’مرآة البحرين’ تحاور غسان بن جدو: ميدان البحرين في ’الميادين’... بالحكمة و’التغطية’ الحسنة!

2012-05-09 - 7:24 ص



"مرآة البحرين" تحاور غسان بن جدو: ميدان البحرين في "الميادين"... بالحكمة و"التغطية" الحسنة!


مرآة البحرين (بيروت): محمد السواد

إن هذا لم يعد سرّاً: "ربيع البحرين" لم يحظ بنصيبه من الإعلام العربي. حتى عبر الإعلام غير الناطق بالعربية عن هذا الواقع بالقول إنه مثل "صرخة في الظلام". لكن ماذا عن "الميادين"؟ القناة المرتقبة التي يديرها صحفي عربي مرموق نعرف الآن أن واحداً من أسباب استقالته من قناة عربية مرموقة أيضاً "الجزيرة" كان للصدفة: "ربيع البحرين". يقول غسان بن جدو "في النهاية، إن شيئاً ما سيفرض نفسه. إن هناك ملفاً ساخناً في البحرين". يضيف "سنتعاطى مع الواقع، سننقل ما يجري، ونترك التعليق إلى المعارضة والسلطة، سواءً بسواء. من سيغيب سيغيّب نفسه". "مرآة البحرين" التقت غسان بن جدو في بيروت، وحاورته بشأن قناة "الميادين" التي ينوي إطلاقها في يونيو/ حزيران المقبل، فيما يلي مقتطفات:

مرآة البحرين: إلى أين وصل التحضيرات في قناة "الميادين"؟


غسان بن جدو: نقترب من الخطوات ما قبل الأخيرة. هذا مشروع يستغرق وقتاً طويلا. كل القنوات الإخبارية الجادة، تستغرق التحضيرات لها سنة أو سنة ونصف كحد أدنى، إلى أن تصبح جاهزة. نحن عملياً، لم يمض على عملنا أكثر من سبعة أشهر. ومع ذلك فنحن الآن في الخطوات الأخيرة. ستكون هناك انطلاقتان للقناة، انطلاقة أولى في مقرنا المؤقت. وانطلاقة ثانية في وقت لاحق لا أريد أن أحددها متى. لكن الانطلاقة الأولى ستكون بطاقة 70 في المئة تقريباً. نحن حريصون على الإنطلاق في هذا الوقت لأننا نعتبر أن اللحظة العربية الراهنة تحتاج لأن تكون هناك وسائل إعلام حاضرة. في حين نخشى أن يصيب زملاءنا بعض الاسترخاء والروتين. ثم أن قناعتي هي، أننا نستطيع أن نتطور ونتدرج، على الهواء مباشرة. أستطيع أن أخبرك بأن انطلاقتنا ستكون بعد شهرين، ليس لديّ توقيت قطعي، لكن خطتنا أن ننطلق في يونيو/ حزيران المقبل.

المرآة: كيف ستتعاملون مع الملف البحريني؟


بن جدو: سنتعاطى مع الملف البحريني بشكل واقعي. في النهاية، هناك ملف ساخن في البحرين، وهو بلد خليجي عربي يعز علينا جميعاً. لن نعتم على ما يحصل في البحرين كما يفعل غيرنا، لكن في الوقت نفسه، لن نلجأ إلى التضخيم والفبركة وتزوير أشياء لم تحصل. أعلنا منذ البداية سياستنا، نحن مع الحريات، مع الإصلاح، مع الديمقراطية، ونعتقد بأن ما يحصل في البحرين هو حراك شعبي إصلاحي. أي شيء سيحصل في البحرين سنغطيه وسنتحدث عنه، لكن في الوقت نفسه نحن حريصون على استقرار البحرين. لا نريد أن تنتهي الأمور إلى الفوضى والدمار الاجتماعي الداخلي في البحرين أو خارجها. لن نكون وسيلة إعلام تحريضية كما لن نكون وسيلة إعلام مجاملات. سنكون متوازنين، أنصار السلطة سيكونون حاضرين وأنصار المعارضة أيضاً.

المرآة: حديثك عن استقرار البحرين فضفاض. اليوم السلطة البحرينية تقول إن البلد مستقرة!

بن جدو: ما أقوله لا يقتصر على البحرين وحدها، إنني أتحدث عن رؤية أشمل للمنطقة العربية. نحن نعايش مرحلة الآن ميزتها هي الحراكات الشعبية. أخشى ما أخشاه أن نصل إلى مرحلة تصبح فيها الفوضى هي اللغة السائدة، يصبح فيها التدخل الخارجي هو الفيصل في حل المشاكل الداخلية، سواء لهذا الطرف أو ذاك. عندما أقول "استقرار"، أعني به أن هناك حراكاً شعبياً إصلاحياً قائماً في البحرين، ونحن سياستنا مع الإصلاحات، مع الحريات، لكن في الوقت نفسه، نحن لسنا حزباً سياسياً ولا مؤسسة دينية ولا سلطة. نحن وسيلة إعلام! نريد أن ننقل الواقع كما هو، لا نريد أن نكون أداة تحريضية، لا على الفتنة المذهبية ولا على الفتنة الطائفية ولا على تدمير البلد. لكن إذا حصل حراك وواجهته الدولة بالقمع وسقط فيه ضحايا، سنتحدث بلا حرج عن هذا الأمر. سياستنا في التعاطي مع الملف البحريني، هي أن تكون جميع الأطراف حاضرة في قناتنا، من يغيب فهو يغيّب نفسه باختصار شديد. سنحاول أن يكون لدينا مراسل في البحرين، سنسعى لأجل ذلك بشكل قانوني ورسمي.


  • هؤلاء يكابرون!

المرآة: هل تنطلق من مقاربة خاصة للأزمة البحرينية؟


بن جدو: قناعني هي أن هناك حراكاً في البحرين، يستوجب المتابعة. من ينكر هذا الأمر، يكابر. صادفت بعض الإخوة والأصدقاء الخليجين ينكرون أن هناك أزمة في البحرين أصلاً، حتى تحتاج حلاً سياسياً جدياً. هؤلاء يكابرون ولايفكرون بواقعية. إذا استمرت هذه النظرة، فإن البحرين ستبقى في دوامة. قد يكون لإيران تأثير على جزء من المعارضة البحرينية، وهذا ليس خافٍ ولا أستبعده، لكن أن ننسب الحراك البحريني إلى إيران فذلك فيه ظلمٌ كبير للمحتجين البحرينيين. وفيه أيضاً  إعلاءٌ من شأن إيران! بحسب ما أفهم من الجانب الإيراني، فإيران لو أرادت أن تتدخل فعلياً لتدخلت بطريقة أخرى، فهي قادرة على التدخل. لكن في هذه اللحظة، إيران تريد أن تحافظ على مكاسبها والتخفيف من أضرارها، لا تريد الآن أن تحصل على مكاسب إضافية. هناك مكاسب إقليمية حصلت عليها، خصوصاً في العراق، وسياستها الآن هي المحافظة عليها. هناك ثغرات ماثلة تشوش على هذه المكتسبات، وهي تريد أن تخفف أضرارها، لا سيما فيما يتعلق بالملف السوري. لكنها لا تريد تحقيق مكاسب إضافية أخرى، لأن سعيها الآن إلى تحقيق أشياء إضافية يعني الدخول في صراع آخر. هذا ما أفهمه من السياسة الإيرانية، إيران لا تريد حاليا أن تدخل في صراع مع السعودية أو غيرها.

  • زيارة نجاد للجزر الإماراتية

المرآة: لكن إيران صعدت في الفترة الأخيرة في الخليج بزيارة الرئيس الإيراني إلى جزيرة أبوموسى!


بن جدو: أعتقد أن زيارة أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى هو خطأ لا مبرر له وبلا معنى تقريباً. إيران قوية في الأساس، ولا أرى أي مبرر لهذا التصرف. لكن إن شئت، أقول ربما هو جزء من رسالة أراد بها نجاد إثبات حضوره أكثر من كونها قضية إستراتيجية. والدليل على ذلك، أن إيران تجاهلت تماماً التصعيد الخليجي إزاءها. التصعيد كان خليجياً أكثر منه إماراتياً. ومن الصعب الاعتقاد، أن إيران ستسكت أو تبقى صامتة قبال ذلك، لو أن الأمر كان ذا بعد إستراتيجي. إن العراك الدائر الآن في المنطقة استراتيجي دموي وليس سياسياً، أو يتجه لأن يكون كذلك. إيران تتعامل مع الملف السوري الآن كما لو كان مسألة حياة أو موت استراتيجي. أي ليس مسألة حياة أو موت إيراني! ذلك أن تغير الوضع بالكامل في سوريا يعني مزيداً من الحصار على إيران ومزيداً من الحصار للمقاومة حليفة إيران الحقيقية والإستراتيجية. إيران دورها ليس بسيطاً في الملف السوري، على الأقل سياسياً وإعلامياً، ولست أدري ما إذا كان ميدانياً أيضاً، رغم أنني لا أعتقد ذلك. في هذا السياق، ينبغي أن تضع مسألتي اليمن والبحرين. وفي الكويت أيضاً، صار مستشعراً الآن بروز أصوات شيعية تصعيدية. وهي تعتبر أن تصعيدها رد فعل على ما تعتبره هجوماً من خصومها، السلف خصوصاً، والجاري منذ أشهر طويلة. أخلص من كل ذلك، إلى أن إيران لن تلتزم الصمت طويلاً على ما يحصل. وأعتقد أن الأشهر المقبلة ستفسر كثيراً من الأمور.


  • لامناص من تسوية مع الإيرانيين


المرآة: تركيز وسائل الإعلام الإيرانية على الخليج لافت، وهو محط قلق عند صانعي القرار في الخليج. طريقة تغطيتها للملف البحريني وإصرارها على تسمية الخليج ب"الفارسي" هذا كله غدا يثير المخاوف. فإلى أين؟

بن جدو: ما يتعلق بتسمية "الخليج الفارسي"، هذا ليس جديداً وهو صراع على التسمية يدور منذ وقت بعيد، ولايعنيني. لكن ما يتعلق بأداء وسائل الإعلام الإيرانية في الملف البحريني، فقد سبق أن أشرت بأن الحراك الموجود في البحرين له صدى وتعاطف داخل إيران. هذا لا نقاش فيه وأظن بأنه يحتاج تعاطفاً من قبل أنصار الحرية في العالم العربي كله، وليس من قبل الإيرانيين وحدهم. في النهاية، فهؤلاء يريدون إصلاحاً حسب فهمي، لا أعتقد أنهم يريدون قلب النظام ما عدا بعض المتطرفين الذين انتقدتهم. ظني بأن الأداء الإعلامي الإيراني بدأ يأخذ وتيرة تصعيدية أكثر بعد دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين. منذ هذه اللحظة أخذت إيران تتعاطى مع الملف البحريني ليس بوصفه شأناً داخلياً إنما إقليمي. لاتنس في المقابل، أن تعاطي الدول الخليجية وإعلامها مع الملف السوري استدعى من الإيرانيين رد فعلٍ أيضاً، ليس فقط دفاعاً عن سوريا ولكن تصعيديا وهجوميا. في النهاية، عليك أن تنظر: هل نستطيع أن نزيل إيران من الخريطة؟ لا نستطيع، إيران بلد مجاور إقليمي. ماذا نفعل له؟ ليس علينا نحن الخليج والعرب إلا أن نتعاطى مع إيران كدولة إقليمية أساسية ونتباحث معها حول حل سياسي. لكن أيضاً، على إيران أن تتعاطى مع الدول الخليجية ككيانات مستقلة قائمة بذاتها، أي غير تابعة لها ولا لغيرها. الأمر نفسه بالنسبة إلى الدول العربية الأخرى، عليها أيضاً أن تتعاطى مع الدول الخليجية  باعتبارها كيانات مستقلة.

المرآة: لكن الواقع يقول إن السعودية تجر بقية دول الخليج دائماً إلى خصومها؟

 
بن جدو: قلت إنني أتمنى على إيران أن تتعاطى مع الدول الخليجية ككيانات مستقة، وعلى الدول الخليجية أن تفعل المثل. وهذا يشمل المملكة العربية السعودية أيضاً، أي أن تتعاطى مع هذه الدول، لكن من دون أن تتدخل فيها بشكل مباشر. الكويت اليوم تجترح سياسية تقوم على التطبيع الكبير مع العراق، وما حضور أمير الكويت (الشيخ صباح الأحمد الصباح) شخصياً إلى قمة بغداد الأخيرة إلا أحد شواهد ذلك. كما تبني علاقات جيدة وطبيعية مع إيران. وشخصياً لا أعتقد أن هذه السياسة يمكن أن ترضي بعض الدول الخليجية. الكويت حريصة جداً ليس فقط على استقلالها، لكن أيضاً على مصالحها. في النهاية، تدرك الكويت أنه إذا خاصمت العراق أحدث هذا مشكلة، وإذا لم تتعاون بشكل كبير مع إيران والسعودية أحدث هذا مشكلة أيضاً. هي، تماماً كما الامارات العربية المتحدة، لا تريد تصعيداً مع إيران بل التهدئة. وهي ليست راضية كثيراً عن التصعيد الخليجي والعربي بإزاء الملف السوري. وعمان تتجه أيضاً إلى هذا الموقف.

المرآة: تتجه إلى ماذا؟


بن جدو: عمان تريد تسوية سورية - إيرانية  - أميركية في المنطقة. أؤكد لك أن وزير الخارجية العماني  (يوسف بن علوي بن عبدالله) عندما زار إيران قبل أشهر طرح هذه القضية معهم. حتى وإن نفت إيران، وإن نفت عمان، لكن المعلومات مؤكدة بأنه كان يطرح تسوية ما، علاقة ما، حواراً ما، بين إيران وأميركا، لمعالجة المشكلة المتفجرة الآن في الخليج. إن عمان دولة عاقلة، تدرك أنه في حال استمر التصعيد على ما هو عليه الآن، سيحدث مشكلة إستراتيجية حقيقية، وسيؤدي إلى إراقة كثير من الدماء. أي لن يقتصر على مجرد صراع إعلامي وتصعيد من هنا وهناك، إنما دماء حقيقية.

  •  المذهبية... خط أحمر

المرآة: لنعد إلى قناة "الميادين". كيف ستقارب الملف الطائفي المتفجر في المنطقة، خصوصاً في منطقة الخليج؟

  &&qut2&&
بن جدو: أبشع ما هو موجود الآن في البلدان العربية، هو تقسيم الناس على أساس مذاهبهم. وهذا يعبر عن ثقافة السواد الكالح، وهي آخذة في الاستشراء والنخر في أجسامنا ووعينا. هناك أطراف حريصة على تغيير هذا الصراع والتنابز المذهبي، ولكن هناك أيضاً فضائيات ممولة من دول تعمل على إذكاء هذا الصراع. في "الميادين" فإن هذا الموضوع بالنسبة إلينا يمثل خطاً أحمر، لا يمكن أن نخوض فيه إطلاقاً لا من بعيد أو قريب. ستكون لدينا برامج ذات بعد فكري وإسلامي تسلط الضوء على فكر التنوير، والتعايش وكوننا أمة واحدة مع وجود اختلافات. لن نسمح للمتطرفين من الجانبين أن يتخذوا "الميادين" منبراً من أجل سب الآخر وشتمه، أو إثارة النعرات الطائفية والمذهبية. عندما أتحدث عن برامج فكرية إسلامية لا أعني بذلك أنها ستكون منابر عامة. نريد لها أن تكون فسحة حوار جدية تغوص في عمق الأشياء، لكن من دون أن تتحول إلى منبر للمتطرفين أو دعاة المذهبية. أعتقد أن هذا خط أحمر، سنشدد عليه دائماً في قناتنا، ليس فقط فيما يتعلق بالسنة والشيعة، إنما بين كل الأطراف، بما في ذلك ما يتعلق بالمسلمين والمسيحين. ربما نكون القناة الوحيدة في العالم العربي التي ستبث برنامجاً خاصاً عن المسيحين والثقافة المسيحية "أجراس في المشرق"، ذلك أنهم أبناء هذه الأمة. بمثل سنتعاطى مع هذا النوع من المسائل.

المرآة: هناك حساب باسمك انتشر في "تويتر" في الآونة الأخيرة، وأصبح لديه في غضون إسبوع واحد حوالي 8 آلاف متابع. وقد تطرق إلى هذا الموضوع.

بن جدو: ليس لدي حساب في "تويتر"، وأنفي بشكل قاطع أن يكون هذا الحساب عائداً لي. هناك عشرات الحسابات على "فايس بوك"، باسمي، لكن  واحداً منها يعود لي، وحتى هذا لست أنا من يديره. إنني متفرغ بشكل كلي حالياً إلى القناة، وأريد أن أحمي مشروع "الميادين". لا أدري من يدير هذه الحسابات، ولكنها تواترت. حتى أن هناك من فتح حساباً باسمي على "الميادين" وأخذ يتلقى رسائل مرسلة إلى القناة. حين تتبعنا الحساب، اكتشفنا أنه يعود إلى جهة موجودة في إحدى دول الخليج العربية، في البحرين! هل هي جهة أم شخص لا ندري. أيضاً، قبل فترة تم تداول بكثرة مقال باسمي بعد نشره  في صحيفة "العرب" القطرية، ينتقد قطر وبعض الشخصيات الخليجية. وهو مكتوب بطريقة جميلة جداً! لكن لم أكن من كتبه وليست لي علاقة به على الإطلاق. حتى أنني اضطررت لإصدار  توضيح في ذات الليلة التي نشر فيها، وقمت بإرساله إلى الصحيفة، لكنهم رفضوا نشره. لاعلاقة لي بكل ذلك، ولا بأي من الكتابات التوتيرية، هذا ليس إسلوبي، وحتى موقعي الشخصي، سأقوم قريباً بإغلاقه. رصدنا محاولات جديّة لاختراقه وفبركة أشياء شبيهة بهذه المسائل، إلا أننا قمنا بصدها مباشرة. سأكتفي فقط بموقع "الميادين".


المرآة: كيف تعلق على ما يثار بشأن تحولك إلى المذهب  الشيعي، وهذا جرى التركيز عليه من طرف منتحل شخصيتك على "تويتر"؟


بن جدو: عندما أنفي أنني تحولت إلى المذهب الشيعي، هذا لا يعني تهويناً من شأن المذهب الشيعي أو الشيعة، لكن ذلك هو الواقع. أنا لا أعتقد أن هناك مصلحة أو ما يمكن أن يعني أي شيء، أن يتحول سني إلى شيعي، أو العكس. يريد البعض  أن يجرني إلى مسائل أخرى، وأن نتلهّى بهذه الطريقة. للأسف، إنني مضطر للتكرار، بأنني مسلم سني منذ ولادتي، وأمي مسيحية، لم أتغير. ولدتُ هكذا، وبقيتُ هكذا، وسأدافع عن الشيعةِ، وفي حقهم أن يكونوا شيعة، وأن يتمتعوا بحقوقهم في أي بلد. تماماً، كما أدافع عن السني في أي مكان. إنها مشاكل مفتعلة. هناك كلام أيضا يدور عن "الميادين"، إنها ممولة  من هذ الطرف أو ذاك، وأن لدينا أزمة، وخلافات، وعندما تربط كل هذه الحلقات  تجد كما لو أن هناك "مايسترو"، وظيفته تشويهك ومحاصرتك. لكننا ماضون قدماً، هذا الأمر ليس جديداً.

  • سجّل أنا مع إعلام المسئولية

المرآة: سينشر هذا الحوار في 3 مايو/ أيار الموافق ليوم الصحافة العالمي. كإعلامي مرموق، جيد أن يعرف القراء جانباً عن  طريقتك في العمل، كم ساعة في اليوم تعطيها إلى "الميادين"؟


بن جدو: اسأل الزملاء،  إنني حاضر دائماً، حتى في فترات الليل. ليس لدي عطلة، بما في ذلك يوم الأحد، العطلة الأسبوعية. "الميادين" ليست مشروعاً شخصياً، بل مشروع مسؤولية. أعني بذلك، أننا في وضع عربي، أزعُم أنه يحتاج إلى "الميادين" وأمثالها. إلى الإعلام الحريص على التوازن، وعلى الدقة والموضوعية. لكن أيضاً على الشجاعة والجرأة والوضوح. أيضاً، هناك مسؤولية أمام رأي عام يحتاج إعلاماً كهذا، وينتظر أن نقدم له شيئاً مفيداً. إضافة إلى المسؤولية أمام زملائنا وزميلاتنا الموجودين معنا. نحن حريصون سويةً على أن ننجح هذا المشروع. أنا أعتبر "الميادين" مشروع جيل، وليس مشروع شهر، أو سنة. لذا ينبغي له أن ينجح. الجميع يبذل جهده من أجل هذه اللحظة، لكنني في الأقل، المسؤول الأول. أقول، هو مشروع المسؤولية بكل أبعادها، الأخلاقية والمهنية والحضارية والتاريخية والثقافية. عملي كله تقريباً الآن ينصبّ في "الميادين"، وهو يأتي على حساب عائلتي.

المرآة: في يوم الصحافة، ما كلمتك للجيل الجديد  الفتي من الصحفيين، الذي يشكل بالمناسبة النسبة العميمة من الكادر العامل في "الميادين"؟

بن جدو: لا أريد أن أنصب نفسي ناصحاً لزملائي، أنا تحدثت عن "الميادين"، هو مشروع المسؤولية، هذا يكفي. هل تعلم كم كنت أستقذر في السابق مصطلح "الإعلام المسؤول" لكثر ما ردده وزراء الإعلام في بلادنا العربية! في حين لم يكونوا يقدمون لنا، في الواقع، إلا إعلاماً خشبياً تافهاً. كانوا يرفعون هذا الشعار الحق "الإعلام المسؤول" فيما يراد به الباطل. رغم ذلك فأنا مع "الإعلام المسؤول"، أنا غسان بن جدو، في هذا اليوم، يوم الصحافة العالمي، أدعو إلى الإعلام المسؤول، الإعلام الذي ينطلق من المهنيه ومن الموضوعية، والالتزام. كما من الشجاعة ومن الجرأة والصراحة. أتمنى  أن يكون شعارنا لهذا العام هو "الإعلام المسؤول"، الذي يبتعد عن التحريض والفتنة. إنني أشعر أن جزءاً من الإعلام العربي للأسف  أصبح شريكاً في سفك الدم، لم يعد شريكاً في الحريات و لا في الانتفاضات أو الثورات، بل في إراقة الدماء. هذا ما لن نكونه.


 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus