أيها النظام.. نحن نكرهك
2018-09-24 - 1:59 ص
مرآة البحرين (خاص): نعم إنه تماماً كما تقول أيها النظام.. إننا نكرهك، ونحرّض على كراهيتك.. نحرّض أبناءنا وأهلنا وأصدقاءنا وكل من نعرف وكل من لا نعرف، نحرّضهم على كراهيتك، ليس لأن الكراهية من سماتنا، فنحن من أكثر الشعوب حبّاً وتسامحاً، لكننا نفعل ذلك لأنك تكرهنا، وتحرّض على كراهيتنا، وتكرّم من يكرهنا، وترفع مقام من يهيننا، وتهب العطايا لمن ينال من وجودنا وحريتنا ومعتقدنا، ولم نجد منك منذ غزوك لنا في 1783 حتى الآن، غير أفعال الكراهية تلك.
نحن لا نكرهك اسماً أو قبيلة أو جنساً أو مذهباً، لا يفرق من يكون الشخص في ميزان الحبّ والكراهية، بل نكره أعمالك وأفعالك الكريهة، نكره تاريخ غزوك ونهبك واستباحتك لأهلنا، نكره ذاكرة عسفك وظلمك وسُخرتك لأجدادنا، ما جعل البحرينيين في الأعوام 1920-1922 يرفعون العرائض تلو العرائض إلى المقيم السياسي في البحرين آنذاك، ويشرحون ما يتعرّضون له من مظالم وانتهاكات واستباحات على يد العائلة الحاكمة، إحدى هذه العرائض التي قدمها وفد الرعايا البحرينيين إلى المقيم السياسي 21 ديسمبر 1921 ووقّع عليها 64 شخصاً تقول: "إن المجتمع الشيعي يعيش في ظل إذلال كبير، وعرضة لمجازر عامة ولا ملجأ له، كما أن أياً من أدلتّهم لا تقبل وممتلكاتهم عرضة للنهب وهم أنفسهم معرضون لسوء المعاملة في كل لحظة. الظلم يتزايد يوماً بعد يوم، وإذا أردنا تعداد الإساءات بمقدورنا ذلك، لكن احتراماً للزعيم لا نقوم بذلك بل نشير فقط إلى جزء من الألف منها" ممثّلين عن البحارنة".
لقد كانت كراهيتك لنا بالقدر الذي يجعل المقيم السياسي تريفور في 1922 يكتب إلى وزير الخارجية في حكومة الهند يخبره عن سبب حالة عدم الاستقرار الدائمة التي تعيشها البلاد، ويرجعها إلى "المكائد السياسية" التي تقوم بها مجموعة تابعة لابن الحاكم (عبد الله بن عيسى) آنذاك، و"الظلم الذي تمارسه العائلة الحاكمة"؛ ثم يلفت إلى فداحة هذا الظلم ونطاقه الواسع "الأمثلة على هذا الأمر أكثر من أن تحصى ولكن التفاصيل سترد في سجل لعدد كبير من الحالات التي حصلت في الأونة الأخيرة، وهي تشمل الاستيلاء غير المشروع على الممتلكات، والسجن التعسفّي الوحشي، والجرائم السياسية التي لم يحاكم عليها أحد، ولم تُبذل أي جهود لتطبيق العدالة فيها"
نعم نحن نكرهك أيها النظام، لأن فعل حاضرك لم يتجاوز فعل ماضيك فينا. فمكائدك السياسية ما زالت تلعب فينا وإن بشكل مختلف، وما زلت تستنكف أن توفّر لنا قدراً عادلاً من الاعتراف والمساواة، وقدراً محترماً من الكرامة، وما زلت تستبيح وتنهب وتستحوذ وتستولي وتلعب في مقدّرات هذه الأرض كيفما تشاء، وما زلت ترتكب الجرائم السياسية دون اكتراث ودون محاكمات عادلة ودون أية جهود لتطبيق العدالة، وما زلت تهمّش إنسان هذه الأرض وتقصيه وتستبدله بغيره، بل إنّك دائب على إلغاء تاريخ وجوده الأصيل على هذه الأرض مستبدلاً إياه بتاريخ غزوك. فكيف لا نكرهك؟
إننا نكرهك، ولسنا وحدنا من يعلن كراهيته لأفعالك أيها النظام، ولسنا وحدنا من يحرّض على كراهيتك، بل حتى تلك الفئات الصامتة من البحرينيين والموالين لك يقولونها في مجالسهم الخاصة ومجموعاتهم الصغيرة والخاصة، وإن كانوا لا يتجرؤون على قولها علناً خوفاً من بطشك، إنّهم دائمو التذمّر من استحواذك الجشع على خيرات هذه الأرض وتفرّدك بمقدراتها وتلاعبك بها على حساب البلاد والعباد، دائمو السخط من جعل خزينة الدولة جيباً لهوايات أبناء الملك من سباقات الخيل والدراجات وسباقات الفورمولا وغيرها، إنهم لا يكفّون في جلساتهم الخاصة عن فضح من تهبهم الأراضي وتملّكهم العقارات والأموال مقابل شراء ذممهم ومواقفهم السياسية، يفضحونهم بالأسماء والأعيان. إنهم يلعنونك كل يوم على ما حولت البلاد إلى حاوية مجنّسين صاروا مقدّمين لديك على المواطن البحريني الأصيل في العمل والسكن والخيرات.
أليس هذا تحريض على كراهية النظام، نعم، لكنّهم لا يعلنونه خوفاً منك. لكن نحن نقولها علنا، نحن نكرهك أيها النظام، نقولها بثقل الماضي والحاضر فينا، ونتحمّل قتلك وسجنك وتعذيبك وتهجيرك وتشريدك واستهدافك وإسقاطك جنسياتنا، نقولها لأنك لا تستحق غير الكراهية، ولأنك لم تزرع فينا غير كراهيتك، ولا تسعى أن تجعلنا نشعر بغير ذلك تجاهك، بل إنّك تمعن في ترسيخ ما يكرّهنا فيك أكثر، لهذا أنت لا تجني منّا غير كراهيتك، والتحريض على كراهيتك.