ماذا أعدّت السلطات البحرينية للانتخابات المقبلة؟
2018-09-21 - 12:31 م
مرآة البحرين (خاص): شهران يفصلان بيننا وبين انتخابات 2018، وهي الدورة السادسة منذ إنشاء المجلس النيابي في 2001. الرأي العام البحريني بشقيه المعارض والموالي متفق أن المجلس بصورته الحالية ليس سوى أداة بيد السلطة لتمرير ما تريده. لعلّ الكلمة التي قالها أحد المواطنين في أحد المجالس تُظهر بشكل جلي قناعة كل البحرينيين بشأن المجلس: "حسافة على هالمجلس، هم مأسسينه للرأي العام العالمي لا أكثر ولا أقل، أنا مب مع الوفاقيين، بس يوم كان الوفاقية في المجلس كان صدق اسمه مجلس، حالياً كلهم سمعاً وطاعة للحكومة. مو كفو أحد يقول للحكومة لا. سألت أحد النواب المخلصين قال لي لا نستطيع عمل شيء".
هل السلطات في البحرين مكترثة أصلاً بهذه الصورة التي لا يختلف عليها اثنان بشأن المجلس النيابي في البحرين؟ وما الذي تفعله في تحضيرها البحرينيين للمشاركة في الانتخابات المقبلة؟ على الأقل على نحو يوهم البحرينيين أن ثمّة شيئا قادما أو تغييرا محتملا نحو الأفضل.
في الحقيقة لا شيء. بل على العكس كل التطورات تقول للبحرينيين: انتظروا الأسوأ.
على صعيد (مصّ دمّ) المواطن البحريني، ينتظر البحرينيون خلال الأيام القادمة جلسة استثنائية يعقدها المجلس النيابي المنصرم بعد إحالة مشروع قانون «القيمة المضافة» لإقراره. وسيكون على البحرينيين دفع ضريبة مضافة على السلع والخدمات تصل قيمتها إلى 5٪. وهي النسبة التي يرى محللون أنها سترتفع تدريجياً كلما أرادت السلطة ذلك بسبب تراكم ديونها، يأتي ذلك وسط تحكم السلطة في جميع مصادر الدخل العام، وتفردها بمال الدولة دون مساءلة ودون رقابة. الضرائب ثم الضرائب، هو ما تتعهد به السلطة للبحرينيين في البرلمان القادم.
ومن ناحية الوضع السياسي المتردي، كانت السلطة سبّاقة في وأد مبادرة «نداء البحرين» في المهد، قبل أن تخرج إلى النور، وهي مبادرة كانت تقف خلفها نخب وطنية سياسية واقتصادية واجتماعية بارزة مجتمعياً وذات توجهات مختلفة من الطائفتين الكريمتين.
إلى ماذا دعت هذه المبادرة ليتم وأدها في المهد؟
كل ما دعت إليه هو التهدئة و"تشجيع البدء في عملية مصالحة وطنية"، و"العمل على إخراج البلاد من براثن أزمة سياسية خانقة وتجنيب الوطن أزمة اقتصادية يمكن أن تطيح بمكتسبات المواطنين المعيشية". أرادت هذه المبادرة أن "يساهم الجميع، مؤسسات ومواطنون ومسؤولون وسياسيون ونخب اقتصادية واجتماعية وثقافية وغيرهم، في حشد الجهود الوطنية من أجل تحقيق الحد الأدنى من التوافق المطلوب والضروري لإطلاق عملية مصالحة وطنية شاملة تليها خطوات إصلاحية ملموسة".
لم تضع هذه المبادرة شروطاً، كانت تأمل فقط فتح الباب المغلق بالمزاليج الغليظة. لكن السلطة ما إن (شمّت) خبر تداولها بين نخبة من البحرينيين، وأنه قد وقع عليها حتى ذلك الحين 60 شخصاً، حتى حملت كرباجها الغليظ، واستنفرت أدواتها الإعلامية وأقلامها المسمومة وحرّكت نواب (السمع والطاعة)، وطعنت في وطنية الموقعين، فخرج رئيس مجلس النواب أحمد الملا صارخاً: "لا مكان لولاية الفقيه ولا للمتعاطفين معها في البحرين"، رغم أن معظم موقعيها هم من غير الشيعة ومن غير الإسلاميين بشكل عام، وتلته باقي الأقلام والصحف على مدى أيام متتالية تولول في الدائرة نفسها.
هكذا نجحت السلطة في قتل المبادرة حتى قبل أن ينتشر خبرها بين الناس، فآخر ما يهم السلطة هو زحزحة تلك الأزمة التي فاقمت أزمتها الاقتصادية والمالية فضلاً عن ضخامة الدين العام.
أما من ناحية الرأي والكلمة والمعتقد، فقد شهدت عاشوراء هذا العام 1440هـ، تصعيداً نوعياً في استهداف خطباء المنابر الحسينية بشكل خاص والرواديد الحسينيين، إذ استدعت خلال الأيام الخمسة الماضية من موسم عاشوراء 14 خطيباً و3 إداريين و3 رواديد، وأوقفت 9 منهم 15 يوماً على ذمة التحقيق بعضهم بحجة "التحريض على كراهية النظام بغرض إرهابي"، والبعض الآخر بحجة "مخالفات مؤثمة قانونياً وتشكّل إساءة لموسم عاشوراء". جعلت السلطة أجواء عاشوراء هذا العام أشدّ احتقاناً وحنقاً وسخطاً، بعد أن بدأ الموسم بهدوء لم يشهده البحرينيون منذ تصاعد وتيرة الاحتجاجات في 2011.
تلك نماذج لما تعدّه السلطة للبحرينيين للانتخابات المقبلة: المزيد من الضرائب والمزيد من نهب جيب المواطن. وأد أي مبادرة قد تدعو للتهدئة أو حلحلة الوضع البائس. المزيد من قمع الرأي والكلمة. وتهم التحريض على كراهية النظام بغرض الإرهاب جاهزة لكل من ينطق رأياً معارضاً.
والسؤال التالي: ماذا ينتظر البحرينيون من البرلمان المقبل غير الكرباج الغليظ؟!