«مجبرٌ أخاك لا بطل»... قصة الركض وراء عضوية مجلس حقوق الإنسان

وكيل وزارة الخارجية أفصح لسفراء غربيين عن نية بلاده الترشح لعضوية المجل
وكيل وزارة الخارجية أفصح لسفراء غربيين عن نية بلاده الترشح لعضوية المجل

2018-09-05 - 12:15 م

مرآة البحرين (خاص): على دفعتين أعلنت البحرين ترشحها لعضوية مجلس حقوق الإنسان، وذلك خلال لقائين منفصلين عقدهما وكيل وزارة الخارجية عبدالله الدوسري، الأول يوم 2 سبتمبر الجاري مع السفراء العرب المعتمدين لدى الحكومة، والثاني مع سفراء الدول غير العربية يوم 4 سبتمبر، حيث تم إعلان الترشح.

هكذا إذن مثل مهرجانات الألعاب النارية، انفجار تلو انفجار وأضواء تتبعها أضواء، وضوضاء تعقبها ضوضاء، كان هذا الإعلان مرفقاً بتبشير مزركش من الوكيل للسفراء أن البحرين «سوف» تتقدم بدعوة شيل باشليه مفوّضة الأمم المتّحدة الجديدة لحقوق الإنسان لزيارة البلاد.

انتهت الحفلة، وحان موعد الأسئلة ما هو التقييم الحقيقي لهذه الخطوة، هل حصول البحرين على مقعد في مجلس حقوق الإنسان سيشكل حدثاً مفصلياً؟، وهل سيمثل حصولها على العضوية شهادة دولية بنقاء سجلها الحقوقي؟، ولماذا أصلاً تطلب البحرين هذه العضوية؟.

أولاً، هذه ليست المرة الأولى التي تترشح فيها البحرين لعضوية مجلس حقوق الإنسان، ففي 9 مايو من العام 2006، فازت البحرين بعضوية مجلس حقوق الإنسان خلال الانتخابات التي أجرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحصلت مملكة البحرين على 134 صوتاً من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وفي مايو من العام 2008، فازت البحرين بعضوية مجلس حقوق الإنسان مرة ثانية بعدما حصلت على 142 صوتًا، فاحتلت المركز الثاني بعد منافسة شديدة من المترشحين في المجموعة الآسيوية التي تنافست ست دول على حصد مقاعدها الأربعة. وفي العام 2012، أيضًا فازت البحرين بعضوية اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان بالتزكية.

سرحان: اضطرار لا قناعة

باختصار، كل هذه الأسئلة يلخص جوابها المثل العربي الشهير «مجبر أخاك لا بطل»، يقول المستشار القانوني إبراهيم سرحان، ويضيف «ببساطة هذه هي الفكرة، مجلس حقوق الإنسان به 47 مقعدًا، وعضوية المجلس هي كالتالي: وتستند عضوية المجلس إلى التوزيع الجغرافي العادل. وتوزع المقاعد كما يلي: الدول الأفريقية لها 13 مقعداً، والدول الآسيوية لها 13 مقعداً، ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي لها 8 مقاعد، ودول أوروبا الغربية ودول أخرى لها 7 مقاعد، ودول أوروبا الشرقية لها 6 مقاعد، وفترة ولاية أعضاء المجلس ثلاث سنوات ولا تجوز إعادة انتخابهم مباشرة بعد شغل ولايتين متتاليتين».

يتابع سرحان «عادة دول أسيا والشرق الأوسط لا تترشح بكثرة لهذا المناصب لأن لها التزامات مادية ورسوم يجب أن تدفع لقاء هذه العضوية، هذا من جانب،  ثم إن مجلس حقوق الإنسان يفضل عادة أن تكون الدول المنتهكة لحقوق الإنسان لديها عضوية في المجلس حتى يمكن توجيه الأسئلة مباشرة لمندوبيها عند المراجعة الدورية الشاملة».

يوضح سرحان «الدول المنتهكة لحقوق الإنسان تريد أيضًا أن يكون لها حضور وتواجد، لتتمكن من الرد بشكل أسرع على التساؤلات، لذا فإن البحرين ليست لها مفخرة بنيل العضوية، أو أنها راغبة فعلا  بالعضوية لإيمانها بحقوق الإنسان، بل هي مضطرة لتجديد عضويتها لكي تدافع عن نفسها وترد على المفوض السامي، لذلك العضوية ليست مفخرة وليست امتيازاً ولا شهادة دولية للسلطة ولا لسجلها الحقوقي».

أما عن الدعوة التي تقول وزارة الخارجية أنها سوف توجهها للمفوض السامي الجديد، يعلق سرحان «إذا كانت البحرين جادة في هذه الدعوة فلتقدمها عبر الآليات المتبعة لتقديمها، بعيداً عن الفقاعات الاعلامية، نحن نعرف جميعا أن ولاية المفوض السامي الجديد قد بدأت، إذن لترينا السلطة جديتها، ربما يكون هذا مجرد وعد إعلامي إن صح التعبير، اي إطلاق وعود تنقلها وسائل الاعلام، دون اتباع آليات تقديم الدعوة، لأن السلطة لن تستطيع خداع المفوض السامي، فالمفوّض ليس شخصا غير مسائل بل هو مسائل بدقة ومطلوب منه تقديم التقارير الدقيقة للأمين العام للأمم المتحدة».

يختتم المستشار القانوني سرحان تصريحه لـ «مرآة البحرين»، بالقول «السلطة في البحرين مضطرة لنيل هذه العضوية لكي تواجه المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، والانتقادات الموجهة لسجلها الحقوقي».

درويش: لن تفرمل الإدانات

رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان باقر درويش، يرى أن «الخارجية البحرينية تحاول التغطية على إخفاقاتها في ملف حقوق الإنسان، من خلال الترويج لفكرة قبول عضوية البحرين في المجلس بوصفها منجزاً دبلوماسيا، في حين أنّها مسألة تقنية اعتيادية، بسبب طبيعة العلاقات الدولية للسلطة والإسناد السياسي من قبل حلفائها».

وأضاف «قبول عضوية البحرين في مجلس حقوق الإنسان لن يشكل إنجازا، بل سيزيد من الضغوط الحقوقية، ولن يفرمل الإدانات الدولية؛ حتى لو اتبعت السلطة سياسة الدبلوماسية الهادئة مع آليات الأمم المتحدة بعد التغيير الجديد في المفوضية السامية؛ لأنَّ ما يوقف الإدانات هو تحسين حالة حقوق الإنسان وليس اعتماد سياسة المراوغة والتنصل من الالتزامات الدولية».

يتوقع درويش «لذلك نحن نتوقع تكرار تجربة الفشل الدبلوماسي ما لم تتوقف الانتهاكات».

يقول درويش «نحن بصدد مراجعة الخطوات التي سنقوم بها مع تقديم البحرين لعضوية جديدة في المجلس، بلا شك بأنَّنا سنطالب بإلزام البحرين بتنفيذ التعهدات الدولية، وسيكون هذا الموضوع على أجندة الاهتمام في التواصل مع البعثات الدبلوماسية».

يؤكد درويش «إن⁧ إعلان البحرين الترشح يجب أن يواكبه تحقيق إصلاحات حقوقية شاملة، والتخلي عن المنهج القمعي، والانتصاف للضحايا، والسعي الجاد للتعاون مع الهيئات واللجان الحقوقية الأممية ومنها المفوضية السامية وتطبيق جميع توصياتها ومنها السماح للمقررين الخاصين وفرق العمل والمنظمات الحقوقية بزيارة البلاد.

هكذا ببساطة، كل القصة هي جهد إعلامي اتبعت فيه وزارة الخارجية والصحف المحلية التابعة للسلطة، أسلوب التضليل، تتكرر القصة نفسها على أساس أنها جديدة، وذلك اعتمادًأ على مقولة أن "الناس تنسى"، الضحايا لا ينسون ياسادة فهم يعيشون القصة يومياً بكل تفاصيلها منذ العام 2011، لكن المشكلة هي مشكلة الكاذب الذي يكذب كثيرا، يكذب ويكذب حتى ينسى ما هي الكذبة السابقة، وما هي الكذبة الجديدة التي كان يقصها للتو!.