كيف أغرَت جمعية الصّحفيين البحرينية 35 متدرباً وإعلاميّاً بنيل الدبلوما الوهميّة؟
2018-08-25 - 10:00 ص
مرآة البحرين (خاص): في العام 2012 خاطبت جمعيّة "الصحفيين البحرينية" عددا من المؤسسات الإعلامية والهيئات الحكومية والخاصة والأفراد بشأن تنظيمها دورة بالتعاون مع جامعة "لاهاي للصحافة والإعلام" الوهمية لمدة 5 أيام متتالية يُمنحون بموجبها شهادة "الدبلوما الشاملة في الصّحافة والإعلام". استجابة لذلك فقد قامت المؤسسات الإعلاميّة المحلية بحثّ المحرّرين والعاملين في أقسامها على حضور هذه الدّورة لنيل الدبلوما المقدمة.
كان كل شيء يبدو بعيداً عن الشبهة. فالدّبلوما تمنحها جامعة دوليّة مقرّها هولندا. والدّاعي هي جمعيّة مهنيّة محلية تزعم الدّفاع عن حقوق الصحافيين. ومكان الدورة هو معهد حكومي: قاعة المحاضرات في معهد التنمية السياسية بمنطقة أم الحصم. والحاضرون على خطّ المتابعة هم مسئولو هيئة شئون الإعلام على رأسهم مدير إدارة وسائل الإعلام الحالي يوسف محمد إسماعيل الذي حرص على التواجد طيلة أيام الدورة. هكذا وجد 35 إعلاميّاً ومتدرّباً وعاملاً في أقنية الإعلام المختلفة أنفسهم مشتركين في أحد أنشطة هذه الجامعة الوهميّة. تولت جهات العمل التي ينتسبون لها دفع 500 دينار رسوم الاشتراك في الدورة عن كل واحد من المشاركين. بما يساوي في المجموع 17,500 ألف دينار مجموع الرّسوم التي تقاضتها الجامعة الوهميّة من جميع المشاركين غير تلك الرّسوم التي تقاضتها من الجهة المنظمة التي أحضرتها إلى البلاد وهي جمعية الصحفيين.
اجتازوا 30 ساعة تعليميّة تحت إشراف مدرّب أردني اسمه أحمد طقش. في أيّ جامعة أو معهد رصين يخوّلهم ذلك الحصول على شهادة اجتياز كورس أو دورة عاديّة. أمّا بالنسبة إلى جامعة مُنتحلة لا تخضع أنشطتها لأية معايير مهنية أو أكاديميّة، كما يعوز مؤهلاتها الاعتماد من قبل وكالة أو هيئة اعتمادية مخوّلة، فإنّ هذا غير كاف لتعظيم نشاطها في عيون ضحاياها. أرادت أن تشعرهم بأنهم حضروا أكثر من مجرّد دورة. شيئاً سريعاً ومكثّفاً لكنه يمنحهم لقباً رنّاناً يستطيعون إدراجه في سلّم تحصيلهم الأكاديمي وسيرهم الذّاتية.
نموذج لإحدى شهادتيّ الدبلوما التي منحت لحاضري الدورة
وهكذا ولدت أكذوبة "الدبلوما الشاملة في الصّحافة والإعلام" الّتي لم تكن أكثر من دورة استمرّت على مدار خمسة أيّام. إنّ هذا هو بالضّبط ما أطلقت عليه وزارة التعليم الأمريكية الشهادات التي تقدم بطريق الوجبات السريعة (Diploma Mills). "عروض لرسوم أو شهادات أو دبلومات أو درجات جامعية تعرض على العامة بما يفيد أن الشخص المالك للدرجة العلمية أو الدبلوم أو الشهادة قد أكمل فيها أحد برامج التعليم العالي أو برامج التدريب".
في ختام دورة "الدبلوما السعيدة" كان رئيس جمعيّة الصحافيين مؤنس المردي، رئيس تحرير صحيفة "البلاد" المملوكة لرئيس الوزراء البحريني هو أوّل من يحمل التهاني إلى المطوّبين بشهادة الدبلوما المضروبة والمشرف على منحها لهم وتسليمها في أيديهم واحداً بعد واحد. وقد صرّح في غضون حفل تخريج المشاركين "نبارك للمشاركين في البرنامج من الصحافيين والإعلاميين والمشاركين من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص تخرّجهم". كما خصّ بشكره "المدير التنفيذي لمعهد البحرين للتنمية السياسية الدكتور عيسى الخياط على تعاون المعهد واستضافته البرنامج".
وفي الحقيقة، لم تكن دبلوما واحدة فقط التي سلمت للمشاركين إنّما اثنتان. واحدة ممنوحة من قبل جامعة "لاهاي" للصحافة والإعلام في هولندا والأخرى من الأكاديمية الإداريّة بدبي.
بعد 5 سنوات من إقامة هذه الدّورة يدفع المشتركون فيها أفراداً ثمن حضورهم نشاط جامعة وهميّة بأثر رجعي. بينما تنزوي الجهة المنظمة "جمعية الصحافيين البحرينية" والجهة الحكومية المستضيفة "معهد البحرين للتنمية السياسيّة" بعيداً في الظلّ بمنأى عن أي محاسبة. لقد سجّلوا نقطة في تقريرهم الأدبيّ وشطبوا أثمانها من الموازنة. أمّا الضّحايا من الإعلاميين والمتدرّبين فلهم الله وحده.
بوستر الإعلان عن الدّورة 2012