، وهاجم علنا إدارة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية على خلفية نشر التسريبات، وقال خلال مجلسه الأسبوعي إنها تنشر الفتنة بين المواطنين، وذلك بحضور الوكيل إبراهيم الدوسري.

ولاحقا كشفت كاتبة صحافية أن خليفة بن سلمان آل رفض استقبال رئيس مجلس النواب أحمد الملا، لغضبه من لجنة التحقيق التي شكّلها المجلس في الأرض التي كان قد منحها الدوسري بنفسه.

خليفة بن سلمان صعّد من حدّة ردّه باللجوء إلى السعودية للتدخّل في الخلاف، وقال لاحقا إن قيادات دول الخليج تداولت ما يجري وهي غير راضية عن الخلاف الحالي، في إشارة إلى وقوف السعودية إلى جانبه.

وفي هجوم مضاد، قال خليفة إن لجنة التحقيق البرلمانية ولدت ولادة غير شرعية، نافيا استيلاءه على أي أرض في حياته، ووصف ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي بكومة قمامة، محذّرا بأنّه قادر على إيقاف وبتر هذا التجرّؤات بترا.

سريعا أعلن نواب انسحابهم من لجنة التحقيق أملاك الدوسري، وأنهى النائب خالد الشاعر التحقيق بتأكيده أن ملكية الأرض مطابقة للقانون، رغم أنّه كان قد ألمح قبل ذلك بيوم، عبر حسابه على تويتر، إلى تعرضه لضغوط لإنهاء عمل اللجنة متوعّدا أن يستمر في ذلك ولو كلّفه حياته.

كما رفض مجلس النواب رفع الحصانة عن النائب أنس بوهندي بعد إعلان الشاعر وبوحسن تنازلهم عن الدعوى الجنائية ضده.

وفي تراجع كبير من جناح الخوالد، سُمح لوزير الداخلية باتخاذ إجراءات ضد القائمين على حساب «نائب تائب» وآخرين ضالعين في الهجوم على رئيس الوزراء على المنصات الإلكترونية. وصرّح وزير الداخلية أنّه بصدد اتخاذ إجراءات صارمة لمعالجة ما أسماه «الفوضى الإلكترونية» والانفلات غير المسبوق، من الحسابات التي تدّعي بأنّها تدار من الديوان الملكي، فيما اعتبر خطاب تنازل ورضوخ من جناح الخوالد، لجناح رئيس الوزراء المنتصر.

كانت السلطات في غضون ذلك قد اعتقلت 6 أشخاص بتهمة إدارة حساب «نائب تائب»، والستّة هم الإعلامي محمد الشروقي، عبدالله يوسف المالود، خالد محمد محمد، راشد سعد الدوسري (موظف في إدارة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية)، فهد صالح الشمري والضابط في وزارة الداخلية عبدالعزيز محمد مطر.

بعد أن بدت الحرب تضع أوزارها، أفرج عن الستة فيما يبدو بكل هدوء. لكن تردّدات حساب نائب تائب، ظلّت حاضرة. فقبل اعتقال أحد أبناء النائب السابق محمّد خالد بتهمة المشاركة في إدارة الحساب أيضا، بعد تبليغ والده عنه، كشفت حسابات موالية لرئيس الوزراء أنشأت لمواجهة جناح أحمد عطية الله بأن رئيس تحرير صحيفة الوطن يوسف البنخليل ضالع هو الآخر في الخليّة نفسها، عبر تغطية أخبارها بالصحيفة وتوفير الدعم التقني اللازم.

كما أظهرت تغريدة أرسلها حساب «نائب تائب» أن البنخليل قد يكون أحد الأشخاص الذين يقفون وراء الحساب بشكل مباشر.

وكانت النيابة العامة قد استدعت رئيس تحرير صحيفة الوطن يوسف البنخليل للتحقيق في الشكوى المقدمة من عضو مجلس النواب أنس بوهندي بتهمة السب والقذف، وذلك إثر نشر صحيفته خبرًا عنوانه «أهالي سادسة الجنوبية يشكرون وزير العدل لعزل أنس بوهندي عن إمامة مسجد الغتم».

وفي أكتوبر/تشرين الأول حكمت محكمة بحبس البنخليل شهرا مع وقف التنفيذ وكفالة 100 دينار، واستبداله بعقوبة يدوية بديلة.

في نهاية المطاف، تم أيضا عزل النائب خالد الشاعر سياسيا بعد رفض قبول ترشّحه مجددا للانتخابات النيابية، ولم يترشّح رئيس مجلس النوّاب السابق أحمد الملا للانتخابات مجدّدا، في حين أطلقت جهات محسوبة على رئيس الوزراء الرصاصة الأخيرة على جناح الخوالد في هذه الحرب، حين اخترقت حساب نائب تائب، وسيطرت على محتواه، لتوجّهه لصالح الأمير العائد دوما!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus