آي بي تايمز: أحلام حسن: ابني المصاب بالسرطان يُعذّب في سجن بحريني ومع ذلك تلتزم الحكومة البريطانية الصّمت

أحلام حسن - موقع آي بي تايمز - 2017-11-14 - 12:53 ص

ترجمة مرآة البحرين

حين رأيت ابني الياس بعد أن تعرض للتّعذيب في سجن بحريني، كان هو الذي بادر إلى تهدئتي.

قال لي: "أمي، لا تبكي. الكاميرات موجهة نحونا. لا أريدهم أن يروكِ بهذه الحالة. لا تدعيهم يستخدموا هذا [الأمر] ضدّنا. سأروي لك ما مررت به. التزمي الهدوء وأنا أفعل ذلك".

بصعوبة بالغة، أبقيت حزني في قلبي -غير أنّي لم أبقَ أبدًا صامتة. الياس يموت في السجن، ويجب الإفراج عنه لكي يستطيع مواجهة السرطان الذي يقتله. لقد خُذِل من قبل النّظام القضائي في البحرين. وهذا الشّهر، خُذِل مجددًا من قبل ألستير بيرت، وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، ومن قبل مكتب الخارجية والكومنولث، وقد زار البحرين وهو يعرف بشأن قضية ابني، وظلّ صامتًا بشأن حقوق الإنسان.

كان الياس يبلغ من العمر 21 عامًا، كان شابًا متناسقًا، ويتمتع بصحة جيدة عندما تمّ اعتقاله في العام 2012 في منزلنا في البحرين من قبل قوات الأمن. وأثناء  الاعتقال، تعرض للضرب  والتّعذيب كما حرموه من النّوم، إلى أن وقّع في نهاية الأمر على اعترافات مُهيأة مسبقًا، وحُكِم عليه بالسّجن 15 عامًا.

في مارس / آذار 2015، انتهكت قوات الأمن حقوقه مع مئات السّجناء الآخرين، المّعتقلين في الحادث الفظيع في سجن جو، حيث تعذيب المعتقلين أمر شائع، وعوقِب السّجناء بشكل جماعي لأسابيع.  اختنق الياس بالغاز المسيل للدموع الذي تسرب إلى الممرات والغرف. وضرب عدد من عناصر الشّرطة الياس بعنف على معدته.

اكتشفنا إصابته بالسّرطان لاحقًا، في أغسطس / آب 2015. كان الياس قد أمضى بحلول تلك الفترة ثلاثة أعوام في السّجن. ولم تُعلِمنا إدارة السّجن بأنهم نقلوه [الياس] إلى مستشفى قوة دفاع البحرين.

علمنا بالأمر من معتقل آخر، خصّص الاتصال الأسبوعي [الوحيد المسموح له به] لإعلامنا بالخبر. سارعنا بالذهاب إلى المستشفى، غير أنّ قوات الأمن منعتنا من الدّخول. كان ذلك في الخامس من أغسطس / آب: في اليوم ذاته، خضع الياس لعملية جراحية، وتم استئصال جزء من القولون لإخضاعه للتّحاليل.

مضت خمسة أيام قبل أن يتم السّماح لي  في نهاية الأمر برؤية ولدي. بدا مُنهكًا. السّجن والتّعذيب والمرض جعلوه يبدو أكبر من أعوامه الأربع وعشرين. وقد أعطانا الأطباء في المستشفى نتيجة التّشخصي: سرطان في القولون في المرحلة الثالثة.لم يكونوا قد أخبروه بعد، وبدلًا من ذلك، وضعوا على عاتقي مهمة إخباره بهذا الأمر.

كان الياس يكافح [مرض السرطان] منذ عامين حتى الآن. وضعه الصحي يزداد سوءًا، ومن الأسباب الرئيسة لذلك، الإهمال الذي يتعرض له في السّجن. غالبًا ما تهمل [إدارة] السّجن اصطحابه إلى المستشفى عند وجود موعد، تكون في بعض الأحيان قد حُدِّدَت قبل أشهر.

لكن عندما اصطحبوا الياس إلى المستشفى، كان هناك محنة. نظام المناعة لديه لا يعمل بشكل جيد، مع ذلك، فقد وضعوه في عربة مُدَرّعة من دون تهوئة، غالبًا مع سجناء يعانون من أمراض معدية. وقد وضعوا القيود في يديه ورجليه، كما لو أن ابني، الذي يستطيع بالكاد أن يأكل أو ينام، بشكل تهديدًا. وعندما كان يخضع للعلاج الكيميائي، لم يكونوا أبدًا يدعونه يرتاح: فبمجرد انتهاء العلاج، كان يُعاد إلى السّجن. وبحلول نهاية اليوم، كان يعاني من ألم شديد في الظهر، ومن النزيف في ساقيه، بسبب الأصفاد والسّلاسل.

هذا العام، ازدادت الأحوال سوءًا في السّجون. الياس محتجز في ظروف قذرة في السّجن، ويتم إبقاؤه في زنزانته 23 ساعة في اليوم. البحرين تنتهك قانونها نفسه من خلال ترك السّجناء يموتون. مُنِع الياس من الحصول على دواء يحتاجه. لا يستطيع المستشفى إعطاءه إيّاه من دون تحليل البراز، لكن على مدى الـ 45 يومًا الماضية، فشلت [إدارة] السّجن في تأمين وعاء للياس. يعاني ابني من ألم فظيع. وقد أخبرني أنّه يفضل الموت على أن يتعرض لهذه الإهانة المتواصلة.

حين تم تشخيص إصابة الياس للمرة الأولى بمرض السّرطان، وجه محاميه رسالة فورًا إلى الهيئات القضائية يطالبها فيها بالإفراج عنه. ينص القانون البحريني على أنّه في حال كان معتقل ما يعاني من مرض يهدد حياته، يمكن تأجيل تنفيذ العقوبة بحقه. لم يتم الرّد على الرّسالة. مع ذلك، كان الدّعم الذي لقيه الياس يثلج الصدر. ساعدنا مركز البحرين للحقوق والدّيمقراطية على إيصال القضية إلى مجلس النّواب البريطاني، ونحن ممتنون للنائب توم برايك، الذي سأل مكتب الخارجية والكومنولث عما إذا كانوا سيثيرون قضية الياس مع الحكومة البحرينية.

استغرق الأمر شهرًا ليرد ألستير بيرت، وزير الخارجية لشؤون الشّرق الأوسط، فقد بجملتين: "نحن نشجع أولئك الذين لديهم شكاوى بخصوص المعاملة أثناء الاعتقال على  تبليغ هيئات الرقابة المختصة المعنية بوضع حقوق الإنسان. تواصل المملكة المتحدة تشجيع حكومة البحرين على المواظبة على النّجاح في تحقيق التزاماتها الدولية والداخلية في مجال حقوق الإنسان".

مع ذلك، تقدمت بثماني شكاوى إلى أمين التّظلمات لدى الشرطة منذ العام 2015، ولم أحظَ بأي مساعدة. الشكوى الأولى كانت تتعلق بتعذيب الياس بالإضافة إلى مئات المعتقلين الآخرين في سجن جو في مارس / آذار 2015، عندما ضربه عناصر [الشرطة] بلا رحمة. لم أتلق أي رد.

لقد صُدِمت عندما زار السيد بيرت البحرين خلال الشّهر الحالي، وأشاد "بإنشاء هيئات الرقابة على حقوق الإنسان وتطوير مؤسسات قضائية فاعلة وخاضعة للمساءلة". السيد بيرت يعرف بشأن قضية ابني، وقضايا كثيرين آخرين يعانون اليوم/، مع ذلك، ليس هنا أي مؤشر على إثارة أي مخاوف.

إن كانت مثل هذه المؤسسات موجودة حقًا، وفقًا لما يؤكده كل من السيد بيرت والسفارة البريطانية في البحرين، فإنّ الياس لن يموت في السّجن.

 

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus