مترشّحو الفوتوشوب: مهرجان الضحك
2018-09-26 - 3:08 ص
مرآة البحرين (خاص): يذكرنا بعض مترشحي برلمان 2018، ببعض الفكاهيين (العجائبيين)، الذين يتقدّمون لتجارب الأداء في برنامج آراب آيدول الشهير. غالباً ما يدخل مثل هؤلاء بثقة تامّة، ويعبّرون عن أنفسهم أنهم متعددو المواهب والإمكانات، قبل أن تصدح أصواتهم بالنشازات التي تصدم لجنة التحكيم، وتجعلها غير قادرة على التوقف عن الضحك أمام الأداء الكارثي، حتى تضطر إلى أن ترجو المشترك بالتوقف، بينما هو مسترسل في أدائه بحماس قد يكون مصحوباً ببعض الحركات المخبولة، وغالباً لا يتردد هؤلاء بالطلب من اللجنة إعطائهم فرصة ثانية وثالثة!
نضحك كثيراً ونحن نشاهد مثل تلك العروض، لا شك أن معدّي البرنامج يعرضونها من باب إظهار مستوى (العجائب) التي ترد للبرنامج، وإضفاء جو من الفكاهة والمرح. ونظل نسأل أنفسنا بتشكك: هل هؤلاء المشتركون جادّون حقّاً أم يتمسخرون؟! وهل يسخر هؤلاء من أنفسهم أم من البرنامج؟!
الآن مع فتح باب الترشح لانتخابات المجلس النيابي 2018، تمر علينا نماذج (عجائبية) تشبه تلك المتقدمة لتجارب الأداء، نماذج لا نعرف من أين خرجت هكذا فجأة للفضاء العام، والأهم، بأننا لا نعرف من أين تصدح بتصريحاتها الصادمة. نأخذ أمثلة:
كانت المترشحة نادية العمر مادة دسمة لتعليقات المغردين وسخريتهم، فقد نشرت صحيفة أخبار الخليج خبر ترشحها مع صورة وهي تغطي شعرها بحجاب تم وضعه عن طريق برنامج الفوتوشوب، ولم تكلف المترشحة نفسها عناء التقاط صورة جديدة لها وهي تضع الحجاب كما تفعل المترشحات اللاتي يحاولن كسب رضا الشارع المحافظ.
ناديا العمر
تقول أحد التغريدات الساخنة: "في أوادم تزور فلوس، شهادات جامعية، شهادات دكتوراة، تاريخ جيس روتي، أما حجاب بالفوتوشوب هذه جديدة"
لكن لم يكن الفوتوشوب وحده ما أشعل تويتر على المترشحة، بل أيضاً تصريحها الناري بالتعهد "بتوفير 100 عمرة مجانا لأهالي الدائرة بشكل سنوي حال فوزها في الانتخابات" كانت الضربة المزلزلة، فضلاً عن تعهدها بتوفير "صالة مخصصة للأفراح والفعاليات المجتمعية المكونة من قسم للأطفال وقسم للنساء وقسم مخصص لممارسة الرياضة للجنسين وقسم مخصص لعرض المنتجات البحرينية مفتوح على مدار العام لخدمة أهالي الدائرة بشكل مجاني وتحت إدارة أهالي الدائرة".
وكان الأخطر والأكثر سذاجة في تصريح المترشحة أنه رشوة علنية، فالرشوة تعتبر مخالفة صريحة لقانون الانتخابات في البحرين وتستدعي عقوبة تتفاوت بين الحبس 3 أشهر إلى سنة كاملة أو غرامات. ومن بين التعليقات التي وضعت تحت تصريح المترشحة: "هذي رشاوي أو مو رشاوي!! يا متعلمين يا بتوع المدارس!!"
أحد المغردين علّق على وعود المترشحة: "اختاه اذا حجابج fake مسويته بالفوتوشوب مين اللي يضمن وعودج ما تكون بعد فوتوشوب ؟؟؟"
في أعقاب تلك التلقّيات، وفي اليوم التالي نفت المترشحة تصريحها المنشور في الصحيفة جملة وتفصيلاً، وطالبت بنشر نفيها، لكنها لم تتمكن من مسح صورتها بالحجاب الفوتوشوب، وجاءت التعليقات: "للأسف طلعت ال100 العمرة بعد فوتوشوب".
المادة الدسمة الأخرى للتعليق والسخرية، هي تصريح عجائبي آخر من مترشح الدائرة الثالثة من المحافظة الشمالية حميد علي الهدار الذي قال: سأكافح الحشرات والقوارض وسأضع حلا للكوارث الطبيعية!
حميد علي الهدار
وهنا نعجز عن التعليق ونحن نحاول معرفة أنواع الكوارث الطبيعية التي تعاني منها البحرين والتي يعتزم هذا المترشح حلّها، لكن بعض المغردين علّق: والله انت لحالك كارثة إذا تم ترشيحك.
وربما كان المترشح فاضل الدرازي الذي لا يعرفه أحد من قبل، والذي يسمّي نفسه بالناشط الوطني، هو الأكثر فكاهية بين المترشحين أعلاه، والذي لا يتمكن المتابع لصفحته من مسك بطنه من شدّة الضحك والقهقهة، إذ تفنن في تكرار نشر صوره وهو يحمل ميكرفوناً بيده ويقف سامتاً قامته مثل خطيب يهتف في الجماهير التي لا وجود لها، وأغرق صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بالتصريحات النارية والتي بينها: "سأخلق أكبر كتلة في تاريخ الوطن وستغطي كل المحافظات"، ثم نصّب نفسه رئيساً لهذه الكتلة التي لا نعرف فيها أحد سواه ولا تضم أحداً سواه، وراح يطلق التصريحات تلو التصريحات التي تبدأ جميعها بـ: قال الناشط الوطني فاضل الدرازي رئيس كتلة النهضة الوطنية....."!!!، كما أطلق لنفسه قناة على اليوتيوب أغرقها هي الأخرى بالفيديوات التي يقوم بتصوير نفسه فيها متحدثاً ويعنونها بـ"عاجل".
فاضل الدرازي
أما ناظم هاشم المترشح النيابي عن الدائرة السادسة بالمحافظة الجنوبية، فيبدو أنه لا يعيش في البحرين، أو غير متابع لما يعيشه البحرينيون على أرض الواقع من ارتفاع الدين العام لصندوق الدولة وعمل السلطة على تسديد عجزها المتراكم من خلال جيب المواطن بكل الطرق، لذلك هو يصدح بتصريح لا صلة له من قريب أو بعيد بالواقع ويقول: "أسعى لمنح علاوة الصيف لكل موظف بحريني"!
ناظم هاشم
ويأتي مترشح رابعة الجنوبية راشد البنعلي بتصريح أكثر جموحاً وخيالاً وانفصالاً عن الواقع، ويطالب: بتخصيص راتب شهري للمواطن من عوائد استكشاف النفط الحجري! ويشاركه الانفصال المترشح عبدالله الذوادي الذي يقول: أعول على الاكتشافات النفطية وسأسعى لتشريعات لاستثمارها!
راشد البنعلي
عبدالله الذوادي
أمّا مترشح الرابعة الشمالية محمد يوسف، فيأتي بفرقعة مجانية مضحكة: "سأخصص نصف راتبي لتسديد قروض المواطنين ذوي الدخل المحدود وبإشراف جمعية خيرية". ويسير معه بذات الإسهاب المجاني المترشح النيابي عادل الدوسري الذي يطلق وعوده: رداً لجميل الناخبين سأخصص نصف راتبي للحالات الإنسانية (تمنح خلال 24 ساعة)، وسأسعى لإيجاد علاوة لطلبة المدارس!
ويتضمن مشروع المترشح النيابي علي السعيد "مترو أو ترام يغطي مدينة حمد وضواحيها"، فيما يلخّص المتشرح فلاح الحداد أهم ما سيطرحه في برنامجه الانتخابي: سأسعى لإرجاع الدوام المدرسي إلى 1:30 بدلاً من 2:15 !
علي السعيد
فلاح الحداد
وربما حاولت المترشحة كلثم الحايكي وقاية نفسها من الوقوع في مطبّات الكلام الذي سيجعلها عرضة للانتقاد والسخرية، وأعلنت: "لن أكتب شعارات، وطريق التغيير مليء بالمطبّات"، تاركة إيانا نتساءل: وماذا بعد؟!
كلثم الحايكي
ونضع هنا تعليقاً أخيراً لأحد المغردين: "بعض المرشحين مصرين على شرشحة أنفسهم ليتحولوا من مرشّحين إلى مشرشحين!"
وبينما نحن ما نزال ننتظر المزيد من هذه التصريحات العجائبية من مترشحين ستقذفها لنا الأيام المقبلة، نجد أنفسنا أمام السؤال نفسه الذي نكرره ونحن نشاهد -غير مصدّقين- بعض عروض تجارب الأداء الهزلية في برنامج آراب آيدول الشهير: هل هؤلاء المترشّحون جادّون حقّاً أم يتمسخرون؟! وهل يسخر هؤلاء من أنفسهم أم من البرلمان؟!
في حالتنا البحرينية السخرية ذات وجهين، فمترشحو الفوتوشوب يعلمون جيداً أن الانتخابات ليست سوى صورة فوتوشوب، وأن البرلمان لم يعد سوى فوتوشوب لا أكثر، ولهذا لا يفرق معه إن وضعت إحدى المترشحات على صورتها حجاب فوتوشوب، وسمعنا من غيرها تصريحات فوتوشوب، وأطلق غيرهم وعود فوتوشوب، وصدحوا بمطالب فوتوشوب. اضحكوا، فنحن في مهرجان الضحك.