ماذا لو طلب فريق الدفاع عن الشيخ علي سلمان شهادة الملك؟
2018-03-22 - 4:12 ص
مرآة البحرين (خاص): تقف هيئة الدفاع عن زعيم المعارضة البحرينية الشيخ علي سلمان غدا أمام المحكمة مجددا، لتقديم دفاعها عن الشيخ في قضية جديدة، أخرجت له من تحت الأرض، فقط وفقط حتى لا يفرج عنه بعد انقضاء مدة حكمه في قضيته الأولى، نهاية العام الجاري.
نعم ستنقضي قريبا 4 سنوات، على سجن أمين عام جمعية الوفاق، التي كانت يوما ما أكبر حزب سياسي في الخليج، قبل حلّها منتصف يوليو/تموز 2016.
لقد كان منعطف الأزمة السياسية الحقيقي اعتقال الشيخ علي سلمان في 28 ديسمبر/كانون الأول 2014، كان ذلك أول يوم دخلت فيه الاستراتيجية الجديدة للنظام في التعامل مع الانتفاضة والمعارضة، حيّز التنفيذ.
إنها استراتيجية لم تكن مبنية على انتخاب ترامب، ولا على وصول محمد بن سلمان للسلطة في السعودية، ولا حتى أبيه إلى سدة العرش... لقد كانت قبل ذلك كله. مع انقضاء الانتخابات البرلمانية في 2014، لم يكن متوقعا أن تستمر قواعد اللعبة كما هي. كان اعتقال الشيخ أول المؤشرات على نفاد الحلول السياسية من عقل النظام، وجنوحه الواضح نحو التشدد إلى أقصى حد، بالتوازي مع حشد الدعم قدر الممكن، والمضي في الخطّة بشكل متدرّج.
كانت الخطة أن ينتهي كل شيء، بأي ثمن كان! وكانت محاكمة الشيخ علي التمهيد المرتبط مباشرة بإسقاط الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم، وكذلك اعتقال نبيل رجب، ومن ثم الإجهاز الكامل على العمل السياسي العلني عبر حل جمعية الوفاق، ثم جمعية وعد. إنها المقدّمة اللازمة والشرط الأول للتمكن من الذهاب إلى الإعدامات والعمليات الأمنية القاتلة وهكذا وصولا إلى دولة بوليسية مكتملة الأركان.
في عالم سياسي أخذه الجنون، وجد النظام البحريني أفضل فرصه في إنهاء كل شيء. لن يقف أحد في وجهه بعد اليوم، ما دام يلعب في ساحة محمد بن سلمان، ومحمد بن زايد، وبالطبع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لقد كان ذلك الوقت الأمثل لتصدير أزماته للخارج، باتّجاه أكثر إثارة: قطر.
كانت البحرين رأس حربة اللعبة الدولية الكبرى ضد قطر، وكان الملك تحديدا يتمنى هذا الدور منذ زمن، وليستطيع اللعب بحرية ذهب أولا إلى تصفية كاملة للداخل.
صورة من اللقاء الذي جمع الملك مع رئيس وزراء دولة قطر السابق حمد بن جاسم ومسئولين خليجيين ضمن مبادرة لحل الأزمة. مارس/ آذار 2011
لكن الحسابات لم تصّفى تماما. كان لا بد أن ينال الشيخ علي سلمان جانب أكبر منها، فخروجه نهاية العام الجاري لم يعد أمرا مقبولا. وعليه، استخدمت قطر بأثر رجعي لتمديد بقائه في السجن، واستخدم هو كوقود لتأجيج نار الحرب على الدوحة.
اتّهم الشيخ علي سلمان بالتخابر مع قطر لإسقاط نظام الحكم في البحرين، على خلفية اتصالات جرت بينه وبين رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. ورغم وضوح التلفيق في هذه التهمة بناء على توقيتها، إذ يعود زمن الاتصالات إلى 7 سنوات مضت، لكن أحدا لم يعد يهتم. كل ما يهم إدانة قطر، وإدانة الشيخ علي سلمان.
ولأن اللعبة كبرت وباتت لعبة دول، دخل على الخط بشكل علني رئيس الوزراء القطري السابق، مقدّما شهادته على ذلك بنفسه. وعلى شاشات التلفزة قال مؤكداً إن المكالمات محل الاتهام كانت بعلم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وضمن مبادرة خليجية- أمريكية لتسوية الأزمة.
ثم جاء نائب أمين عام الوفاق الشيخ حسين الديهي ليشهد هو الآخر بأن حمد بن جاسم أجرى مكالمتين مع الشيخ علي سلمان كان الأول في إحداها جالسا مع الملك، وفي الثانية بمعية مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط السابق جيفري فيلتمان.
في مرافعة الشيخ علي سلمان التي لم يتمكن من أن يقول منها كلمة للمحكمة (2015) ولم يلق حين حاول أن يبدأ فيها سوى صرخات الغضب والإسكات، ومن ثم السحب من داخل القاعة، أكد الشيخ أنه التقى الملك بنفسه قبيل انطلاق ثورة 14 فبراير محذّرا وناصحا.
يؤكد الشيخ، في شهادته التي نشرت مطبوعة في كتاب تحت عنوان «مرافعة وطن» مارس/آذار 2017، أنه قدّم خلال هذا الاجتماع نصيحته للملك، بأن يأخذ زمام المبادرة كما فعل في سنة 2001، وأن يقوم بتغيير الحكومة في إجراء للتهدئة. وينقل الشيخ أن الملك رد عليه بالقول «إنّني مع شعبي في تطلعاته الديمقراطية إلى آخر حد، لكن علينا أن نراعي بعض ظروف المنطقة... أخبرت إخواني أمراء المنطقة بأن لديّ شعبًا حيويًا وسياسيًا ويطالب بالديمقراطية منذ زمن طويل، وأنّ ظروف البحرين مختلفة عن ظروف جيرانها».
هل كان الملك متآمرا هو الآخر على الوطن، حين «تخابر» مع أمراء المنطقة عما يجري في البلاد؟
رغم التفاصيل الكثيرة التي أوردها الشيخ علي سلمان في مرافعته، كشهادة للتاريخ، لكنّه فضّل أن لا يذكر شيئا فيها عن المبادرة القطرية الأمريكية، تجنّبا لأي تبعات دبلوماسية، فما خفي أعظم!
كما رفضت محكمة علي الظهراني الأولى (2015) سماع مرافعة الشيخ علي سلمان هذه، سترفض ذات المحكمة، برئاسة ذات القاضي غدا، أن تسمع منه ما سيقوله عن اتصالاته برئيس الوزراء القطري، وتفاصيل المبادرة القطرية الأمريكية لحل الأزمة، والتي استقبل الملك البحريني من أجلها حمد بن جاسم آل ثاني، وجيفري فيلتمان، بشكل رسمي.
غدا سيطلب من الدفاع عن الشيخ علي سلمان تقديم شهود النفي على هذه الاتهامات، وبالطبع سيكون متعذّرا طلب الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني للشهادة، أو طلب الشيخ حسين الديهي، لكن، ماذا لو طلب فريق الدفاع شهادة الملك؟
هل يمكن أن يستمع له القاضي الظهراني؟