الغارديان : علي مشيمع: السلطات البحرينية تقتل والدي وأضربت عن الطعام لكي أنقذه

علي مشيمع - صحيفة الغارديان - 2018-08-06 - 8:39 م

ترجمة مرآة البحرين

الحكومة البحرينية تقتل ببطء والدي، حسن مشيمع. وقد بدأت هذا الأسبوع إضرابًا عن الطّعام أمام سفارة البحرين في لندن لإنقاذه.

والدي زعيم للمعارضة السياسية في وطني. في العام 2011، كان في طليعة احتجاجات الربيع العربي -وهي حراك جماهيري دعا سلميًا إلى إصلاحات ديمقراطية وفي مجال حقوق الإنسان في المملكة الخليجية الدكتاتورية.

قمعت الشرطة التّظاهرات بعنف، قتلت مئات المتظاهرين وسجنت الآلاف منهم. وفي وقت مبكر، في صبيحة 17 مارس / آذار 2011، اقتحمت قوات الأمن منزلنا واعتقلت والدي. كما تم اعتقال مجموعة من شخصيات المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان -المعروفين باسم "البحرين 13"- وقد تم تعذيبهم ومحاكمته أمام محكمة عسكرية. وبعد خضوعه لمحاكمة غير عادلة، حكمت عليه المحكمة بالسجن مدى الحياة، لمجرد مطالبته بالديمقراطية في البحرين.

لقد كنت جزءًا من قضية والدي، لكن تمت إدانتي غيابيًا بسبب وجودي في لندن آنذاك؛ وبعد عام، تم إسقاط جنسيتي. وفي حال عدت إلى البحرين لأرى والدي، سيتم سجني معه.

طوال تلك الفترة، عاقبت السّلطات البحرينية والدي من خلال تعريضه لمعاملة مهينة وغير إنسانية في سجن جو السّيء السّمعة في المملكة -وهو مركز احتجاز مريع مكتظ بمئات السّجناء السّياسيين. وقد تسبب التّعذيب الذي تعرض له والدي بعدد من المشاكل الصحية الحادة التي استلزمت تدخلّا جراحيًا أربعة مرات.

لقد تسببت ظروف السجن، السيئة وغير الصحية، في سجن جو بتدهور صحته بشكل حاد، وقد حرمته السّلطات من الرعاية الطّبية التي يحتاجها للبقاء على قيد الحياة.

والدي عمره سبعون عامًا، ويعاني من أمراض مزمنة وخطيرة، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدّم والسكري والنقرس والتهاب في المسالك البولية. وهو في حالة شفاء من سرطان الغدد اللمفاوية. ويحتاج إلى تناول عدد من الأدوية يوميًا لمساعدته على تخطي هذه الظروف: يمكن أن يموت من دونها.

لكن، منذ العام 2016، منعته الحكومة من مقابلة الطبيب، وهو ما يحتاجه لضمان عدم عودة السرطان، على الرّغم من حاجته لإجراء الفحوصات كل ستة أشهر. وفي الآونة الأخيرة، خصصت السلطات السجناء السياسيين بفرض المزيد من القيود المهينة عليهم في مجال الرعاية الصحية، وأجبرتهم على الخضوع للتفتيش وهم مجردين من ملابسهم، ومقيدين بالسلاسل والأغلال، والسير إلى مرافق خارجية في حال أرادوا الحضور في مواعيدهم الطبية. ووجدت منظمة هيومن رايتس ووتش أنّ هذه المعاملة "المسيئة تنتهك المعايير الدّولية".

دواء والدي ينفذ الآن، والحكومة، بكل بساطة، لا تهتم لذلك. في الأسبوع الماضي، وجدت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن البحرين تفشل في الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وقد ذكرت الظروف غير الإنسانية في السجون وحرمان السّجناء السياسيين من الرعاية الطبية.

وعلى الرّغم من أن عائلتي وعددًا من النّشطاء الدوليين طلبوا المساعدة، فإنّ ما يسمى بمؤسسات حقوق الإنسان في البحرين -مثل أمانة التّظلمات لدى الشرطة، التي مولتها المملكة المتحدة، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان- لم تقم بأي شيء إلا بتبييض الانتهاكات المستمرة. وفي وقت سابق من العام الحالي، أنكر المعهد الوطني لحقوق الإنسان أن والدي كان يعاني من أي مشكلة صحية تستوجب علاجًا.

ومن دون علاج وتدخّل طبي عاجل، سيموت والدي -ويسمح الحلفاء الغربيون للبحرين، في لندن وواشنطن، بحصول ذلك.

منذ العام 2012، قدّمت المملكة المتحدة ما تبلغ قيمته خمسة ملايين جنيه استرليني من "المساعدة التقنية" إلى البحرين. وكان يُفتَرَض بهذا الأمر ظاهريًا أن يساهم في تسهيل الإصلاحات وتحسين المؤسسات، مثل أمانة التّظلمات، لكن كان له أثر معاكس تمامًا: لقد أمّن الغطاء الدبلوماسي لتكثيف القمع والانتهاكات من قبل الشرطة. الحكومة البريطانية  على دراية بقضية والدي ووضعه، لكنّها فشلت تمامًا في اتخاذ أي إجراء من شأنه تصحيح الوضع، وأثارت بالكادي قضيته "على مستوى رفيع".

وبالمثل، وقّعت إدارة ترامب في الولايات المتحدة على صفقات مبيعات أسلحة جديدة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وتخلّت عن شروط حقوق الإنسان كليًا. حتى أن ترامب صرح لملك البحرين أنّه لن يكون هناك المزيد من "القيود" بين البلدين، ما منح المملكة الضوء الأخضر لتشنّ، فقط بعد بضعة أيام، الغارة الأكثر دموية على الاحتجاجات، منذ أعوام خلت.

المملكة المتحدة والولايات المتحدة تمكنان البحرين بشكل مباشر من القمع، وهما تساهمان في الظروف الوحشية التي تقتل والدي. لكن لم يفت الوقت بعد. ما يزال بإمكان الزعماء في لندن وواشنطن التّدخل لإنقاذ والدي، واتخاذ موقف من أجل حقوق الإنسان. وأحثّهم على استخدام نفوذهم لضمان توفير العلاج الطبي المناسب الذي يحتاجه للبقاء حيًا بشكل فوري، وتأمين إطلاق سراحه أيضًا.

وإلى أن يصبح والدي في أمان، لا خيار لي إلا باتباع التزامه بالاحتجاج السلمي، وإعلان إضرابي عن الطعام احتجاجًا على الظلم. على النّظام [البحريني] أن يعلم أن هذه الإجراءات ضده [والدي] لن تثغَيّر آرائي السياسية. لا تزال إرادة المحاربين المطالبين بالديمقراطية الذين بدؤوا الثورة في العام 2011 ضد الحكم الدكتاتوري قوية، ونحن الآن أكثر اقتناعًا بأن النظام لا يستطيع إصلاح نفسه.

 

النص الأصلي