مذكّرات 2018: العام الذي سجّل أعلى عدد من أحكام إسقاط الجنسية في البحرين... والإجمالي يفوق 800

2018-12-30 - 6:56 م

مرآة البحرين (خاص): لم يعد إسقاط الجنسية في البحرين بعد العام 2018 مجرّد إجراء عقابي رمزي، بل بات جزءا من خطّة واضحة لتطهير البلاد من المعارضة بأي ثمن، أو ربّما خطّة لتغيير ديمغرافية البلاد بأسرع الطرق الممكنة حتى لو كانت أكثرها فجورا.

فبعد القضاء كلّيا على مؤسسات المعارضة والمجتمع المدني، واعتقال أبرز الشخصيات السياسية والحقوقية، وإخماد صوت البقية تماما، ومواصلة الزج بالآلاف في السجن كل عام، دون رادع، بدا إسقاط الجنسية وكأنه لمسة تنظيف أخيرة.

وصول عدد المواطنين الذين طالهم إسقاط الجنسية منذ 2011 إلى حوالي 800، في بلد يبلغ تعداده من السكان الأصليين 650 ألف، هو أكبر الأدلة.

يقول الكاتب والمحلل السياسي بيل لو في مقال «لوضع هذا الرقم في سياق، كانت نفس السياسة ستؤدي في المملكة المتحدة ، إلى وجود مليون بريطاني عديمي الجنسية».

ولم تكتف السلطات بإسقاط الجنسية عن متّهمين سياسيين في محاكمات، بل حرمت جميع المواليد الذين سجن آباؤهم من استصدار شهادات ميلاد وجوازات سفر، بحسب ما أشارت الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي لحقوق الإنسان في العالم لعام 2017.

اطّردت الأرقام بشكل مخيف خلال العام 2018، الذي سجّل أعلى عدد من أحكام إسقاط الجنسية طال 298 مواطنا، ليبلغ المجموع بحسب إحصاءات المنظمات والمتابعات الخبرية حوالي 804 مواطنا تم إسقاط الجنسية عنهم منذ 2011.

وشهد العام 2018 حكما باتّا من محكمة التمييز بإسقاط الجنسية عن آية الله الشيخ عيسى قاسم، الزعيم الروحي للشيعة في البلاد، والذي كان قيد الإقامة الجبرية قبل أن يغادر إلى لندن بشكل طارئ للعلاج.

كما شهد 2018 حادثة نادرة في تاريخ القضاء، ربما على مر التاريخ في كل دول العالم، بإسقاط الجنسية عن 115 شخصا في محاكمة واحدة، وهي قضية ما عرف بـ«كتائب ذو الفقار». وتداولت وكالات الأنباء هذه الأحكام بتعجّب، وقالت عنها منظمة العفو الدولية بأنها «مثيرة للسخرية» وأنها «دليل آخر على أن سلطات البحرين لا تعير أي اعتبار للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة».

وبينما صدرت بعض أحكام إسقاط الجنسية بمراسيم من الملك، أو قرارات من وزير الداخلية بحكم صلاحياته الجديدة، صارت جميع الأحكام الأخيرة بإسقاط الجنسية عن المعتقلين أو الناشطين تصدر مباشرة عن القضاء، إلى جانب أحكام بالسجن أو الإعدام.

وحتى لو كان حكم الإدانة الصادر ضد بعض المعتقلين لا يتجاوز السجن 5 سنوات، فإنّه لن يكون في مأمن من إسقاط الجنسية.

ومن خلال اتهامات بتجنيد عناصر، أو تهريب وتصنيع أسلحة، أو تشكيل خلية إرهابية، أو التدرّب في معسكرات بالعراق أو إيران أو لبنان، أو إيواء أعضاء في جماعات إرهابية، أو تمويلها، أو إطلاق النار على رجال الشرطة، والشروع في قتلهم، أو القيام بعمليات تفجير (حتى لو لم تصب أحدا)، تحوّل المئات من البحرينيين المعارضين للنظام إلى عديمي الجنسية.

المتّهمون بالانضمام إلى تنظيمات مثل «ائتلاف 14 فبراير»، أو «سرايا المختار» أو «سرايا الأشتر»، مصيرهم الحتمي بالإضافة إلى السجن هو نزع الجنسية. أما تنظيم «داعش» فقد حصد أعضاؤه في البحرين 8 أحكام فقط لإسقاط الجنسية.  

وفي إحدى أبرز المحاكمات أسقط القاضي المعروف علي الظهراني جنسية 6 من عائلة واحدة، هي عائلة الشهيد علي المؤمن، الذي قتل خلال احتجاجات دوار اللؤلؤة التاريخية العام 2011. وكانت تهمة العائلة، هي بالطبع «تشكيل جماعة إرهابية»، مع آخرين يصل عددهم جميعا إلى 24.

وفي قضية هروب الشهيد رضا الغسرة ورفاقه من سجن جو،  قضت المحكمة بإسقاط جنسية 47 معتقلا، اتّهموا بإيوائهم.

وفي ختام شهر نوفمبر/تشرين الثاني دمّر القضاء البحريني  حياة أسرة بحرينية بالكامل، وذلك بعد أن حكم على زوجين بحرينيين بالسجن وإسقاط جنسيتهما معًا، وترك طفليهما الصغيرين للضياع. وكانت المواطنة زينب مكي عباس مرهون، هي أول امرأة يصدر ضدها حكم بإسقاط الجنسية في جملة المحاكمات السياسية التي شهدتها البلاد على مر 8 سنوات.

فضلا عن ذلك، أيّدت محاكم الاستئناف جميع أحكام إسقاط الجنسية التي طُعن فيها، بلا استثناء واحد.

وقامت السلطات في العام 2018 بترحيل ثمانية (بينهم امرأة) من المواطنين الذين سبق وأن أسقطت الجنسيات عنهم، قسرا من البلاد، وتم إبعادهم جميعا إلى العراق.

منظمة العفو الدولية دانت عمليات الترحيل، داعية إلى وقفها، وقالت في بيان إن طرد هؤلاء من وطنهم يمثّل "استخفافا آخر" من البحرين "بمواطنيها و لحقوق الإنسان والقانون الدولي على نطاق أوسع".

من جهتها دعت هيومن رايتس ووتش البحرين إلى وضع حد "للترحيل التعسفي وإعادة الجنسية إلى من نزعت منهم أو سحبت ظلما أو تعسفا" واعتبرت أن "ادعاءات السلطات البحرينية بالتعددية والتسامح مع المعارضة سقطت مع نزعها الواضح لجنسية مواطنين لا ترغب فيهم".

وتبنّت منظمة سلام، ومقرّها لندن، قضيّة المسقطة جنسياتهم، وتابعتها عن كثب، مصدرة عدة تقارير وبيانات حول تطوّراتها. كما عقدت المنظّمة عددا من الندوات في الخارج داعية الاتحاد الأوروبي للضغط على السلطات البحرينية من أجل وقف هذه السياسة المدمّرة. ودشّنت في هذا السياق تقريرا مفصّلا عن إسقاط الجنسية في البحرين تحت عنوان «مواطنون بلا هويّة»، كما أطلقت موقعا خاصّا بالمسقطة جنسياتهم تحت اسم «أنا بحريني».

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus