البحرين: «اسمي أحمر»
سارة حيدر - 2018-02-22 - 3:28 ص
مرآة البحرين (خاص): عندما أعطى الكاتب التركي "أورهان باموق" اللون الأحمر دور الراوي في إحدى أعظم رواياته "اسمي أحمر"، فإنّه كان قد أعطى اللون الأكثر قوّة ورمزيّة شرف أن يكون راويًا من قلب الحدث، ليحكي القصّة.
وإذا كان هناك من يدرك قوّة اللون "الأحمر" ويعيشها، فإنّه شعب البحرين. لقد جعلوه على مرّ أعوام حتّى اليوم لونًا للسّلام والتضحية والحريّة والانتماء والهويّة والحب. إنّه "الأحمر" الذي روى قصّتهم.
"الأحمر"، عند البحرينيين، هو الحنين للبيت، وللقرية، وللناس. "الأحمر" هو الحب التوّاق لتراب النخلة، وللصدف المترامي على سواحل البلاد، أو ما تبقى منها.
"الأحمر" هو 7 أعوام من جبهات السّلم في البحرين، تدافع وتطالب وتؤكّد على الحق في الحياة والاستعداد للمقاومة والتّضحية. "الأحمر" هو وقوف الفرد مع الجميع، ووقوف الجميع مع الفرد.
"الأحمر" هو عندما سار 3 شهداء شجعان بأرواحهم إلى المذبح، لاستقبال تلك الطلقات الثلاث التي ثقبت قلب كلّ واحد منهم. بنفس مطمئنّة، سخروا من الموت ورحلوا. "الأحمر" هو عندما وجد 3 شهداء حريّتهم في البحر، و"الأحمر" هو عندما وقف 6 شهداء مضحّين ثابتين مدافعين عن معتقداتهم، وسقطوا صامدين في وجه المعتدي.
خلال هذه السنة، أثبت البحرينيون للعالم صمودهم أمام جميع المصائب والمحن. شهد العام 2017 أرقامًا قياسيّة في الإعدامات والاعتقالات وإطلاق النار والقمع وأحكام السجن وإسقاط الجنسيّة.
في شوارع المنامة، وعند مداخل الدراز ومنعطفات الطرق المؤدية إليها، وفي جميع بلدات البحرين، تقف مدرّعات وآليّات الشرطة البحرينيّة، مستعدة للدفاع عن نفسها ضد الوردة التي قدّمتموها يومًا لهم بقلبٍ كبير ملؤه التسامح. إنهم دائما على وضع الاستعداد، يخشون عقولكم الجميلة، في حين تتمنّون أنتم أن تلتقوا معا على ذات الصفحة، يومًا ما، لتكتبوا عليها المستقبل لبحرين موحّدة. إنهم يعملون بعزم بهدف هزيمتكم، وأنتم تعملون بعزم لانتصار الوطن.
ليس هذا سوى دليل على أنّ هؤلاء الذين يحاولون إسكاتكم يفشلون، وأنهم عاجزون حتى عن التحدّث إليكم من شدّة الغضب. إنهم يحاولون دفنكم، لكنكم تنهضون من بين الرماد مجدّدا! تنهضون باتّجاه الحريّة، متخطّين المعتقل والمنفى والرصاص الحيّ، وكما قال "جلال الدين الرومي"، «ولتعلم أن ما تسعى إليه يسعى إليك».
أنتم من أثبت للعالم أنّ "الأحمر" هو لون الحب، ليس بسبب العَلم أو الورود أو القلوب، بل بسبب ذلك الدم الذي سفك باسم البلد الجميل، وباسم الحريّة.
إلى شعب البحرين؛ رغم جميع المحاولات لإحباط عزمكم وانتفاضتكم وإجباركم على اليأس، لقد شهد العالم أنكم وقفتم صامدين، وقلتم بالفم الملآن إنّ ما بقى هو الأمل في الحياة والرغبة في أن تعيشوا آمنين، بحرية وكرامة.
* مترجمة لبنانية