وزير العدل في دور «الأستاذ سنبل»... تعرّف عليه!
2018-10-04 - 8:20 ص
مرآة البحرين (خاص): كان دور «الأستاذ سنبل» واحدا من أهم الأدوار التي لعبها الفنان الكويتي محمد العجيمي في مسيرته الفنية، ذلك في العمل المسرحي الكبير «انتخبوا أم علي» للكاتب الراحل محمد الرشود، إلى جانب نخبة من أبرز الفنانين الكويتيين.
لعب العجيمي دور شخص مصري يعمل في الدعاية وإدارة الحملات الانتخابية، ومن أجل إقناع المرشحة أم علي (الفنانة انتصار الشرّاح) بأنه قادر على منحها مقعدا في مجلس الأمة الكويتي، اخترع كذبة كبيرة بأنه أنقذ بيل كلينتون من خسارة محققة في الانتخابات الأمريكية بشعار واحد «انتخبوا بوش تناموا في الحوش... انتخبوا كلينتون تناموا في الهيلتون!».
هنا في مسرحية الانتخابات البحرينية، يلعب وزير العدل خالد بن علي آل خليفة دور الأستاذ سنبل الذي يدير الانتخابات ويحاول إقناع مشغّليه في الديوان الملكي بأنه الشخص الوحيد القادر في البحرين على إدارة المسرحية، ومن أجل ذلك هو يخترع الأكاذيب الكبيرة ويزوّر الحقائق منذ سنوات.
الانتخابات، التي لم تعد معركة إلا في ذهن الوزير والمشغّلين، تعاني منذ سنوات عزوفا جماهيريا غير مسبوق، بسبب فشل مشروع الملك في الترويج لديمقراطية وفق مقاسه الخاص، وعجز المجلس النيابي عن تحقيق آمال المواطنين في الحريات والحياة الكريمة.
أمام هذا العزوف الشعبي، ولكي يعطي الوزير مشغليه «كذبة ما تخرّش المية» عن نجاح الانتخابات، فقد قام بخطوات عديدة أملا في تغيير الصورة الهزيلة للمسرحية التي ستجري في 24 نوفمبر المقبل:
لم ترق للوزير فكرة وجود معارضة لا تقبل أن تلعب دور «الكومبارس» السياسي، لذلك فكّر في عزلها عن العملية الانتخابية. هو يريد صورة جميلة للانتخابات لا تتضمن في أي من زواياها شكلا من أشكال المعارضة، ويريد أن يقول «ليس لدينا مقاطعة على الإطلاق، لأن هؤلاء غير داخلين في اللعبة!».
من أجل ذلك الغرض كان لابد من سن قوانين وإجراءات لا تشبه إلا نظام الحكم، وبالفعل كان «سنبل» أحد الذين عملوا، هذا العام، على سن قوانين تنص على حرمان المعارضة من الترشح للانتخابات بل وحتى عضوية الأندية والجمعيات الشبابية.
لقد جاء منع قيادات المعارضة من الترشح بعد أن بات الحكم على قناعة تامة بأن جمعيتي الوفاق ووعد (أكبر فصيلين معارضين) وقياداتهما لا عودة لهم عن المضي قدما في المطالبة بالإصلاح السياسي والشراكة الحقيقية في صنع القرار، لا الشراكة الصورية التي يريدها الحكم عبر هذا البرلمان.
بعد أن قام الوزير بشطب أكبر فصيلين من الصورة، راح يفكر في آلية للتعامل مع عشرات الآلاف من مؤيديهم ومؤيدي جماعات المعارضة التي ترفض النظام الملكي، فلم يجد حرجا من أن يقوم بشطب أسمائهم علنا من الكتلة الانتخابية!.
نعم، لقد قام، عبر نظام آلي، بإلغاء أسماء عشرات الآلاف من جداول الناخبين بحجة أنهم لم يشاركوا في آخر عمليتي تصويت جرت في 2011 و2014، وهو الأمر الذي علّق عليه المحامي عبدالله الشملاوي بالقول «إنه حق قائم لا يسقط بعدم مباشرته. فهل نتبع القانون أم نظام الإزالة الآلي؟».
الفنان محمد العجيمي في دور الأستاذ سنبل إلى جانب الفنان عبد الرحمن العقل
وعلى الرغم من حذفه عشرات آلاف المقاطعين، إلا أن الوزير سنبل لا زال يصرّح بأن الأصوات التي تطالب بالمقاطعة أصوات غير مسموعة، وأن تلك الدعوات لن تتجاوز آذان مطلقيها. لا نعلم كيف يوفّق هذا «النصّاب» بين الموقفين: حذف آلاف المقاطعين والحديث عن عددهم المحدود!
ثمّ هل من الممكن أن يكون الوزير قد نسى أن 48% من الناخبين قد قاطعوا الانتخابات الأخيرة، وفقا للأرقام التي أعلنها هو، على الرغم من أنها كانت محل شكوك كبيرة أصلا؟
الإجابة: لا، لم ينس الوزير ذلك، بل على العكس، هو يعلم حجم المرارة التي يعاني منها مشغّليه بسبب تدني نسبة المشاركة، لذلك راح يفكر في رفع تلك النسبة، عبر آليتين رئيسيتين: حذف عشرات الآلاف من المقاطعين من الكتلة الناخبة وتخويف الموالين من مغبة عدم المشاركة.
لقد مارس الوزير أشد أنواع التخويف على الناس لدفعهم للمشاركة في السنوات الماضية، وهنا يمكن التذكير بتسريب شهير للوزير (21 سبتمبر/ أيلول 2011) للتخويف من مقاطعة الانتخابات التكميلية، وقال عبر التسريب إن «مجلس الوزراء استعرض في اجتماعه عدة تجارب دولية تتضمن الإجراءات المتبعة تجاه من يحاول إعاقة ومقاطعة العملية الانتخابية».
وتشمل الإجراءات العقابية المتبعة في الدول المتقدمة، بحسب كذبة سنبل الكبيرة، الغرامات المالية، والحبس، والحرمان من الخدمات الحكومية والحرمان من التوظيف في المؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى الحرمان من الراتب.
وختم الوزير تسريبه «إن الحكومة جادة في الاستفادة من هذه التجارب لضمان سير العملية الانتخابية، وتعزيز المشاركة الشعبية في العمل الوطني».
لحد الآن لم يوضّح سنبل نوعية الخدمات والامتيازات التي سيذهب لحرمان من المواطنين منها، أو لعلّه لن يذهب لذلك، لأنه لم يعد لدى الحكومة المفلسة ما تقدمه للمواطن من خدمات. لقد سرقت العائلة الحاكمة كل موارد البلاد وراحت تتسول على أبواب الجيران.