التعليق السياسي: كومة قمامة "تويتر"... حرب النائب التائب لأخيه فاضح النائب التائب

شاهد البحرينيون على مدى ثلاثة أسابيع عرضاً مسلياً لمشاكسات جناحيّ الحكم على
شاهد البحرينيون على مدى ثلاثة أسابيع عرضاً مسلياً لمشاكسات جناحيّ الحكم على

2018-03-30 - 3:41 ص

مرآة البحرين (خاص): فُتح الطريق لتبرئة فريق كومة القمامة الملكي. و"كومة القمامة" هو تعبير استخدمه رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان آل خليفة لوصْف الأطراف التي تقف خلف حساب "نائب تائب" الّذي قام على مدى ثلاثة أسابيع بشرشحة طاقم ديوانه على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وجعل منه فُرْجة. قال "الأمر لا يعدو أن يكون مجرد كومة قمامة كلما لمستها أو اقتربت منها فإنك ستشم رائحة لا تُطاق".

لكنّه في الحقيقة تعبير يصلح لوصْف رائحة "كومة القمامة" على جانبيّ الطريق. فأنت لن تشمّ الرّائحة التي لا تُطاق من كومة القمامة الّتي على جانب الملك.  فيما على العكس ستشمّ رائحة المسك والعنبر من كومة القمامة التي على جانب رئيس الحكومة.

أبداً، القمامة هي القمامة. ولن تحوّلها لعبة الكراسيّ الموسيقيّة على مستوى القمّة الّتي استمتعنا لأسابيع بمشاهدتها تُضرب في شوارع "تويتر"، لن تحوّلها إلى مستخلصات "عطريّة". "جان باتيست غرونوي" العطّار الغرائبي صاحب حاسة الشم الإعجازية والمولود من السفاح في كومة زبالة هو شخصيّة خياليّة في رواية "العطر" فقط. أما في الواقع فهناك الواقع.

لكن كيف فُتح الطريق لتبرئة فريق كومة القمامة؟ قولوا لهم خوَنَة.. قولوا الخوَنة! هكذا تتمّ إعادة شدّ عصَب "الشرفاء" ومحْو سجلاّت تفاهاتهم.

في البدء نُشِّطَ العضارطة النوابغ المهووسون بنسج قصص الخيال العلمي من التلصّص على معرّفات "تويتر". أهاجي وتخريفات من نوع كم من "خائن" يتابع حساب "النائب التائب"؛ البريد المسجّل به في لندن؛ إيميل 14 فبراير، وهكذا.

ثم في المنتهى، ها هو الحساب ـــ سيُقال ـــ قد عاد إلى نشاطه مرّة ثانية في الوقت الذي يقعد مشغلوه الافتراضيّون "ظلْماً" في الحبْس. فمن وراءه إذن؟ الخونة. هذا هو الطريق. طريق فريق كومة القمامة الملكيّ لنيل الحرّية. هو هو الذي أخرجكم أول مرّة يخرجكم في ثاني مرّة. إنها مسألة وقت فقط.

هذه "خناقة" ليس للبحرينيين العاديين فيها ناقةٌ ولا جمل. لقد شاهدنا معركة مسلّية على مستوى القمّة أديرت بواسطة بيادق. بيادق طويل العمر مع بيادق صاحب الجلالة. فريق النائب التائب مع فريق فاضح النائب التائب. بينما يقعد الفيلة وسائسو الأحصنة  ـــ وطبعاً الملك ـــ للفرجة في الصّفوف الخلفيّة. لكن كيف عرفنا ذلك؟

في مونودراما "زواريب" المسرحيّة لممدوح عدوان يجسّد الفنان اللبناني رفيق علي أحمد شخصيّة "زبّال" الحارة. وكيف أنه لطول خبرته بزبالة أهل الحيّ في أكياس القمامة والتي يتعامل معها يومياً، استطاع تكوين أفكار كاملة متجانسة عن شخصيّاتهم ومواقعهم الطبقية. بما في ذلك التفاصيل والأسرار الداخلية لأهل الحارة من دون أن يشعرهم بشيء. كل ذلك بواسطة تحليل قمامتهم فقط! هكذا رصد دخول الأفوكادو والأناناس إلى البيوت. وكذلك تحول أشكال بوالين الأطفال من شكل إلى آخر. هكذا كانت القمامة سلاح رفيق علي أحمد لمشاهدة أهل حارته عراة تماماً. عراة من أيّ سر.

وهكذا شاهدنا نحن أيضاً الملك ورئيس حكومته وأفيالهما وبيادقهما عراة من خلال قمامتهما فقط. كومة قمامة "تويتر".

الرّائحة الّتي لا تطاق كانت تحوّل عليهما وإليهما؛ لا على آخر مُفتَرَض.  ويحصل أحياناً أمام رائحة العطن القويّة أن يشتبه الأمر على بيادق واحد من الجناحين المتشاكسيْن. فمثلاً، حين يهرع محامٍ مبتديء من كومة قمامة الجناح الوزاريّ إلى تهديد بيادق كومة قمامة الجناح الملكيّ بجرجرتهم إلى المحاكم وأنّ ساعة الحساب قد دقّت؛ فما هذا إلا عرضٌ واحد من أعراض الرائحة المعطنة اللافحة في الأجواء والتي تجعل حجر البيدق يظنّ أنه فيل. تنتشر الرّوائح السامّة فتنتشر الأوهام السامّة.

كان تدخّل رئيس الوزراء  بالتّصريح علانيةً مرّتين نوعاً من الخروج على النص. هذا النوع من لعب العيال لا يستوجب دخول الكبار. إنه لعب افتراضيّ يجسّد التكوين النفسي المريض للديكتاتورية. وهو مطوّر عن لعبة واقعيّة ابتكرها السيد الأبيض في القرن الثامن عشر حين كان يجبر اثنين من عبيده الكثر على أن يتبارزا بالأسلحة النارية. أما هو  فيجلس على الدكّة مستمتعاً بمشاهدة العرض الدمويّ ومن يكون منهما أسرع في تسديد الرّصاصة الأولى إلى قلب الآخر. استُبدلت الأسلحة النارية بأكوام القمامة. لقد كانت القمامة باستمرار أحد أسلحة الحرب. واحدة من أبرز الأقاصيص في التاريخ الإسلامي تحدّثت عن يهودي كان يضع القمامة والشوك في طريق النبي.

لكنّ ما حصل هو أن الرّائحة التي لا تطاق قد جاوزت رقعة الشطرنج. الرّائحة المنتنة فاحت فوصلت دول الجوار. وقد كان رئيس الوزراء صريحاً في ذلك. قال "جعلونا حكاية تتردد ليس داخل البحرين فحسب، بل في خارجها وفي دول الخليج. وصل الأمر إلى عدم رضا بعض قيادات دول المنطقة. لقد حدث كل ذلك فعلاً". وما دام ذلك قد حدث فعلاً فلنوقف لعب التسلية إذن. نوقف كومتيّ القمامة. على فريق "النائب التائب" وفريق "فاضح النائب التائب" أن يتحمّلا قليلاً من المنغّصات ليس إلاّ؛ لزوم ما يلزم. أما الحرّية فهي تلوح في الطريق!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus