انتخابات 2018.. عزل سياسي مدروس بحذف عشرات الآلاف من الكتلة الناخبة
2018-10-03 - 8:10 م
مرآة البحرين (خاص): زلّة لسان قاض يرأس لجنة إشرافية في انتخابات 2018 كشفت الكثير. أكدت مخاوف وبيّنت تجاوزات تجري على صعيد العملية الانتخابية التي تقاطعها المعارضة وجماهير بحرينية واسعة.
فقد كشف رئيس اللجنة الإشرافية في المحافظة الشمالية، القاضي محمد ميرزا أمان، في تصريح لصحيفة "البلاد" ( 30 سبتمبر/ أيلول 2018) أن من ضمن أسباب سقوط الكثير من الأسماء جداول الناخبين "وجود نظام يزيل الأسماء التي تتخلف عن التصويت لمرتين متتاليتين". كان لهذا التصريح صدى واسع وتتبع جاد.
في تصريح خاص لـ «مرآة البحرين» يقول المستشار القانوني إبراهيم سرحان، إن المتابعة والرصد لعملية عرض جدول الناخبين في البحرين كشفت عن «اختفاء عشرات الآلاف من أصوات الكتلة الانتخابية»، موضحاً بأن «رقم الأصوات اللاتي تم حذفها من جداول الناخبين كبير، لكن لا يتوافر لدينا حتى الآن رقم محدد»، مضيفًا «هذه جريمة واضحة تقوم بها الجهة المشرفة على الانتخابات».
وأردف «إنهم يتلاعبون في ظل غياب الأطراف السياسية الفاعلة التي تقاطع الانتخابات، إن حذف آلاف من أصوات الناخبين ليس أمراً بريئًا بل مخطط مدروس».
ردود وتعليقات
الخبير القانوني المعروف المحامي عبدالله الشملاوي علّق في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلاً «ذكرت وسائل إعلام وجود نظام آلي يزيل أسماء المتخلفين عن التصويت لمرتين متتاليتين، مع أن المادة (3) من قانون مباشرة الحقوق السياسية تقصر الحرمان على المحكوم بجناية أو جريمة ماسة بالشرف. أي أنه حق قائم لا يسقط بعدم مباشرته. فهل نتبع القانون أم نظام الإزالة الآلي؟».
بدورها، رأت المحامية فاطمة الحواج عبر حسابها في تويتر أن «من حق أي إنسان أن يصوت أو لا يصوت في الانتخابات، أما أن تصل الى إسقاط هذا الحق لأنه لم يصوت سنتين متتاليتين (فهذا) فيه مخالفة قانونية ودستورية، وتعدّي على حريات الناس»، مضيفة «ودّي أعرف من ابتدع هذه الفكرة خياطين الدساتير أو القوانين أو القرارات؟».
وتابعت «إسقاط حق المواطن في التصويت بدعة قانونية، إسقاط الجنسية بقانون الإرهاب بدعة قانونية، شنو باقي ما سقّطوه بقانون! المفروض القوانين تحمي الفرد والمجتمع لا أن تكون القوانين عصاة تستخدم ضد الناس».
فيما قال المغرّد خالد المرباطي "هل سيشطب اسم كل من يقاطع البرلمان لمرتين، (ألا) يشبه عملية سحب الجنسية؟»، مضيفاً «أعتقد أنه يتوجب على الدولة الترفّع عن التدخل في خيارات الأفراد؛ إلا إذا هناك "شعور" بتخلي المجتمع عنها؟».
ثم عادت الصحافة المحلية تستوضح من القاضي محمد ميرزا أمان عن فحوى تصريحة بشأن نظام يزيل الأسماء التي تتخلف عن التصويت لمرتين متتاليتين، فاكتفي بتأكيد تصريحه قائلاً هذه «أمور تنظيمية».
الدستور والقانون
ويشرح المستشار القانوني والحقوقي إبراهيم سرحان لـ «مرآة البحرين»، المخالفة الدستورية والقانونية التي تقوم بها الجهة المشرفة على الانتخابات باعتماد هذا النظام «إن شروط الناخب محددة دستورياً وقانونياً، وبموجب الدستور والقانون المعمول به فإن سقوط حق المواطن في الانتخاب ليس بين أسبابه عدم التصويت لمرتين متتاليتين كي يتم اعتماد هذا النظام»
وبموجب الفقرة (هـ) من المادة 1 من الدستور المطبق في البحرين فإنه «للمواطنين، رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشيح، وذلك وفقاً لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون. ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح إلا وفقا للقانون».
فيما تنص المادة الثانية من مرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، أنه «يشترط في كل مواطن لمباشرة الحقوق السياسية المنصوص عليها في هذا القانون ما يلي: أن يكون قد بلغ من العمر إحدى وعشرين سنة كاملة يوم الاستفتاء أو الانتخاب. أن يكون كامل الأهلية. أن يكون مقيما إقامة عادية في الدائرة الانتخابية طبقاً لما هو ثابت في بطاقته السكانية، وفي حالة إقامته في الخارج يكون آخر محل إقامة له في مملكة البحرين هو دائرته الانتخابية، فإن لم يكن له محل إقامة في المملكة فيعتد في هذه الحالة بمحل إقامة عائلته».
وتنص المادة الثالثة من مرسوم مباشرة الحقوق السياسية، أنه «يحرم من مباشرة الحقوق السياسية المحكوم عليه في جناية أو جنحة بعقوبة سالبة للحرية أثناء تنفيذه للعقوبة المحكوم بها».
وكما هو واضح فإن هذه النصوص المحددة توضح أن اعتماد اللجنة المشرفة على الانتخاب لنظام آلي يزيل أسماء الناخبين الذي لم يصوتوا في الانتخابات لمرتين متتاليتين، هو أمر مخالف لنصوص الدستور والقانون المختص.
جديد أم قديم؟
بعودة سريعة للأرشيف، وتحديداً في آخر انتخابات شاركت فيها المعارضة البحرينية في العام 2010، نجد تصريحاً مثيراً للاهتمام، نقلته صحيفة "الوسط"، إذ «عبر رئيس اللجنة الإشرافية في "تاسعة الشمالية" علي يوسف جناحي عن قلقه الشديد من سقوط أسماء أعداد كبيرة من الناخبين من الكشوف الخاصة بالناخبين". وقال إن "شريحة كبيرة أسماؤها غير مدرجة ولم يحق لها التصويت، ولا يعرف أين الخلل، إلا أننا لا يمكننا فعل أي شيء لهم».
وفي انتخابات 2010 أيضاً، تجد الخبر التالي «قال المركز الانتخابي بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية في بيان صدر عنه أمس إنه: «أسقطت أسماء المئات من المواطنين البحرينيين في دوائر مختلفة ودوائر تترشح فيها الوفاق بحجة عدم وجود أسمائهم في كشوف الناخبين في الدائرة وعدم استطاعتهم التصويت في الدائرة ذاتها لذلك السبب». وبين أنه «وُجه الناخبون إلى الذهاب للمراكز العامة لمعرفة الدائرة التي يحق لهم التصويت فيها بعد تغيير عناوينهم، لكنهم فوجئوا بعدم وجود أسمائهم في أي من الدوائر، الأمر الذي يعني حرمانهم من حقهم في الاقتراع».
الأمر لم يتعلق فقط بالدوائر التي نافست عليها جمعية "الوفاق" آنذاك. فقد أكدت جمعية "وعد" أيضاً إسقاط أكثر من 150 اسماً من جداول الناخبين، إذ عبر الناطق الإعلامي باسم قائمة جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) للانتخابات النيابية رضي الموسوي آنذاك في تصريح هام ومفصّل «رصدنا أكثر من 150 حالة، رفض فيها السماح للمواطنين من ممارسة حقهم في التصويت بحجة عدم وجود أسمائهم في قوائم الناخبين"، مضيفاً "عدد من الناخبين راجعوا المراكز الإشرافية الرئيسية في محافظتي المحرق والوسطى للاستفسار عن أسباب رفع أسمائهم من القوائم رغم أنهم مارسوا حقهم في التصويت في انتخابات 2006، وكان رد المركز بأنه كان يتوجب عليهم مراجعة كشوف الناخبين قبل اليوم".
وتابع «في دائرة منيرة فخرو (رابعة الوسطى) حصلت ظاهرة غريبة تمثلت في وجود عوائل كثيرة ساكنة في الدائرة منذ سنوات طويلة وصوتت في 2006، إلا أن أسماءهم غير موجودة».
واضح من تصريح الموسوي آنذاك، أن العملية تتشابه بشكل كبير مع ما يجري حالياً من غياب آلاف الأصوات الانتخابية، إنها عملية تفصيل للأصوات وأعدادها، بعد تفصيل كل العملية الانتخابي، ودور الجهات التي تمتلك "داتا" المعلومات مثل الجهاز المركزي للمعلومات، والحكومة الإلكترونية.
العزل والتحكّم
يقول سرحان، إن «تحكمهم في جداول الناخبين وحذف الأصوات يأتي لأجل التحكم في نسبة المشاركة من جهة، ولتطبيق عزل سياسي واسع على المواطنين المعارضين، إنها عملية سياسية واسعة النطاق، كشفتها زلة لسان لأحد القضاة».
اليوم هو اليوم الأخير لعرض جداول الناخبين ولتأكّد الناخبين من وجود أسمائهم، خلال الستة أيام الماضية تم تقديم 1451 اعتراضًا فقط على الجداول، بحسب صحيفة "الأيام".
ربما لخّص يوسف الخاجة، القيادي في جمعية "وعد" المعارضة التي حلّها النظام، حالة العزل التي تطبقها السلطة على كل المعارضة، بقوله في حسابه على تويتر«ممنوع من الترشح للمجلس النيابي وإدارات الأندية الرياضية، ممنوع من إبداء الرأي في العملية الإنتخابية، ممنوع من تقديم مبادرات لوضع حلول للأزمة السياسية، ممنوع من الإحتجاج والمشاركة في مسيرات جماهيرية، وممنوع وممنوع وممنوع، وبعدين يطالبونا بأن نلبي الواجب».