وكيل وزارة التربية محمد مبارك يغطي فضيحة التزوير بغربال صيني

محمد مبارك
محمد مبارك

2018-08-30 - 11:39 ص

مرآة البحرين (خاص): ليس أسهل من خلط الحابل بالنابل لمن أراد تمييع فضيحة كبرى وتهويمها. وفي بلد مثل البحرين، لا يجيد مسؤولوها شيء كما يجيدون  تحوير القضايا وطأفنتها من أجل تضييعها، ومن أجل حماية رؤوس كبيرة فيها.

هذا ما بدأه وكيل وزارة التربية محمد مبارك عندما ختم بالشمع الأحمر، أن "أساس الزوبعة التي أثيرت حول موضوع الشهادات هو رفض وزارة التربية والتعليم معادلة عدد من الشهادات الطبية التي جاء أصحابها بها من بعض الجامعات في الصين". هكذا بكل بساطة، يرى وكيل وزارة التربية الفضيحة التي هزّت الرأي العام بأنها ليست أكثر من (زوبعة). ويحوّلها، بكل سوء نية، من قضية "شهادات مزورة من جامعات وهمية" إلى قضية "شهادات غير معترف بها في البحرين".

وهكذا يأتي هذا الوكيل ليصرف الأضواء، من التركيز على "شخصيات عامة" في الدولة، وموظفين كبار يتقلّدون مناصب رفيعة (سفراء ومستشارين ومدراء بنوك وغيرهم)، قاموا بتزوير شهادات عليا (ماجستير ودكتوراه) من جامعات وهمية، إلى "طلاب" من خريجي جامعات رسمية، (لا تعترف بها وزارة التربية في البحرين دون دول الخليج)، وهؤلاء الخريجون لم يتم توظيفهم في أي من مؤسسات الدولة، وما تزال مشكلتهم قائمة دون اكتراث بحلها من قبل الوزارة.

وبالمقابل، حين يأتي الوكيل، ليتحدّث عن الشهادات المزوّرة التي أثارت الرأي العام، نجد أن نبرته تأخذ طابعاً تخفيفياً، فيقول: "وفي جميع الأحوال، أظن أن هذه الشهادات محط الحديث هذه الأيام، والتي يبدو واضحًا أن أغلب من يحملونها هم من العاملين في القطاع الخاص، وبرغبة تامة من أرباب عملهم...". لا يبدي الوكيل أي اكتراث بعملية التزوير كفضيحة أخلاقية وأكاديمية ومهنية، ولا نجده وهو وكيل لوزارة التربية والتعليم التي يعنيها هذا الأمر بشكل مباشر، لا نجده يبدي أي استياء من بشاعة هذا التزوير الذي يُسقط البلد ومؤسساتها الخاصة والعامة في أيد غير كفوءة وغير مؤتمنة، بل نجده يتحفّظ حتى عن تسميتها بالشهادات المزوّرة، ويكتفي بالإشارة إليها بـ "الشهادات محطّ الحديث"، ويخفف من فداحة التزوير عبر تحوير (الجريمة) إلى (رغبة) مرتبطة بقبول أرباب العمل أو عدم رغبتهم، وكأن أرباب العمل يعرفون شيئاً عن الجامعات الوهمية!

ثم تأتي النيابة العامة، لتكبس ما رماه الوكيل في مرمى الشارع، ولتنزع الدسم من القضية وتستكمل حرفها بالكامل، فيصرّح مستشارها أحمد الحمادي، "أن وزارة التربية والتعليم أبلغت النيابة العامة في غضون الأعوام السابقة وحتى فبراير 2018 عن محاولة عدد من الطلبة اعتماد إجراءات الحصول على مؤهلات علمية دون استيفائها القواعد والشروط المقررة. وقد أسفرت التحقيقات التي بوشرت في عدد من تلك القضايا عن إحالة عدد من المتهمين للمحاكمة الجنائية".  فيصير موضوع القضية هو المؤهلات التي لا تستوفي شروط الوزارة، لا تلك المزوّرة التي لا أصل لها من الأساس، والتي لا جامعة تمنحها إلا على الورق.

كل هذا يكشف عن التوجه الرسمي الذي تسير إليه الأمور في قضية الشهادات المزورة. فإذا أردت أن تعرف مدى جدية التعامل مع قضية ما، انظر إلى تصريحات المسؤولين، وإلى أين يحرفون مسار هذه القضية، ولم يعد خافياً أن المسار تم حرفه من (لاهاي) إلى (الصين)، وأن الأخيرين من حملة الشهادات الحقيقية، لكن غير المعترف بها من قبل وزارة التربية في البحرين، والمحرومين أصلاً من العمل بشهاداتهم، هم من سيكونون كبش الفداء لرقاب المزوّرين الكبار المتشدّقين بشهاداتهم المزورة حتى اليوم!