«يونان الخليج» وقعت على «اتفاقية التقشف»... والبحرينيون ينتظرون سنوات عجاف
2018-10-06 - 4:33 ص
مرآة البحرين (خاص): اليونانيون الذين تعافوا من الإفلاس هذا العام أطلقوا على وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله لقب «نبي التقشف» لأنه في كل مرة يأتي فيها لليونان، على كرسيه المتحرك، كان يُبشّر بحزمة من الإجراءات التقشفية التي يعتقد أنها تساعد البلد، الذي تخطى فيه الدين العام 180%، على التعافي.
دائما ما يأتي المانحون والمقرضون بشروطهم. لقد وضعت ألمانيا و«ترويكا» الدائنين شروطا قاسية لاستعادة التوازن إلى حسابات اليونان العضو في الاتحاد الأوروبي، ودون تطبيق تلك الشروط كان عليها مغادرة الاتحاد طوعا أو كرها. أعلن رئيس الوزراء اليوناني أليكسس تسيبراس 27 يونيو 2015، عن استفتاء شعبي لتقرير الانسحاب من الاتحاد الأوروبي لأن إجراءاته لمساعدة اليونان "تخالف القواعد الاجتماعية"، لكن اليونانيين صوتوا خلافا لرغبته.
البحرين، التي تعاني أوضاعا مالية مشابهة لليونان، وقعت أمس الخميس (4 أكتوبر/ تشرين الأول 2018) على السياسات التقشفية التي بشّر بها الأشقاء الخليجيون (السعودية، الإمارات والكويت) مقابل الحصول على رزمة جديدة من المساعدات المالية تصل إلى 10 مليارات دولار على مدى 5 سنوات، حيث تعهدت البحرين بتنفيذ إصلاحات مالية أقرها فريق خليجي مشترك وسيعمل صندوق النقد العربي ومقره أبوظبي على مراقبة تنفيذها.
وتسعى الإجراءات المقترحة إلى استعادة التوازن إلى مالية حكومة البحرين بحلول العام 2022، من خلال تقليل المصروفات وتطبيق إجراءات مالية قاسية، من المؤمّل أن تنهي سنوات من عجز الموازنات المالية ووضع حد للدين العام المتراكم الذي بلغ 11.5 مليار دينار.
ومن بين الإجراءات التي فرضها المانحون الخليجيون أن تطبّق البحرين ضريبة القيمة المضافة في مدة لا تتجاوز مطلع العام القادم. وكان من المقرر أن تبدأ المنامة في تطبيق الضريبة، التي بدأت الرياض وأبوظبي تطبيقها، العام الجاري، إلا أنها اعتذرت عن تطبيقها لاعتبارات سياسية واجتماعية تتعلق بتآكل هامش الحياة الكريمة للبحرينيين.
لقد باتت البحرين مجبرة اليوم على البدء في تطبيق الضريبة. دعا ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، اليوم الجمعة، مجلسي الشورى والنواب للانعقاد لإقرار إجراءات مالية، يعتقد أنها على صلة بالاتفاقية الإطارية التي وقعتها البحرين أمس مع الدول المانحة ومن بينها ضريبة القيمة المضافة، بحسب أحد المصادر.
وقالت وكالة أنباء البحرين الرسمية إن الملك دعا المجلسين للانعقاد «للنظر في بعض الأمور العالقة والتي ستدرج على جدول أعمال مجلسي الشورى والنواب لاتخاذ ما يلزم بشأنها، إضافة إلى عدد من المراسيم بقوانين التي لها صفة الاستعجال لاتخاذ القرارات المناسبة التى تتطلبها المرحلة القادمة والتى لا تحتمل التأخير».
وليس من المعلوم ما إذا كان البرلمان سيقر غدا إصلاحات شاملة لأنظمة التقاعد أيضا، إلا أن مصادر صحافية قالت إنه سيناقش إدخال تعديلات جزئية تهدف إلى تقليل امتيازات تقاعد كبار المسؤولين الحكوميين وأعضاء المجالس المنتخبة. وتبحث الحكومة مع البرلمان، منذ أشهر، آلية تعديل أنظمة تقاعد الموظفين، وتشمل التعديلات رفع سن التقاعد وزيادة نسبة الاشتراكات في الصندوق الحكومي.
في ذات السياق، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء خالد بن عبدالله آل خليفة، فور التوقيع على الاتفاقية الخليجية، إن الحكومة ذاهبة لاتخاذ إجراءات مالية بهدف تحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات الحكومية بحلول عام 2022.
ومن بين الإجراءات التي أعلن عنها المسؤول الحكومي، إعادة النظر في صرف الدعم النقدي المباشر للمواطنين. ويشمل هذا البرنامج صرف علاوة الغلاء، علاوة المتقاعدين، علاوة الإعاقة، بدل السكن وبدل دعم اللحوم. وقال إن الآليات الجديدة ستضمن وصول الدعم لمستحقيه.
وكانت الحكومة رفضت أغسطس/ آب خطة دعم نقدي معدلة اقتراحها البرلمان؛ لأنها لا تتناغم مع توجهاتها في خفض الإنفاق. وتوقع مقرّبون أن تعيد الحكومة النظر في شروط صرف الدعم بما يؤدي إلى تقليص شريحة المستفيدين والمخصصات المالية، في موعد أقصاه ديسمبر المقبل.
كما أعلن خالد بن عبدالله عن برنامج للتقاعد الاختياري، وهو برنامج يقبل فيه الموظفون تسريحا اختياريا من أعمالهم مقابل مكافأة مالية مغرية، وتهدف الحكومة بذلك إلى خفض النفقات المتكررة، خصوصا مع ترهل القطاع العام مع توظيف أكثر من 4 آلاف شخص تطوعوا للعمل في الأجهزة الحكومية خلال الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البحرين 2011.
وإلى جانب التقاعد الاختياري، فإن الحكومة ستلجأ إلى وقف التوظيف في القطاع العام إلا في حدود احتياجاتها الأساسية من المهن التخصصية. وإذا ما استمر القطاع الخاص في تفضيل الأجانب فإن من شأن الإجراء الحكومي أن يضاعف نسبة البطالة المرتفعة أصلا بين الجامعيين.
إن وعود خالد بن عبدالله آل خليفة، التي أطلقها أمس، بمواجهة الفساد عبر «استحداث آليات لمتابعة تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية» يبدو أنها تأخرت أكثر من 13 عاما منذ إصدار التقرير الأول. لقد تسبب ذلك الفساد في وضع البحرينيين اليوم تحت اشتراطات تقشفية فرضها المانحون الخليجيون، ليغرم البحريني الفقير كلفة ما اختلسه الأغنياء من العائلة الحاكمة وكبار موظفيها!