افتتاحية ذا إيكونوميست: الدّبلوماسية، بالنّسبة لدول الخليج، تعني شراء أسلحة لا يحتاجونها

افتتاحية - صحيفة ذا إيكونوميست - 2018-03-03 - 8:42 م

ترجمة مرآة البحرين

عندما احتفلت قطر بعيدها الوطني في ديسمبر / كانون الأول، حلّقت الطّائرات الحربية فوق الكورنيش البحري في تتابع سريع: ستة مقاتلات ميراج فرنسية الصّنع، ستة حاملات طائرات وسرب من طائرات التّدريب. وكان ذلك نصف عديد القوة الجوية. الدّولة الأغنى في العالم، والتي يبلغ عدد السّكان فيها 300 ألف نسمة فقط، لم تكُن أبدًا معروفة ببراعتها العسكرية. الطائرات الثّلاث الأوائل التي استُخدِمت لدعم منطقة حظر جوي فوق ليبيا في العام 2011 اضطرت للهبوط بشكل طارئ في قبرص.

مع ذلك، تخطط قطر لزيادة حجم قوتها الجوية. منذ يونيو / حزيران، وقّعت [قطر] على عقود تبلغ قيمتها 20 مليار دولار لشراء 96 مقاتلة عسكرية جديدة من ثلاثة دول: مقاتلات إف 15 من الولايات المتحدة، طائرات تايفون من بريطانيا وطائرات رافال من فرنسا. وموجة التّسوق هي أحد الآثار الجانبية للحصار الذي بدأ منذ تسعة أشهر ضد قطر من قبل البحرين ومصر والسّعودية والإمارات العربية المتحدة. وتريد اللّجنة الرّباعية أن تنهي قطر دعمها للجماعات الإسلامية، من بين أمور أخرى. غير أنّ هذه الخطوة أيقظت عروضًا نادرة للوطنية في الإمارة الصّغيرة، والتّعزيز العسكري أحد الأمثلة على ذلك. ويقول خالد العطية، وزير الدّفاع القطري، إنّه "نحتاج إلى التّخطيط للأسوأ. ما زلت أرى أنّ 25 مليار دولار غير كافية".

ويتساءل مسؤولو الدّفاع في الغرب عن كيفية دمج قطر للمجموعة الجديدة. إذ يصل عدد العناصر العسكريين حاليًا إلى 27500 رجل. وأقل من 10 بالمائة منهم في القوة الجوية، التي ستحتاج إلى مئات الطّيارين الجدد من أجل أسطولها المُوسع. كلية قطر لعلوم الطيران خرّجت فقط 30 طيارًا العام الماضي، على الرّغم من أنّها تأمل مضاعفة هذا العدد في العام 2018. وستحتاج إلى تدريبهم في ثلاثة منصات طيران مختلفة، وهو قرار يربك بعض الملحقين العسكريين. ويدافع السّيد العطية عن المشتريات.ويلفت إلى أن طائرات إف 15 مقاتلات ضاربة، في حين أنّ الطّائرات الأوروبية مناسبة أكثر للقتال الجوي.

لكن بالنّسبة لقطر وجيرانها، فإن صفقات الأسلحة تشكل أيضًا وسيلة لحشد الدعم في العواصم الغربية. تنفق البحرين 3.8 مليار دولار للحصول على ضعف أسطولها من مقاتلات إف 16. ووقعت الإمارات العربية المتحدة صفقة بـ 1.6 مليار دولار مع لوكهيد مارتن، وهي شركة أميركية، لتطوير سلاحها الجوي. وخلال زيارته إلى السعودية في مايو / أيار الماضي، أعلن الرّئيس الأميركي ترامب عن صفقات أسلحة مع المملكة بقيمة 110 مليار دولار. وقد كانت عملية البيع الأكبر من نوعها في التّاريخ الأميركي -أو على الأقل بدت كذلك. ويقول دبلوماسي أميركي إنّها كانت قائمة للشراء، لكن السّعوديين لم يوقعوا عقودًا بشأن معظمها".

كانت قطر الأكثر عدائية في متابعة هذه الاستراتيجية. في 9 يونيو / حزيران، وصف الرّئيس ترامب الإمارة بأنها ممول للإرهاب. وبعد خمسة أيام على ذلك، وقّع وزير الدّفاع صفقة طائرات إف 15، مُقَوّضًا رواية الرّئيس.

في أكتوبر / تشرين الأول، أعلنت بي آي سيتسمز، وهي شركة بريطانية، أنّها سوف تُسَرّح ما يقرب من 2000 عامل بسبب بطء مبيعات طائرات التّايفون. لكن صفقة الـ 6.7 مليار دولار مع قطر، التي أُعلِنَ عنها بعد شهرين، ستساعد في الحفاظ على خطوط الإنتاج. ويعكس الإنفاق الدّفاعي المجنون فيضانًا من المال القطري إلى شركات اللّوبي الأميركية، والذي بلغ 4.7 مليار دولار منذ يونيو / حزيران (في الأعوام الخمسة قبل ذلك [التاريخ]،  أنفقت [قطر]6.5 مليود دولار فقط على اللوبي في أميركا).

وكشبه جزيرة على شكل قفاز مقابل السّاحل الشّرقي للسعودية، شعرت قطر دائمًا بعدم الأمان. في العام 1996، ومباشرة بعد تولي الأمير السّابق السّلطة، تم اتهام عشرات الضّباط العسكريين السّابقين بالتّخطيط لانقلاب. ووجّهت قطر اللّوم على ذلك للسّعودية والإمارات العربية المتحدة، على الرّغم من أنّهما نفتا تورطهما. وازدادت مخاوف قطر في العام 2011 عندما أرسلت دول خليجية أخرى القوات إلى البحرين لسحق انتفاضة شعبية. وقد دعمت قطر هذه الخطوة (وأرسلت مجموعة صغيرة من القوات)، لكن الكثير من النّاس شعروا أنّها تشكل سابقة مثيرة للقلق.

وأفضل دفاع لقطر ضد اعتداء خارجي هو العديد، وهي قاعدة جوية مترامية الأطراف، فيها المقر الأمامي للقيادة المركزية الأميركية. ولإرضاء الطّيارين الأميركيين، تبني قطر 200 وحدة سكنية للعناصر وعائلاتهم، بالإضافة إلى مجمع ترفيهي. وهي تريد أيضًا بناء مرافئ  تستطيع استضافة السّفن الحربية الأميركية. والبحرين حاليًا موطن للأسطول الخامس الأميركي. ومن غير المرجح أن يتغير ذلك، لكن المقترح يؤكد مدى أهمية مظلة الأمن الأميركي لقطر.

ويثير التهيؤ العسكري التّوترات في الخليج. في يناير / كانون الأول، زعمت الإمارات العربية المتحدة أن طائرتين مقاتلتين قطريتين اعترضتا طائرة مدنية. وقد بثّ التّلفزيون الرّسمي البحريني مقطع فيديو يظهر مسارات الرادار للطائرات الثلاثة. كانت الطائرات الثلاثة بالفعل قريبة من بعضها البعض. لكن الطائرات المقاتلة القطرية كانت تُحَلّق على مسار عامودي بالنّسبة لطائرة الإمارات، وعلى بعد ألفي قدم تحتها.

مع ذلك، ومع طنين عشرات الطائرات الحربية في السماء فوق الخليج،  قد تصبح مثل هذه المزاعم أكثر شيوعًا.

 

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus