على الجمهور التفرق... انتهت الانتخابات
2018-12-03 - 9:48 ص
مرآة البحرين (خاص): واحدة من الإجراءات الشكلية التي تسبق استخدام القوة ضد المحتجين في البحرين هي أن يصرخ الضابط في مكبر صوت: «على الجمهور التفرق». لا تقصد قوى الأمن، على الإطلاق، الحفاظ على سلامة المحتجين، بل تهدف لاستكمال إجراءاتها الشكلية لأي عملية قمع عادة ما يسقط فيها ضحايا.
لا تختلف عملية الاقتراع عن الغرض نفسه. فهي لا تأتي ضمن عملية سياسية وديمقراطية شاملة، إنما هي إجراء شكلي لاستكمال «ديكورات» العائلة الحاكمة: لدينا برلمان/ قضاء/ صحافة، لكن لا أحد من تلك الجهات يمتلك أدنى صلاحية في التعبير فضلا عن التغيير.
استدعت العائلة المقترعين للمشاركة في انتخاب مجلس تشريعي يمكن له حسب اعتقادها أن يستكمل شكل الدولة أمام العالم وأن يعطي الصبغة الشعبية لمقررات الجهات التنفيذية. بعض المقترعين «لبى الواجب» لحماية مصالحه المستقرة مع نظام الحكم والآخر جاء تحت التهديد بالحرمان من الحقوق الأساسية.
اليوم، تصرخ السلطة في وجه المقترعين «عليكم التفرق». فالقانون لا يسمح بالتجمعات أو التظاهرات، ولا يسمح بعقد الندوات إلا خلال فترة الترويج للمشاركة في الانتخابات الشكلية تلك، وفي معسكرات انتخابية يُحدّث فيها المرشحين المقترعين عن علاجات «خشونة الركبة».
لقد انتهت العملية السياسية في البحرين عند هذا الحد، أخذنا صوتكم الانتخابي، ولا نريد الاستماع لأصوات أخرى تطالب، تحتج، تعترض أو حتى تلتمس، كل ما يحق لكم هو إعلان التذمّر وأنتم تستمعون لمقررات فرض المزيد من الضرائب والفواتير الجديدة التي يتعين عليكم تسديدها للحكومة.
لقد رشح عن عملية التصويت الفارغة تلك انتخاب مجلس بلا طعم ولا لون ولا رائحة. أشخاص من مختلف التوجهات لا يربطهم أي رابط. هم لا يتنمون لأي مؤسسة حزبية أو سياسية ولم يقدموا برامج انتخابية يلتزمون بها، وآخرون لا يرتبطون حتى بعلاقة بالمجتمعات المحلية إنما جاء بهم التزوير.
رشحت تلك العملية عن جدار صد عن الملك وعائلته أمام الشعب، لكنه يختفي خلف أصبعه. كما حدث فعلا مع ضريبة القيمة المضافة التي أقرها بمرسوم وأحالها للبرلمان لتمريرها في صيغة قانونية وشعبية، وكذلك فعل أشخاص جاءوا للتمتع بمزايا مالية مقابل لعب ذلك الدور القبيح.
لقد جاءوا وجاء هذا البرلمان كنتيجة لعملية مفصولة تماما عن الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد. فالبلاد التي تشهد يوميا أحكاما بالإعدام وإسقاط الجنسية واعتقال النساء هي نفسها التي تشهد انتخابات يراد إقناع العالم بشرعيتها أو أنها جاءت في سياق ديمقراطي شامل!
البلاد التي لا يوجد فيها حوار سياسي لتحقيق مصالحة وطنية تنهي الانقسام الذي تعيشه منذ أكثر من 7 سنوات هي نفسها التي انتخبت! والوطن الذي لا يُسمح فيه للقوى العمّالية والسياسية بمناقشة قرارات مصيرية كالتحول نحو النظام الضريبي، هو نفسه الذي يحتفل بـ «العرس الانتخابي»!
بلد كل شيء فيه شكلي. لا تمثيل حقيقي للناس ولا رغبة حقيقية في الحفاظ على مصالحهم. كل ما تريده العائلة الحاكمة أن تحافظ على سلطتها وامتيازاتها. ولأجلها لا لأجل البحرين «لبّيتم واجبكم» فهل على العائلة واجبات تلبيها لكم؟!