هذه فضيحة تدعو للتعامل مع وزارة التربية والتعليم كمتهم لا كجهة تحقيق

وزير التربية والتعليم ومسؤولون في الوزارة في زيارة لمدرسة الفاتح مع بدء العام الدراسي الجديد الأحد 2 سبتمبر/ أيلول 2018
وزير التربية والتعليم ومسؤولون في الوزارة في زيارة لمدرسة الفاتح مع بدء العام الدراسي الجديد الأحد 2 سبتمبر/ أيلول 2018

2018-09-05 - 3:11 ص

مرآة البحرين (خاص): يصوّر مسؤولو وزارة التربية والتعليم أنفسهم على أنهم المعنيون بحل المسائل المتعلّقة بالشهادات المزورة، بينما تثبت المعلومات المتلاحقة بأن الوزارة متورطة في أجزاء كبيرة من الفضيحة التي هزت الشارع البحريني.

وتثير قضية فصل مدير بأحد المدارس الخاصة، على خلفية كشفه تزوير معلمين أجانب لمؤهلاتهم، تساؤلات بشأن المانع من قيام وزارة التربية بتفحّص ومطابقة شهادات المعلمين الذين يتم استقدامهم للعمل في المدارس الخاصة أو المدارس الحكومية.

ففي الوقت الذي تلزم فيه الوزارة البحرينيين الراغبين في العمل في القطاع التعليمي بمعادلة شهاداتهم، قبل إنهاء إجراءات توظيفهم لا تقوم باتباع ذات الإجراءات مع الأجانب القادمين للعمل في البحرين.

وتظهر رسالة صادرة عن مديرة إدارة التعليم الخاص هند محمد الدوسري، أن الوزارة قامت بدراسة طلب إحدى المدارس الخاصة بتوظيف بحريني في المدرسة، وأفادت بأن مؤهلاته العلمية تتناسب والوظيفة المرشح لها، وهو الإجراء الذي يغيب عند توظيف الأجانب.

وتحت عنوان «الموافقة على تعيين موظفين بالمؤسسات التعليمية الخاصة»، خاطبت الدوسري مدير إدارة الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية وطلبت منه «اتخاذ الإجراء اللازم وفق الأنظمة المعمول بها لديكم، وموافاة إدارة التعليم الخاص بالرد عما إذا كان يوجد لديكم مانع يحول دون إتمام إجراءات التوظيف».

أنظمة متشددة تتبعها وزارة التربية والتعليم عندما يتعلق الأمر بتوظيف المواطنين، فبعد فحص المؤهلات التعليمية يُحال البحرينيون على الفحص الأمني، قبل إنهاء إجراءات توظيفهم. في الحقيقة، إن تلك الإجراءات ضرورية للتحقق من تأهّل الأشخاص لشغل هذه المواقع المهمة من النظام التعليمي، لكن السؤال: لماذا لا يطبّق ذلك على الأجنبي؟

يقول المدير المفصول من إحدى المدارس الخاصة «إن وزارة التربية والتعليم لا تجبر العاملين الأجانب في القطاع التعليمي على معادلة شهاداتهم، على عكس ما يحدث مع المواطنين، الذين تجبرهم الوزارة على معادلة الشهادة قبل دخولهم في القطاع التعليمي».

وأضاف «كنت أشترط على المعلمين في المدرسة إحضار الوثائق والمستندات التي تؤكد حصولهم على المؤهلات العلمية، إلا أن غالبيتهم يشير إلى ضياع شهادته بسبب الأزمات والحروب في بلاده أو يعطي تبريرات غير منطقية تؤكد عدم حصوله على أي مؤهل علمي بالأصل».

وأشار إلى أن التحقيقات التي أجراها في المدرسة كشفت عن وجود عشرات المعلمين يعملون بمؤهلات وشهادات مزورة، وهذا ما أجبره على إرسال خطاب عاجل إلى مديرة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم للنظر بالموضوع بشكل عاجل في 10 فبراير/ شباط 2018.

وأكد أنه قام بالمتابعة بشكل مستمر مع الوزارة منذ إرسال الخطاب، ولكن تجاهل الوزارة للنظر بالموضوع وعدم اتخاذ أي إجراء قانوني ضد المزورين، يضر بمكانة البحرين التعليمية وبحق الأجيال القادمة في حقها بالتعلم الجيد.

ويختتم قوله إن مدير المدرسة على علم بمسألة تزوير المؤهلات العلمية، ولكن حين عرف بموضوع الخطاب إلى وزارة التربية والتعليم، قام باستبعادي مباشرة من عملي، وخصوصا أن غالبية المعلمين هم من أصدقائه المقربين ومن عائلته في إحدى الدول العربية. إذن ترتكته وزارة التربية يواجه مصيره بعد أن أبلغها عن عملية واسعة لتزوير الشهادات في التعليم الخاص.

لقد نشرت صحيفة حكومية قريبة من رئيس الوزراء خليفة بن سلمان هذه القصة ومن المفترض أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي يعيّن الحكومة، علم بها، بعد أن أصبحت حديث الشارع البحريني. كان أبسط إجراء يفترض الإعلان عنه هو تشكيل لجنة تحقيق في الواقعة وما يترتب عليها من حيثيات، خصوصا وأنها تضرب النظام التعليمي في البلاد، لكن ذلك لم يحدث ولا يبدو أنه سيحدث.

كان يجب أن تخضع وزارة التربية للتحقيق بوصفها جهة متهمة، لا أن يتم التعامل معها على أنها جهة تحقيق في موضوع الشهادات المزورة أو الاختراقات التي شهدتها المدارس من قبل أجانب لا يحملون تأهيلا كافيا للعمل في البحرين، أو أولئك الذين لا يحملون تأهيلا تعليميا أو تربويا أصلا.

إن ذلك لا يقتصر بطبيعة الحال على العاملين في المدارس الخاصة بل ينسحب على مؤهلات المعلمين الأجانب الذين يتم استقدامهم من دول مختلفة للتدريس في المدارس الحكومية. فوزارة التربية لا تتبع إجراءات صارمة في التحقق من مؤهلاتهم العلمية، كما تفعل مع البحرينيين، فهي تعتمد في أغلب الأحيان على ترشيحات وكالات توظيف حكومية في دولهم.

إن غياب أنظمة التحقق الصارمة واعتماد وزارة التربية على ترشيحات تلك الوكالات أفقد الدولة حقها في التأكد من مدى ملاءمة المستقدمين للعمل في الوظائف التعليمية، وساهم في تأثر التعليم في القطاع الحكومي على نحو كبير. وبالإمكان فتح قناة للاستماع  للقصص التي يملكها كل ولي أمر في البحرين حول معلم أجنبي غير متمكّن من مادته العلمية أو لا يملك تأهيلا تربويا لشغل منصبه.

إن إعلان الهيئة الوطنية لتنظيم الخدمات والمهن الصحية عن رفضها أكثر من مئة طلب تقدم بها أجانب لمزاولة مهنة الطب في البحرين، يثير المزيد من الأسئلة بشأن الغياب التام لأنظمة التحقق من مؤهلات العاملين الأجانب في حقل التعليم في القطاعين الحكومي والخاص، ويدعو للتعاطي مع وزارة التربية والتعليم كمتهم لا كجهة تحقيق.