حرب عطية الله وخليفة بن سلمان تضرب إدارة الجرائم الإلكترونية وتستمر في شوارع تويتر
2018-03-18 - 5:01 ص
مرآة البحرين (خاص): تطورات لجنة التحقيق النيابية في ملكية الوكيل المساعد لمجلس الوزراء إبراهيم الدوسري لأرض مجمع الريم، يمكن أن تظهر مدى انشغال العائلة الحاكمة بـ"هوشة" الموالاة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وداخل مجلس النواب.
وانشغل على الأقل رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة من جهة ووزير شؤون المتابعة في الديوان الملكي أحمد عطية الله ومن تحته وزير العدل خالد بن علي آل خليفة من جهة أخرى بـ "الهوشة" التي بدأت عندما وصف إبراهيم الدوسري عطية الله بـ "الكلب" دون أن يسمه حسبما أظهرت تسريبات لمحادثات جرت بينه وبين النائب أنس بوهندي سرّبها حساب "نائب تائب".
وأظهرت تلك المحادثات أن الدوسري شن هجوما على رئيس مجلس النواب أحمد الملا ونوابا بينهم خالد الشاعر وجمال بوحسن. الدوسري كان يتحدث عن تشكيل فريق من أشخاص ثقة للحديث عن فضائح أخلاقية للملا والشاعر واختلاسات لبوحسن بعيدا عن معرفة "أسيادهم الكلاب" وكان يشير على الأرجح إلى عطية الله.
وسبق لرئيس لجنة الشؤون الخارجية عبدالله بن حويل أن وصف رئيس المجلس أحمد الملا بأنه "مجرد دمية في يد عطية الله". ويسيطر وزير المتابعة على العملية الانتخابية بحسب ما أظهر تقرير سري للمستشار السابق في الحكومة صلاح البندر العام 2006. ومنذ ذلك الحين يعتقد سياسيون معارضون وموالون على السواء أن الرجل بدعم من الديوان الملكي، يتلاعب في العملية الانتخابية عبر توزيع الدوائر وعمليات فرز الأصوات.
4 فبراير/شباط 2018، بعد يوم واحد من تسريب المحادثات تلك، تقدّم الشاعر والنائب جمال بوحسن بشكوى لدى النائب العام ضد الدوسري والنائب أنس بوهندي (طرفي المحادثات)، قبل أن يعلن الشاعر عن تشكيل لجنة تحقيق في ملكية إبراهيم الدوسري لأرض في الرفاع أقام عليها مجمعا تجاريا، وأشار إلى أن الأرض كانت مخصصة لبناء مدرسة قبل أن يستولى بعض المتنفذين عليها عن طريق التزوير في المستندات، مستغلين وظائفهم ومناصبهم في جهة سيادية لاغتصاب أراضٍ مملوكة للدولة ومخصصة للمنفعة العامة.
بعد أسبوع دخل وزير العدل والأوقاف خالد بن علي آل خليفة على خط الأزمة وقرر عزل النائب أنس بوهندي عن إمامة مسجد الغتم بالرفاع. وقالت صحيفة الوطن المملوكة من الديوان الملكي إن أهالي سادسة الجنوبية طالبوا بعزله بسبب "التواطؤ مع أصحاب الأجندة والمؤامرات والمخططات وأصحاب النفوذ ضد المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل".
وكان بوهندي قد قال في المحادثات المسربة "إن الملك لا يعلم بما يدور وأن اللوم يقع على من تحته"، ولم يكتف وزير العدل (ممثل الديوان) بعزل بوهندي عن الإمامة بل طلب من مجلس النواب رفع الحصانة البرلمانية عنه على خلفية الدعوى التي تقدم بها الشاعر ضده في النيابة العامة.
تبدو الأمور أكثر وضوحا بهذا الإجراء. الدوسري وبوهندي في فريق رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب أحمد الملا والنائبان الشاعر وبوحسن في فريق وزير المتابعة بالديوان الملكي أحمد عطية الله، وخلفهما حسابات تنشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
من باب وسائل التواصل الاجتماعي دخل رئيس الوزراء خليفة بن سلمان على خط الأزمة، لكنه بالتأكيد كان رافضا للجنة التحقيق التي قد تظهر مزيدا من الوثائق التي تدينه في سرقة وهبات الأراضي، كما كان الحال مع شرائه الأرض التي أقيم عليها مشروع المرفأ المالي بدينار واحد، على الرغم من أن الشاعر حاول التقليل من مخاوف ديوان رئيس الوزراء بقوله إن لجنة التحقيق لن تحقق في الهبات القانونية ولكنها ستحقق في أراض كانت مخصصة للتعليم ويعني بذلك أرض مجمع الرفاع ردا على الدوسري.
واعتبر رئيس الوزراء 12 فبراير/شباط أن "ما يسببه الاستغلال السيئ لهذه الوسائل من حساسيات في المجتمع ما كان يجب أن تكون (...) ولا يقل عن الإرهاب فكلاهما يقودان إلى تقويض الاستقرار"، وفقا لبيان رسمي. ونقل النائب السابق المقرب من ديوان رئيس الوزراء محمد خالد الذي كان حاضرا المجلس عن خليفة بن سلمان مهاجمته إدارة الجرائم الإلكترونية بالقول "وضعناها لتحافظ على الناس فإذا فيها أناس يأتي منهم الخطأ ونشر الفتنة بين الناس".
بعد هذه التصريحات بأيام تم الإعلان عن اعتقال عبدالعزيز مطر(موظف في إدارة الجرائم الإلكترونية)، فهد الشامري (مدير مكتب النائب خالد الشاعر)، محمد الشروقي (إعلامي) وعبدالله المالود، وتم اتهامهم بالتشهير بأشخاص عبر تويتر وإدارة حساب نائب تائب، قبل أن تقضي محكمة بحبس الشروقي 3 أشهر على خلفية دعوى قديمة تقدم بها محمد خالد اتهم فيها الشروقي بشتمه، وساد اعتقاد أن ذلك كان ردا على تسريب المحادثات التي أثارت خلافا في المجلس.
سمو رئيس مجلس الوزراء حفظه الله قال في الاسبوع الماضي عبارة نفيسة جداً ولم يمضي عليها اسبوع حتى تحققت وهي القبض على من أساء لنا وللأخوة والأخوات الأفاضل في مواقع التواصل الاجتماعي.#شكراً_خليفة_بن_سلمان
— النائب أنس بوهندي (@AnasBuhendi) February 25, 2018
في تغريدات حذفها لاحقا قال النائب خالد الشاعر إن مدير مكتبه ليس له علاقة بالحساب أو تسريب المحادثات، وقال إنه يتعرض لضغوطات لإنهاء عمل لجنة التحقيق في ملكية إبراهيم الدوسري للأرض، غير أنه قال إنه سيستمر في ذلك ولو كلّفه حياته.
مع كل تلك الإجراءات، صار جميع النواب على علم بموقف رئيس الوزراء الرافض لما بُني على المحادثات المسربة. في 27 فبراير/ شباط رفض مجلس النواب رفع الحصانة عن النائب أنس بوهندي بعد إعلان الشاعر وبوحسن تنازلهم عن الدعوى الجنائية. في ذات اليوم أعلن بوهندي تلقيه اتصال من رئيس الوزراء "يشد من أزره وعزيمته ويدعمه".
إزاء اتصاله بأنس بوهندي، قالت الكاتبة في أخبار الخليج لولوة آل خليفة المقربة من رئيس الوزراء إن الأخير رفض (الأحد 4 مارس/آذار 2018) استقبال رئيس مجلس النواب أحمد الملا، حيث يستقبل على نحو معتاد نواب ووزراء ومسؤولين حكوميين وصحافيين في مجلسه الأسبوعي.
ولأن النواب المشاركين في لجنة التحقيق جمال بوحسن، محمد الجودر، عيسى الكوهجي وغازي آل رحمة يعرفون أكثر من غيرهم موقف رئيس الوزراء من عمل اللجنة، أعلن بوحسن والجودر تباعا الانسحاب من لجنة التحقيق قبل أن يعلن الشاعر (6 مارس/آذار 2018) إنهاء عمل اللجنة؛ بعد تحققه من أن ملكية الدوسري للأرض قانونية وفقا لقانون "الشيوخ"!
على الرغم من تغطيتها المستمرة لعمل لجنة التحقيق إلا أن صحيفة الديوان الملكي (الوطن) امتنعت عن نشر إعلان الشاعر إنهاء عمل اللجنة، وتساءلت المغردة عبير الجلال التي تقف في معسكر ديوان رئيس الوزراء "لماذا لم تنشر صحيفة الوطن تصريح النائب خالد الشاعر عن قانونية أرض الرفاع؟".
لماذا لم تنشر صحيفة #الوطن تصريح النائب خالد الشاعر عن قانونية ارض الرفاع وما توصلت له اللجنة الفاشلة خاصة بعد ان نشرت مجموعة اخبار عن تشكيل اللجنة وبدت كأنها تتضمن نوع من الترويج للشاعر و تشهير ببعض المسؤولين ؟#البحرين
— عبير الجلال (@AL_JALAL2000) March 6, 2018
13 مارس صوّت مجلس النواب لإلغاء عمل لجنة التحقيق، وفي ذات اليوم تم الإفراج عن محمد الشروقي ومن معه، على طريقة خالد النفيسي في المسلسل الكويتي درب الزلق حين قال لسعد الفرج عندما جاء لخطبة ابنته صالحة "قِصة بقِصة... أزوجك بنتي تزوجني أمك".
كتب خالد الشاعر عبر صفحته على تويتر سلسلة تغريدات يرثي فيها لجنته وحقّه المضيّع، وكتب محمد خالد من العصابة المقابلة بكائية للبحريني الذي "أصبحت سمعته وكرامته وسهولة الطعن في وطنيته والطعن في شرف بناته وأهله عبر مافيا التويتر أرخص من التراب! وأسهل من شُرب الماء".
على الرغم من أنهما من مقربي العائلة الحاكمة إلا أن القانون والإجراءات العقابية لم تكفل للشاعر ولا لخالد حقيهما. في البحرين بإمكانك أن تكون قاتلا، فاسدا، سارقا، شاتما إذا ما كان لديك شيخ من آل خليفة يدفع عنك العقوبات، ويجهر بجرأة بأن "لا يطبّق عليك القانون"، كما قال ذات مرة رئيس الوزراء البحريني علنا للضابط المتهم بالتعذيب مبارك بن حويل!