ماذا لو تعسكرت الثورة؟

2012-07-24 - 11:52 ص


مرآة البحرين (خاص): بعد حوالي العام والنصف، صار من اللازم إنجاز مراجعة أو تقدير للموقف السياسي في الثورة البحرينية. ومن الواضح أن الكثير من اللاعبين متنبهون جيدا لهذه الضرورة، وقد بدأوا فعلا بإنجاز هذه المراجعة والوقوف على وضع الثورة الآن ومستقبلها.

يرتبط ذلك حتما، بالتطور الاستثنائي الذي حدث في الحراك الميداني منذ أكثر من شهر، وهو منع وزارة الداخلية كل مسيرات وتجمعات المعارضة بعد أن كان المنع مقتصرا على مسيرات العاصمة.

لم تلتق المعارضة جماهيرها منذ 9 يونيو/حزيران الماضي، واكتفت بالتمسك بتنظيم التظاهرات غير المرخصة مهما تكن النتائج، والتي كانت مناوشات ومواجهات بلغت حد محاولة اغتيال الأمين العام لجمعية الوفاق.

الثورة لا تريد أن تنتهي ولا يمكن أن يصدق أحد بما فيهم النظام أنها بمنع المسيرات المرخصة ستنتهي، ولكن الأهم (للجميع) هو معرفة مآلاتها والمسار الذي قد تدخل فيه ضمن هذا التعقيد الجديد.

سيفتح هذا الباب على السؤال الذي وجّه صراحة للشيخ علي سلمان أمين عام الوفاق في لقائه الأخير على قناة BBC: هل ستتجهون لحمل السلاح؟ جواب سلمان كان مألوفا "لن نلجأ إلى السلاح وسنتمسك بسلميتنا والتحدث بصوت العقل".

سلمان يكرر دائما بأن هذه وجهة نظره في مصلحة الحراك السياسي وأهدافه، لكن الوفاق والجمعيات السياسية دائما ما تكون على حافة المواجهة، كما أن بقاءها في الشارع بهذه الطريقة سيدفعها للمواجهة حتما، وإن بشكل غير معلن، فلا يمكن لأحد السكوت طويلا على انتهاك حرمات البيوت والاعتقالات العشوائية وعمليات القمع ومحاصرة القرى فضلا عن الاعتداء على النساء، الذي ورد تغير مهم في التعامل معه فعلا بعد خطبة "السحق" الشهيرة للزعيم الديني الشيخ عيسى قاسم.

مواجهة آلة القمع ليست ممنهجة ولا خطة فيها عند الجمعيات السياسية لحد الآن، لكنها ليست هي وحدها من يخوض غمار الصراع ضد النظام، هناك أيضا حركات الشباب التي يحتويها ائتلاف 14 فبراير.

تبدو المناطق المضطربة كل ليلة أشبه ببؤرة حرب، وإن كانت الموازين مختلة تماما بين الجهتين. يطور شباب 14 فبراير العديد من الأدوات يدويا لمواجهة قوات الأمن، وهو أمر لم يعد خافيا على أحد، لكن أن تدعي الحكومة أن يصل الأمر إلى مخزن متفجرات، فذلك وإن أحاطت به كل هالات التشكيك والاستغراب، هو تطور خطير جدا جدا.

على ذلك، لن يبدو غريبا ما حدث البارحة من قطع أهم شارع سريع وهو الواصل بجسر الملك الفهد، ومن ثم مهاجمة إحدى المدرعات والاستحواذ عليها وإحراقها.

تجدر الإشارة إلى أن تحول الحركات الشبابية للعنف المضاد تولّد من ضغط القمع المتراكم على مستوى الأسباب غير المباشرة، ومن منع التظاهرات والتجمعات السياسية السلمية التي كان يدعوا لها "الائتلاف" أو تحاول المجاميع الشبابية إطلاقها عشوائيا، على مستوى السبب المباشر.

اليوم، تتجه السلطة إلى استخدام الأسلوب نفسه مع جماهير الجمعيات السياسية، فكل شيء ممنوع، ولم يعد هناك أي نشاط سياسي ميداني قادر على الظهور بنفسه منذ أكثر من شهر.

في الوقت ذاته، هناك اليوم أيضا إلحاح في إعابة الموقف المزدوج للولايات المتحدة الأمريكية من العنف في كل من سوريا والبحرين، رغم أنه لا مجال للمقارنة. هناك اعتبارات أكثر ستعطى لدور العنف في صناعة التحولات السياسية من خلال نموذج سوريا الذي يكرر النموذج الليبي وإن بصيغة مختلفة.

هناك أيضا الموقف الذي يجب أن لا يتجاهل للشيعة في العراق والقطيف، فهم يكررون دائما رغبتهم بالوصول للبحرين والدفاع عن أهلها أو إدخال السلاح لهم لمواجهة ما يلاقونه على أقل تقدير.

كل هذا يدفعنا إلى أن نفهم أن هناك تغيرا ما في طبيعة الصراع مع النظام، ليس هذا تهويلا ولا مزايدة، بل ربما يكون سياقا طبيعيا أوقفته أو أخرته سلطة الزعامة الدينية الشيعية وبعض كاريزما الرموز السياسية.

في زيارته الأخيرة للبحرين، التقى الصحافي الأميريكي الشهير نيك كريستوف بأحد المتظاهرين، الذي لامه كثيرا على انتقاد الشباب لاستخدامهم المولوتوف، كان كريستوف يستمع له بشكل جيد، قال له المتظاهر باختصار: كيف تريدنا أن نصنع، ماذا نفعل وهم يقومون بكل ما ترى؟

ما يراه كريستوف تحديدا هو أن مثل هذا العنف المضاد يضر بمصلحة المتظاهرين خصوصا فيما يتعلق بالدعم الغربي لمطالبهم، وواقعا لم يعد هناك أي دعم غربي، فنبيل رجب في السجن، والشيخ علي سلمان كاد أن يقتل، وأوباما لم يحرك ساكنا!!




التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus