افتتاحية حصاد 2017: التضحية غير المجدية

2017-12-30 - 5:40 م

مرآة البحرين (خاص): افتتحت السلطة في البحرين عامها المنصرم بإعدام ثلاثة شبان معارضين على خلفيات سياسية، وأعقبته بقتل خمسة شبان معتصمين سلمياً بالدراز أمام منزل آية الله الشيخ عيسى قاسم، وختمته في 25 ديسمبر بإصدار محكمة عسكرية الحكم بإعدام 6 بحرينيين، قالت الداخلية إنهم شكّلوا خلية إرهابية للشروع في اغتيال القائد العام لقوة الدفاع، وأمرت بإسقاط جنسيتهم مع 7 آخرين.إنها تستحق بجدارة لقب  حاصدة الأرواح.

إنها بهذه الممارسة تتخلى عن وظيفتها الرئيسة المتمثلة في توفير الشروط الضرورية التي تمكن مواطنيها من ممارسة حرياتهم والعيش في أمن وسلام، وتستبدلها بممارسة السلطة لإرهاب مواطنيها وإذلالهم.

تمثل تجربة البحرين مثالاً لحالة العنف الذي تمارسه الدولة ضد مواطنيها، ويمكنها أن تكون عينة للدول التي درسها بول دوموشيل في كتابه (التضحية غير المجدية) الذي يتناول "الفضيحة الناشئة عن التناقض بين ما يشكل الوظيفة الرسمية للدولة، أي حماية أفرادها، والسياسات الهادفة إلى اجتثاث عدد كبير منهم"بول دوموشيل، التضحية غير المجدية بحث في العنف السياسي، ص196.

التضحية بالمواطنين لا يحفظ لبقية المواطنين أمنهم، ولا يحفظ للدولة سيادتها، ولا وظيفتها المحتكرة للعنف، بل يفتح عليها تدخل المنظمات الحقوقية والدول الأخرى، وقوى ممارسة العنف المضاد، فتخسر أمنها وسلامها واستقرارها، إنها تضحية غير مجدية، وهي أقرب للانتحار أو أن يطعن الشخص نفسه.

استخدمت السلطة في البحرين كافة أشكال التضحية غير المجدية ضد مواطنيها: اتهام المواطنين بإخفاء السلاح، إخفاء المطلوبين وتقديم الطعام إلى المحتجين، إرسال العصابات المسلحة والعسكريين إلى عوائل المعارضين، تحويل أعمال الاحتجاج السلمي إلى أعمال إرهابية، الحكم على المدانين بالإعدام والسجن المؤبد وإسقاط الجنسية.

هكذا تدفع العائلة الحاكمة عن نفسها الشر بالتضحية الهمجية بمواطنيها، لتبعد عن نفسها كما تظن أشباح الشر وأطياف جيش الموتى وأطفال الغابة والسائرين البيض كما في المسلسل الشهير (صراع العروش).

إنه العنف الذي تستخدمه العائلة الحاكمة لأغراضها الخاصة، يوسع هذا العنف مغانم فئات على حساب فئات أخرى، لكنه يُفقر خزانة الدولة، ويضطرها إلى أن تشحت مرتبات موظفيها شهرياً من دول أخرى تضعف سيادتها. إن هذا العنف خلاف العنف الذي تستخدمه الدولة لإقرار النظام وتوحيد المجتمع وإبعاد الفوضى الهدامة.

ما وصلنا له من إفلاس وشيك للدولة، هو حصيلة هذه التضحية غير المجدية التي تحصد أرواح المواطنين.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus