» رأي
السعودية الحائرة.. بين ثورتين
علي داوود - 2012-07-12 - 7:05 ص
علي داوود
لم تكن تتمنى السلطات السعودية أن تكون في عين الحدث، وأن تصبح قضية اعتقال الشيخ نمر النمر شريطاً إخبارياً يومياً في الفضائيات، لولا أنها على ما يبدو شاءت أن تضحي بشيء مقابل شيء آخر، أن تضحي ببعض الضجيج الإعلامي لصالح استرضاء فريق السلطة الذي يشعر بالخيبة لأنه بعد عام من التطبيل للحل الأمني، والتهييج الإعلامي تجاه مظاهرات القطيف والعوامية، لم تقطع السلطة برأيهم "رأس الحية"، وأن جرعة الجرأة في خطابات الشيخ النمر آخذة في الازدياد.
بقاء النمر طليقاً كان سبباً في إطلاق الكثير من التحليلات والتخمينات والشكوك، وكان في أخطرها التشكيك في قدرة الدولة على ثني الجماهير التي أعادت تعريف الشوارع في القطيف، وجعلت منها منصات عامة للبوح، في بلد مازال يصنف في قائمة الدول القامعة للحريات، هذا البلد الذي يصر أن يبقى وحيداً في هذا الكون دون برلمان ودون دستور، ودون حد أدنى مقبول من المشاركة الشعبية في الشأن العام.
رحيل الأمير نايف فتح هو الآخر الباب لمزيد من التحليلات تجاه مستقبل العلاقة بين السلطة والشارع الشيعي في السعودية، فبالإضافة إلى كونه الحصن الحصين للمؤسسة الدينية وخطابها المتشدد تجاه الشيعة، يقف نايف كمهندس أول لصورة الدولة البوليسية التي ظهرت فيها الحكومة في تعاملها مع المعارضين، ومع كل المبادرات الأهلية التي قدمتها الفعاليات الوطنية على اختلافها، وفي ضمنهم الشيعة الذين عبروا صراحة عن تململهم من وعود السلطة في إيجاد حلحلة مرضية لقضايا التمييز في القطاعات الحكومية والمناصب الرسمية، وباقي القائمة من المطالب التي كانت حاضرة طيلة سنوات الحوار بين وجهاء الشيعة والسلطة.
كان الشارع يتأمل أن يكون رحيله بداية لمزيد من الانفتاح والانفراج في المشهد السياسي، خاصة وأن ضغوط الربيع العربي كانت واضحة في اتجاهات السياسية السعودية الخارجية، ومخاوف تأثيراتها بادية على خطاب السلطة وطبيعة تعاطيها مع قضية "الاتحاد الخليجي"، المقترح الذي ساقه الملك السعودي لدول الخليج ويبدو أنه جاء لإنقاذ البحرين فقط من احتمالات الغرق في أمواج الغضب الشيعي المتنامي هناك، الأمر الذي يفسر الحماسة التي أبدتها وتبديها البحرين في قبال الفتور والامتناع لدى الدول الأخرى.
أحداث الأيام الماضية لا تنبىء عن كثير من التغيير في السياسة الداخلية، حتى مع الحرص الرسمي اللافت لعدم تحول المسألة إعلامياً إلى هجوم على الشيعة-على خلاف ما جرى في العام الماضي-، فمازال صوت الرصاص مسموعاً على هامش التظاهرات، ومازالت قائمة الشهداء مفتوحة لاستقبال المزيد، والشارع الذي أثارته الطريقة الاستفزازية التي جرى بها اعتقال النمر والمقاطع التي تفوح منها رائحة الطائفية والتي روجتها قوى الأمن من مشهد الاعتقال إياه، سيظل حاضراً ومتأهباً لأي تطورات تتصل بسلامة الشيخ النمر، والذي مازال الغموض يكتنف مصيره مع استمرار التكتم الرسمي على ظروفه الصحية.
والمحصلة أن الدولة التي كانت تظن نفسها محصنة عن تأثيرات الربيع العربي وجدت نفسها منشغلة ومتورطة حتى أخمص قديمها بملف الشيعة على طرفي الجسر، فكل صيحة ضد التمييز في شوارع البحرين اليوم تجد ما يقابلها في شوارع القطيف، وكل شعار تتلون به الجدران هناك، يجد له صدى في جدران الأزقة والأحياء هنا، ما يجعلها تتخوف من أي تنازل تقدمه السلطة البحرينية للشارع المعارض، لأنه بالنتيجة سيهب الناس في السعودية، والشيعة تحديداً، مزيداً من الأمل، ومزيداً من التطلعات لأجل غد تسقط فيه كل مقومات الديكاتورية وفي مقدمتها التمييز الطائفي.
لم تكن تتمنى السلطات السعودية أن تكون في عين الحدث، وأن تصبح قضية اعتقال الشيخ نمر النمر شريطاً إخبارياً يومياً في الفضائيات، لولا أنها على ما يبدو شاءت أن تضحي بشيء مقابل شيء آخر، أن تضحي ببعض الضجيج الإعلامي لصالح استرضاء فريق السلطة الذي يشعر بالخيبة لأنه بعد عام من التطبيل للحل الأمني، والتهييج الإعلامي تجاه مظاهرات القطيف والعوامية، لم تقطع السلطة برأيهم "رأس الحية"، وأن جرعة الجرأة في خطابات الشيخ النمر آخذة في الازدياد.
بقاء النمر طليقاً كان سبباً في إطلاق الكثير من التحليلات والتخمينات والشكوك، وكان في أخطرها التشكيك في قدرة الدولة على ثني الجماهير التي أعادت تعريف الشوارع في القطيف، وجعلت منها منصات عامة للبوح، في بلد مازال يصنف في قائمة الدول القامعة للحريات، هذا البلد الذي يصر أن يبقى وحيداً في هذا الكون دون برلمان ودون دستور، ودون حد أدنى مقبول من المشاركة الشعبية في الشأن العام.
رحيل الأمير نايف فتح هو الآخر الباب لمزيد من التحليلات تجاه مستقبل العلاقة بين السلطة والشارع الشيعي في السعودية، فبالإضافة إلى كونه الحصن الحصين للمؤسسة الدينية وخطابها المتشدد تجاه الشيعة، يقف نايف كمهندس أول لصورة الدولة البوليسية التي ظهرت فيها الحكومة في تعاملها مع المعارضين، ومع كل المبادرات الأهلية التي قدمتها الفعاليات الوطنية على اختلافها، وفي ضمنهم الشيعة الذين عبروا صراحة عن تململهم من وعود السلطة في إيجاد حلحلة مرضية لقضايا التمييز في القطاعات الحكومية والمناصب الرسمية، وباقي القائمة من المطالب التي كانت حاضرة طيلة سنوات الحوار بين وجهاء الشيعة والسلطة.
كان الشارع يتأمل أن يكون رحيله بداية لمزيد من الانفتاح والانفراج في المشهد السياسي، خاصة وأن ضغوط الربيع العربي كانت واضحة في اتجاهات السياسية السعودية الخارجية، ومخاوف تأثيراتها بادية على خطاب السلطة وطبيعة تعاطيها مع قضية "الاتحاد الخليجي"، المقترح الذي ساقه الملك السعودي لدول الخليج ويبدو أنه جاء لإنقاذ البحرين فقط من احتمالات الغرق في أمواج الغضب الشيعي المتنامي هناك، الأمر الذي يفسر الحماسة التي أبدتها وتبديها البحرين في قبال الفتور والامتناع لدى الدول الأخرى.
أحداث الأيام الماضية لا تنبىء عن كثير من التغيير في السياسة الداخلية، حتى مع الحرص الرسمي اللافت لعدم تحول المسألة إعلامياً إلى هجوم على الشيعة-على خلاف ما جرى في العام الماضي-، فمازال صوت الرصاص مسموعاً على هامش التظاهرات، ومازالت قائمة الشهداء مفتوحة لاستقبال المزيد، والشارع الذي أثارته الطريقة الاستفزازية التي جرى بها اعتقال النمر والمقاطع التي تفوح منها رائحة الطائفية والتي روجتها قوى الأمن من مشهد الاعتقال إياه، سيظل حاضراً ومتأهباً لأي تطورات تتصل بسلامة الشيخ النمر، والذي مازال الغموض يكتنف مصيره مع استمرار التكتم الرسمي على ظروفه الصحية.
والمحصلة أن الدولة التي كانت تظن نفسها محصنة عن تأثيرات الربيع العربي وجدت نفسها منشغلة ومتورطة حتى أخمص قديمها بملف الشيعة على طرفي الجسر، فكل صيحة ضد التمييز في شوارع البحرين اليوم تجد ما يقابلها في شوارع القطيف، وكل شعار تتلون به الجدران هناك، يجد له صدى في جدران الأزقة والأحياء هنا، ما يجعلها تتخوف من أي تنازل تقدمه السلطة البحرينية للشارع المعارض، لأنه بالنتيجة سيهب الناس في السعودية، والشيعة تحديداً، مزيداً من الأمل، ومزيداً من التطلعات لأجل غد تسقط فيه كل مقومات الديكاتورية وفي مقدمتها التمييز الطائفي.